هذه المشاهد المأساوية فى حلب تعكس عمق الأزمة السورية التى بدأت قبل ما يربو على 6 سنوات على شكل مظاهرات احتجاج وغضب فى الشارع السورى فى إطار غمة الربيع العربى المزعوم وكانت كل الدلائل فى البداية تشير إلى قدرة المجتمع السورى على استيعاب دوافع الغضب والاحتجاج والتعامل معها بأقل قدر ممكن من الخسائر على ضوء ما شهدته تونس ومصر وليبيا مطلع عام 2011 من فوضى عبثية ولكن دخول أطراف دولية وإقليمية على خط الأزمة دفع بالأمور إلى فتنة مذهبية وحرب أهلية. ويهمنى أن أؤكد هنا أننى لا أستهدف الدفاع عن النظام السورى أو أن أبرر العديد من تجاوزاته وانتهاكاته عندما أقول: إن هذا النظام لم يكن عصيا على الانصياع للإصلاح ومراجعة الأوضاع والسياسات وإخماد نيران الفتنة مبكرا لولا وجود نية مبيتة لتحالف شرير يقوده سلطان تركيا رجب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد بالوكالة عن قوى دولية لم تخف يوما رغبتها فى نشر الفوضى وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد. ورغم تعدد أقطاب هذا التحالف الدولى والإقليمى الشرير إلا أن أردوغان وتميم كان لهما الدور الأكبر فى نسف أية جهود لإطفاء الحريق السورى بالتضليل والتزوير والتسليح والتمويل ومباركة إراقة الدماء وتعميق جذور التعصب والكراهية لتوسيع رقعة الاقتتال الأهلي... ومن حسن الحظ أن مصر انتبهت مبكرا لهذا المخطط الخبيث ولم تسمح لنفسها أن تنزلق ولو بالصمت والسكوت على هذه المأساة التى قدمت أسوأ نموذج للإبادة وانتهاك الحقوق والحرمات تحت رايات مضللة باسم ضرورة إزاحة الأسد حتى لو كان الثمن دمار وفناء الوطن السورى بأكمله. ولست أتجاوز الحقيقة إذا قلت أن الشرق الأوسط سيظل على حافة الخطر ما بقى هذين الرجلين متخندقين خلف سياسات عقيمة ولا أخلاقية ربما تشكل فى المنظور القريب خطرا على العالم بأسره.. ربنا يستر! خير الكلام: أصعب الأمور أن يعرف المرء نفسه وأسهلها أن يعظ غيره ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله