فوائد وأضرار الذكاء الاصطناعي.. تحقيق الفوائد ومواجهة التحديات    «سنعود بالكأس إلى المغرب».. تصريحات مثيرة من نجم نهضة بركان بعد الفوز على الزمالك    اللاعبات المصريات يواصلن التألق ببطولة العالم للإسكواش    اليوم، محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 13 مايو بعد انخفاضه في 7 بنوك    زيادة جديدة.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 13 مايو 2024 في المصانع والأسواق    البيضاء تواصل انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 13 مايو في البورصة والأسواق    بالصور.. نائب القاهرة للمنطقة الجنوبية تكشف تفاصيل تطوير مسجد السيدة زينب    استعداد المستثمرين لدعم رؤية الحكومة في زيادة أعداد السياح وتحفيز القطاع السياحي    10 معلومات عن السيارات الكهربائية.. مقرر طرحها للاستخدام خلال ساعات    الكرملين يؤكد بقاء رئيس هيئة الأركان العامة جيراسيموف في منصبه    مقتل 3 مدنيين وإصابة 5 آخرين بسبب قصف أوكراني جديد على مدينة بيلجورود    وكيل «خارجية الشيوخ»: مصر داعية للسلام وعنصر متوازن في النزاعات الإقليمية    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    قرار عاجل من اتحاد الكرة بسبب أزمة الشحات والشيبي    تدريبات خاصة للاعبي الزمالك البدلاء والمستبعدين أمام نهضة بركان    بطولة العالم للاسكواش 2024.. مصر تشارك بسبع لاعبين في الدور الثالث    خطأين للحكم.. أول تعليق من «كاف» على ركلة جزاء نهضة بركان أمام الزمالك    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    حدث ليلا| زيادة كبيرة في أراضي الاستصلاح الزراعي.. وتشغيل مترو جامعة القاهرة قبل افتتاحه    محاكمة متهمي قضية اللجان النوعية.. اليوم    تشديد عاجل من "التعليم" بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية (تفاصيل)    مرتديا النقاب.. سيدة تستعين بشاب للشروع لضرب صاحب سوبر ماركت في الوراق    مدحت العدل: أنا مش محتكر نيللي كريم أو يسرا    افتتاح مسجد السيدة زينب.. لحظة تاريخية تجسد التراث الديني والثقافي في مصر    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    «من حقك تعرف».. هل المطلقة لها الحق في نفقة العدة قبل الدخول بها؟    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    سر قرمشة ولون السمك الذهبي.. «هتعمليه زي المحلات»    أمير عزمي: نهضة بركان سيلجأ للدفاع بقوة أمام الزمالك في الإياب    المصريين الأحرار يُشيد بموقف مصر الداعم للشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية    سيرين خاص: مسلسل "مليحة" أظهر معاناة الشعب الفلسطيني والدعم المصري الكبير للقضية    مسلسل لعبة حب الحلقة 24، فريدة تعلن انتهاء اتفاقها مع سما    قصواء الخلالي تدق ناقوس الخطر: ملف اللاجئين أصبح قضية وطن    كاميرون: نشر القوات البريطانية في غزة من أجل توزيع المساعدات ليس خطوة جيدة    رئيس الوزراء الإسباني يشيد بفوز الإشتراكيين في إنتخابات كتالونيا    العدو يحرق جباليا بالتزامن مع اجتياج رفح .. وتصد بعمليات نوعية للمقاومة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تداهم عددا من المنازل في بلدة عزون شرق قلقيلية    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبًا    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد مستشفى الحميات وتوجِّة باستكمال العيادات (صور)    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    طلاب آداب القاهرة يناقشون كتاب «سيمفونية الحجارة» ضمن مشروعات التخرج    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    رئيس مجلس الأعمال المصري الماليزي: مصر بها فرص واعدة للاستثمار    الكشف على 1328 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وقوع حادث تصادم بين سيارتين ملاكي وأخرى ربع نقل بميدان الحصري في 6 أكتوبر    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    حظك اليوم برج العذراء الاثنين 13-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تعاند رئيسك    عمرو أديب يعلن مناظرة بين إسلام البحيري وعبدالله رشدي (فيديو)    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الاتجار إلى التضامن الإنسانى
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 12 - 2016

