أطلق مؤتمر أدباء مصر اسم يحيى الطاهر عبد الله على دورة هذا العام احتفاء بشاعر القصة القصيرة أو «الجنوبي» كما لقبه أمل دنقل فهو ابن الكرنك الفتى القادم من وراء ثنايا المعابد والآثار الفرعونية، كان أبوه شيخاً معمماً يقوم بالتدريس فى إحدى المدارس بالقرية، تلقى تعليمه بالكرنك حتى حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة وعمل بوزارة الزراعة فترة قصيرة، ثم انتقل إلى مدينة قنا والتقى بنجمى الأدب القنائى العامية الأبنودى والفصحى أمل دنقل ،وامتدت العلاقة بينهم فى رحلة صداقة طويلة، وكان يحيى شغوفاً بكتابات العقاد والمازني، وفى عام 1961 كتب أولى قصصه القصيرة «محبوب الشمس» وأعقبها بقصة «جبل الشاى الأخضر» وفى عام 1964 لحق بالأبنودى فى القاهرة وأقام معه حيث كتب بقية قصص مجموعته الأولى «ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً»، وأخذ يتردد على المقاهى الثقافية التى اشتهر بها وسط القاهرة إلى أن استمع إليه الأديب الراحل يوسف إدريس وهو يلقى احدى قصصه فى مقهى ريش ليُقدمه بعدها فى مجلة الكاتب، وعبد الفتاح الجمل فى الملحق الأدبى بجريدة المساء، وسرعان ما احتل مكانته كواحد من أهم وأبرز كتاب القصة والروائيين المصريين الذين عرفوا بجيل أدباء الستينيات. جاءت أعمال يحيى الطاهر لتتمرد على القوالب الثابتة فى القصة، فأوجد لغة خاصة به يمتزج فيها سرده بلغة شاعرية وإيقاعات منغمة، فأطلق عليه عدد من النقاد «شاعر القصة» فى الوقت الذى أطلق البعض الآخر على أدبه «القصة القصيدة» كما تمّيز عالمه بحضور قوى لعالم الأسطورة والخرافة. ورغم حياته القصيرة التى لم تتعد 43 عاما إلا انه استطاع أن يحقق ما لم يستطع الكثيرون من أدباء الستينيات تحقيقه، فكانت أعماله هى تاريخ جيل بكاملة وليست تاريخاً لحالة خاصة، حيث نقل تجربة جيل عاش فترة معينة وانعكست هموم الوطن على وجدانه وأحلامه واستطاع أن ينقل كل هذا ببساطة ويسر. نشرت أعماله الكاملة بعد رحيله فى عام 1983 وضمت مجموعة قصصية أعدها للنشر ولكنه توفى قبل أن تنشر وهى «الرقصة المباحة» ترجمت أعماله إلى الإنجليزية والإيطالية والألمانية والبولندية. ورثاه صديق عمره الشاعر الراحل أمل دُنقل بقوله الشهير: ليت أسماء تعرف أن أباها صعد / لم يمت / هل يموت الذى كان «يحيا»/ كأن الحياة أبد/ وكأن الشراب نفد/ وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد/ عاش منتصبًا / بينما ينحنى القلب يبحث عما فقد.