بعد شهر يبدأ «دونالد ترامب» ولايته رئيسا للولايات المتحدة.. ملامح تشكيل ادارته تحددت الى حد كبير. الا أن توجهات فريق الأمن القومى تجاه قضايا وأزمات العالم بشكل عام وتجاه الشرق الأوسط بشكل خاص مازالت مثيرة للجدل وموضع تساؤل وحيرة وقلق سواء فى الدوائر الأمريكية المعنية بالأمر أو فى الأوساط العربية والشرق أوسطية. وبمتابعة ماينقل ويشار فى تصريحات ل «ترامب» فى لقاءاته العامة وفى «تويتاته» المتوالية حتى الآن تتأكد أسباب الحيرة ودوافعها. والأمر المحير كما أشار أكثر من دبلوماسى أمريكى فى لقاءات بواشنطن ليس ماقاله هو أو أفراد اداراته من قبل أو مايقال اليوم، ولكن ماقد يقولونه ويفعلونه بدءا من 20 يناير المقبل.. أما بالنسبة لادارته فالسؤال المطروح: من يكون الأكثر قربا من «أذن الرئيس ترامب»؟! وفى صياغة قراراته. وتتوالى زيارات وفود التعارف و«جس النبض» من كل دول العالم الى نيويوركوواشنطن من أجل التواصل مع أفراد وجماعات منتمية أو منتسبة للادارة المقبلة. وقد شهدت واشنطن يوم الأربعاء الماضى لقاء بين سفراء العرب ود. وليد فارس مستشار «ترامب» لشؤون الشرق الأوسط. وتباينت الروايات حول بعض ما قيل وما لم يقال فى هذا اللقاء الا أن النغمة المتكررة هى «شراكات جديدة» تعكس التعاون المرتقب بين أمريكا والدول العربية. ويذكر فى هذا الصدد أنه لم يتحدد بعد ولم يتم الاعلان عن موقع ودور «د . فارس» فى الادارة المقبلة. تكرار الاعلان من جديد عن نية وتوجه ادارة «ترامب» فى نقل السفارة الأمريكية الى القدس بالاضافة الى اعلان اسم المحامى اليهودى المتطرف «ديفيد فريدمان» كسفير أمريكى منتظر لدى اسرائيل أثارا ضجة سياسية ودبلوماسية واعلامية أمريكية ويهودية على وجه التحديد فى العاصمة الأمريكية. خاصة أن المرشح المذكور بتصريحاته الصريحة والصارخة لايعترف بحل الدولتين ويدافع عن المستوطنات وحقها فى التواجد والانتشار. الجدال حوله وحول اعتماده فى الكونجرس يزداد حدة وشراسة. ويأتى الحديث أيضا فى اطار ملف مهم تم فتحه منذ فترة وهو دور «جاريد كوشنر» زوج ابنة «ترامب» فى الادارة المقبلة وخاصة أنه متواجد فى اتصالات وتشاورات ولقاءات «ترامب» وله «وجهة نظره» و «رأيه النافذ» فى قضايا عديدة وعلى رأسها ملف اسرائيل. ولاشك أن اعتراضات أعضاء وقيادات الكونجرس على بعض اختيارات «ترامب» فى تشكيل ادارته تشير الى امكانية مواجهات قد تكون حادة مع بدء الولاية الجديدة. واشنطن ستشهد أياما ساخنة سياسيا واعلاميا فى شهرى فبراير ومارس المقبلين. ادارة الجنرالات والمليارديرات بشكل عام لن تواجه الا تساؤلات عن تضارب المصالح وعلاقاتهم مع قادة الدول الأجنبية وتحديدا «ريكس تيلرسون» رئيس مجلس ادارة «اكسون موبيل» للنفط والمرشح كوزير للخارجية وعلاقاته «البيزنس» المتشعبة والممتدة مع الرئيس الروسى «بوتين» وأيضا مع دول النفط فى الخليج. وخلال الأيام الأخيرة وفى اطار التكهنات والاستقراءات المحتملة لسمات أداء الادارة الجديدة من المرجح أن يكون لنائب الرئيس المقبل «مايك بينس» الدور الرئيسى والأهم فى التعامل مع تفاصيل الحكم مثلما كان الأمر مع نائب الرئيس السابق «ديك تشيني» فى ولايتى الرئيس بوش الابن. وفيما يخص فريق الجنرالات فان المتوقع أن يكون الجنرال «جيمس ماتيس» المرشح لمنصب وزير الدفاع له الغلبة غالبا خاصة أنه جنرال أعلى مرتبة من الآخرين بأربعة نجوم مقارنة بالجنرال «مايك فالين» ( صاحب ثلاثة نجوم) اختيار «ترامب» لشغل منصب مستشار الرئيس للأمن القومي. وهذا المنصب تحديدا ليس فى حاجة الى اعتماد الكونجرس ولكن قيادات جمهورية عديدة بالكونجرس لم تتردد فى الاعراب عن معارضتها لآراء ومواقف مختلفة للجنرال فالين. وبالنسبة للشرق الأوسط تبقى محاربة الارهاب هى القضية الرئيسية ولها الأولوية فى أجندة الادارة المقبلة. ومن ثم «مواجهة داعش» والقضاء عليها وبالطبع ايجاد شراكات عسكرية أمنية مع دول المنطقة لتحقيق هذا الهدف. الادارة الجديدة لا تريد الانخراط أو التورط عسكريا وسياسيا فى دول المنطقة أو أن تطالب وتشارك فى احداث تغييرات فى قيادات تلك الدول. الا أن «ترامب» نفسه وعددا من مستشاريه طرحوا مؤخرا امكانية اقامة مناطق آمنة داخل سوريا .. التعامل مع روسيا ومع الرئيس بوتين مازال ملفا يثير التساؤلات فى كل الأحوال. اتفاق ايران النووى بالمثل، خاصة أن «ترامب» ورجاله تفادوا فى الفترة الأخيرة تأجيج العديد من المواجهات التى كانت سببا فى اشعال المصادمات الشعبوية خلال الحملة الانتخابية. واشنطن عاصمة القرار الأمريكى تستعد لمرحلة جديدة وعهد جديد والادارة الجديدة بأجهزتها الانتقالية تواصل اختياراتها من أجل ملء وظائف نحو 4 آلاف شخص يشكلون رجال ونساء ادارة «ترامب». نحو ألف من هذه الوظائف فى حاجة الى اعتماد الكونجرس. وحسب ما تم ذكره فان عدد المتقدمين والمتقدمات لشغل وظائف الادارة الجديدة وصل الى نحو 60 ألفا.. وعمليات «الغربلة» وصفقات «النفوذ» ولقاءات «المصالح» مستمرة ولن تتوقف لحين اشعار آخر. فواشنطن والعالم كله على مشارف عهد جديد فى العام الجديد.