انتشر أخيرا خبر عن جريمة أثارت قلق الرأى العام واستهجانه، وهى جريمة سرقة أعضاء من بشر أحياء واستخدامها فى عمليات جراحية لمرضى من الأغنياء مصريين وأجانب. ارتكاب الجرائم ظاهرة مرتبطة بالمجتمعات البشرية، ولكن هذه الجريمة مفزعة بوجه خاص لأسباب عدة: فهى ليست جريمة ارتكبها شخص منحرف أو موتور بل جريمة قامت بها شبكة من الفاعلين المتعددين، من الوسطاء أو الخاطفين وأطباء التخدير والجراحين والممولين والكثير منهم يعرف أنه يقوم بعمل يجرمه القانون. كما أن الضحية فيها تكون إما شخصا قد اختطف غيلة وقتل وبيعت أعضاؤه وإما مريضا سرقت من جسمه أعضاء فى أثناء إحدى العمليات الجراحية، وإما فقيرا اضطر تحت ضغط الحاجة إلى أن يبيع أحد أعضائه مقابل مبلغ من المال. زراعة الأعضاء تقدم هائل فى تاريخ الطب فقد سمح بإنقاذ كثيرين كان الموت يتهددهم. وكان التقدم يتمثل فى إمكانية نقل أعضاء من الموتى إلى الأحياء. ولكننا فى مصر، منذ البداية، رفضنا أن نقترب من أى جثة وسمحنا فقط بالنقل من المتبرعين الأحياء. وكان الرفض المساس بالجثة يقوم على حجة أن الجثة ملك الله، وبالتالى لا يجوز الاقتراب منها. رغم أنه من حيث المبدأ كل مافى الكون ملك الله، وهذا لم يمنع الإنسان من التصرف فيه بالانتفاع والملكية والهبة والنقل. وفيما يبدو أن هذا التحفظ المصرى هو وريث التقديس الفرعونى للجثة لأن أغلب البلاد الإسلامية ومن بينها السعودية لم تجد أى غضاضة فى نقل الأعضاء من الموتى إلى الأحياء. المشكلة عندنا فى مصر أن هناك شبه إجماع من رجال الدين على رفض نقل الأعضاء من الموتي. وكان شيخ الأزهر السابق فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوى قد صرح بأنه يوافق على نقل الأعضاء وأعلن أنه يجعل من جسده صدقة جارية ينتفع بها الناس من بعده. وما إن صدر هذا التصريح حتى هبت عديد من المؤسسات الدينية لإنكار ما قال أو دعت إلى اعتباره رأيا شخصيا لا يرقى إلى مستوى الفتوي. وفى البرلمان المنتخب عام 2005 شن النواب من الإخوان المسلمين حرباً شعواء لمنع صدور قانون زراعة الأعضاء من الموتى ووقفوا ضده بكل الوسائل . كان الوضع مأساوياً، فكل منا يعرف أصدقاء أو أقارب أو زملاء سافروا إلى الخارج ودفعوا أموالاً طائلة لإجراء جراحة زرع أعضاء. والمحصلة القاسية لهذا الوضع هو أن الأغنياء فقط هم الذين يتمتعون بهذه الإمكانية فى إطالة العمر أما الفقراء فليس أمامهم إلا أن يموتوا كمداً وليس أمام ذويهم سوى معاناة اليأس والإحباط بسبب قلة الحيلة. وفجأة فى فبراير 2010 وفى غمار كل هذا اللغط صدر من مجلس الشعب قانون رقم 5 المعروف بقانون زراعة الأعضاء. يقول القانون فى مادة 14: «الا يجوز نقل أى عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسد ميت إلا بعد ثبوت الموت ثبوتاً يقينياً، تستحيل بعده عودته إلى الحياة، ويكون إثبات ذلك بموجب قرار يصدر بإجماع الآراء فى لجنة ثلاثية من الأطباء المتخصصين. وهكذا فالقانون يقر لأول مرة فى مصر بإمكانية نقل الأعضاء من الموتي. وهو ما يعنى تبنى تعريف الموت بأنه موت جذع المخ. الاستفادة بأعضاء من جسد ميت يطرح إشكالاً قانونياً: الجثة ملك من؟ هل هى ملك الورثة أم ملك الدولة، ويتجه التشريع إلى اعتبار الجثة ملك صاحبها، يقرر مصيرها فى حياته. فمثلاً فى الولايات المتحدة تم فتح مراكز يسجل فيها الشخص اسمه فى سجل المتبرعين بأعضائهم بعد الموت، ويأخذ بطاقة يضعها فى جيبه تفيد بذلك فى حالة تعرضه لأى حادث، أما فى فرنسا فقد اتجه التشريع إلى اعتبار الأفراد متبرعين تلقائياً، ومن لا يريد عليه أن يخبر السلطات بعدم رغبته فى التبرع.
ومما يستحق الإشادة فى القانون المصرى أنه طالب بتشكيل لجنة تضع قائمة بمن يستحق زراعة الأعضاء بحسب الأولوية، فالطفل أولى من الشيخ ومن يعول أحق من الأعزب، ويؤخذ فى الاعتبار أسبقية تقديم الطلب أو درجة الحرج فى الحالة ولا يؤخذ بأى حال فى الاعتبار القدرة المادية. ومن المعروف أن تكلفة العملية مرتفعة، ويُلزم القانون الدولة بدفع مصاريف عمليات المرضى الفقراء.
بعد صدور هذا القانون شعرنا بأن هناك انفراجة قد حدثت وأن هناك مواكبة لما أقرته باقى الأمم وأن هناك إعفاء للأحياء من التبرع بأعضائهم أو بيعها. ولكن هذا القانون للأسف حتى الآن لم يتم تفعيله لأنه ينتظر صدور اللائحة التنفيذية، رغم أن المادة 27 من القانون تقول: «تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من مجلس الوزراء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به . مازلنا نتخبط فى تفعيل هذا القانون الذى من شأنه أن يخرج زراعة الأعضاء من منطق الإتجار إلى منطق التضامن الإنساني، والذى يمكنه أن يضع حداً لمثل هذه الجرائم البشعة» .
لمزيد من مقالات د.انور مغيث;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.