لم يعد بمقدور أحد يملك حسا عربيا وإنسانيا أن يصدق أن تلك المشاهد المأساوية فى الساحة السورية امتداد لحضارة التسامح التى لم تعرف من قبل صراعات الطوائف والأعراق الدائرة منذ سنوات على الأرض السورية كنموذج فج وفاضح لجرائم القتل وسفك الدماء وتخريب المنشآت على أسس عرقية وطائفية هدفها إضعاف الهوية العربية وطمس كل معالم الوحدة السياسية والثقافية لهذا البلد العريق. إن القضية لم تعد قضية البحث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وإنما الذى يجرى هو لعبة أممية خبيثة ترتكز إلى منظومة من الكذب المتبادل والمستمر بين الأطراف الإقليمية والدولية المتورطة فى المشهد السورى فالكل يكذب على الكل والكل يناور مع الكل وهى لعبة لم تعد تنطلى على أحد. وليس الذى نراه مرعبا ومؤسفا على أرض سوريا سوى استكمال لمسلسل بدأ على أرض العراق قبل 13 عاما مضت مع فارق بسيط هو أن قصف العراق كان قصفا مباشرا بأفظع ما فى الترسانة الأمريكية من صواريخ وقنابل بينما تغيرت الآلية مع سوريا باستخدام الفصائل الإرهابية لتنفيذ عمليات القصف والتدمير وتحت ذات الشعارات الخادعة التى جرى استخدامها ضد العراق باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان. وكما اندحر النموذج العراقى الذى بشروا به أمة العرب عند إسقاط بغداد سوف يندحر النموذج السورى المزعوم لأن كلا النموذجين لم يترك مجالا لأحد سوى الشك والحذر والتوجس من أى طرح أجنبى يتعلق بالمنطقة فى أى مجال من المجالات بعد أن انكشفت روشتة الديمقراطية المزعومة وسقطت أكاذيب حقوق الإنسان وتهاوت تحت أقدام جنود أمريكا فى العراق وسكاكين داعش وأخواتها فى سوريا! واحسرتاه على سوريا التى لم تجد من يحنو عليها من بعض أشقائها وهم غافلون عن حتمية امتداد الخطر نحوهم إذا تمكن سرطان الفوضى تماما من الجسد السورى الصامد حتى ساعة تاريخه! خير الكلام: كلما ضاق فكرك زاد عجزك عن استيعاب أفكار الآخرين! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله