أعتقد أن كل شىء أصبح واضحا، خاصة فيما يجرى على الأرض بمنطقة الشرق الأوسط، بداية بما سمى بثورات «الربيع العربى» وانتهاء باجتماع كامب ديفيد بين الرئيس الأمريكى وقادة دول الخليج، مرورا بهذه الشوكة الغريبة التى تم زرعها فى الجسد العربى والمسماة بتنظيم «داعش» وكذلك ما يحدث فى كل من ليبيا وسورياوالعراق واليمن.. حيث الحروب بالوكالة بين القوى الكبرى.. ومنتجى وتجار السلاح فى العالم. وأيضا الحالمون بعودة التاريخ إلى الأزمات الغابرة! فى الحقيقة لم يعد أحد ينخدع بمعسول الكلام، أو حملات العلاقات العامة.. والمتمثلة فى القرارات الدولية غير الملزمة، أو الزيارات المتبادلة لبعض الوفود، أو حتى بيانات التأييد والشجب. فما يحدث على أرض الواقع يكذّب كل ذلك والملاحظة الأولى فى هذا المجال أن شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان.. تستخدم حاليا من قبل الغرب وخاصة أمريكا كورقة ضغط لابتزاز دول المنطقة، فنتيجة هذا الربيع العربى المزعوم لا تخفى على أحد.. حيث تفككت كل من ليبيا والعراق.. بسبب حروب القبائل والتنظيمات المسلحة فى الأولى، وأيضا بسبب الاحتلال الأمريكى وداعش.. وقوات الصحوات وشباب العشائر والتضحية بأفراد الأمن وتغييب الجيش فى الثانية. وبالطبع لا يمكن أن ننسى ما يحدث فى سوريا الشقيقة.. حرب أهلية لا نهاية لها.. حرقت الأخضر واليابس.. وهدمت البيوت وهجّرت المواطنين.. إلى صحراء الدول المجاورة، حيث البرد القارس.. والحر القائظ.. مع غياب الغذاء.. وانتشار الأمراض. فمن الذى يعطى السلاح لكل من قوات النظام المعترف به.. وكذلك المعارضة المدسوسة فى تلك الأقطار الشقيقة؟.. وإذا كانت «الأنظمة الحاكمة» فى تلك الأقطار مازالت تسيطر على مُقدرات الأمور ومن ثم يتوافر لها بعض الأموال التى تمكنها من شراء السلاح للدفاع عن الأرض والعرض، فمن أين تأتى «المعارضة» فى تلك الأقطار بالسلاح المطلوب لاستمرار إثارة القلاقل للأنظمة الحاكمة، فضلا عن قتل الرجال والنساء وتيتم الأطفال، ناهيك عن تدمير المدن وحرق الممتلكات؟! وهل يمكن أن نصدق الإعلام الغربى الكاذب وبعض الإعلام العربى المغرض.. بأن «داعش» صناعة عربية؟.. وهل الدول العربية التى- قد تكون - مولته فى البداية.. أو شاركت مع تركيا فى تدريب أفراده.. منتجة للسلاح الذى يستخدمه هذا التنظيم.. والذى مكنه من استمرار احتلاله لمناطق شاسعة فى كل من سورياوالعراق وإقامة دولته الإسلامية المزعومة والذى يهدد بامتدادها على أراضى الدول العربية المجاورة؟! وماذا عن أنصار بيت المقدس.. وأنصار السنة.. والقاعدة.. وغيرها من التنظيمات المسلحة.. والتى تعيث فسادا فى الدول العربية من الخليج إلى المحيط ؟.. فمن أين تأتى هذه التنظيمات بالأموال والسلاح؟ ??? هذا عن نتائج الربيع العربى المخيب للآمال فماذا عن «الإمبراطوريات» المندثرة والتى يحلم أحفادها بعودة عجلات التاريخ إلى الخلف؟ فالكل يعلم أن تركيا تساعد المعارضة السورية وكذلك «الإخوان» ومواليهم من التنظيمات المسلحة فى كل من ليبيا ومصر. أما إيران.. أحفاد «الفرس».. فيساعدون النظام الحاكم فى سوريا.. ولهم اليد الطولى فى العراق وهم أيضا الرعاة الرسميون للحوثيين فى اليمن ناهيك عن تمويل وتدريب وتسليح حزب الله فى لبنان! هذا ما حدث ويحدث فى المشرق العربى ودول الخليج، ومن ثم كان على «العرب» أن ينتفضوا للحفاظ على أمنهم القومى.. وحماية بلادهم من «الغزاة» الجدد.. سواء كانوا أصليين أو بالوكالة. نعم.. كان على السعودية ودول التحالف.. ألا تسمح للإيرانيين بحصارها من الشمال فى العراق.. ومن الجنوب فى اليمن.. وكذلك الإمارات.. التى لها ثلاث جزر تحت الاحتلال الإيرانى ومعهما البحرين التى تعانى من تواجد «الطابور الخامس» الإيرانى على أرضها.. ولولا قوات «درع الخليج» العربية.. لكانت قد حصّلت العراق! ??? والسؤال الأساسى فى هذا المجال أين أمريكا من كل ذلك؟.. أليس هى التى تحاول حاليا إعادة إيران إلى الحظيرة؟.. بينما تحاول - بطريقة العلاقات العامة - طمأنة الدول الخليجية بأنها على العهد.. وسوف تظل فى حمايتها ضد أى عدوان خارجى!.. بشرط أن يقيموا مظلة «صواريخ» لحماية بلادهم من العدوان الإيرانى المحتمل! لقد تابع الجميع لقاء كامب ديفيد بين الرئيس الأمريكى وقادة دول الخليج.. وكانت النتائج واضحة.. مجرد كلمات معسولة.. ووعد غير ملزم، فأمريكا لن تخسر إيران.. ولن تغضب العرب. ??? خلاص.. وصلت الرسالة.. ومن ثم كان الاقتراح المصرى الفعال بضرورة إقامة قوة عربية مشتركة للدفاع عن الأمن القومى العربى.. الذى لا يتجزأ.. مهما تعكرت المياه بين الأشقاء. نعم.. سيظل العرب - وهم أكثر ذكاء من غيرهم مهما توهم البعض - يتابعون ما يحدث حولهم.. ويشاركون فى تلك الألاعيب الدولية التى أصبحت مكشوفة للجميع.. ولكنهم أبدا.. لن يسمحوا لأحد بالتلاعب بهم أو تهديد أمنهم. عمومًا.. وكما يقول الفرنسيون.. «هذه هى الحياة».. سيرك كبير.. ولا مانع من الفرجة عليه أو حتى الاشتراك فيه.. ولكن سيظل للعرب «خطوط حمراء» لن يسمح بتجاوزها.. فمقدرات الشعوب.. ليست «لعبة» يلهو بها الغير كما يشاء!