المطر غيث ونعمة يرسلها الله إلي بلد ميت فينبت الزرع وتخضر الأرض ويشتد عود النبات ، لكنه أيضا يحمل في طياته بعض الأحيان مخاطر تصل إلي حد الكوارث نتيجة السيول وهدم المنازل ووقوع الحوادث المزلزلة بعد رسائل الرعد والبرق ، لهذا دائما نسأل الله من خير المطر وأن يكون نافعا. في قرية سلامون القماش مركز المنصورة والتي تبعد عن قلب المدينة بنحو 5 كيلو مترات وتشتهر بصناعة الملابس منذ سنوات طويلة ، كان القدر علي موعد مع فاجعة هزت الأرجاء وجلبت الأحزان إلي أهالي القرية والمناطق المجاورة . نادية محمد جمال صقر طفلة عمرها 7 سنوات وشقيقتها حنين 5 سنوات ويارا الرضيعة 4 أشهر هن كل ما أنعم الله به علي محمد جمال العامل الذي يشتغل في أحد المصانع بالقاهرة ويعود نهاية الأسبوع إلي أسرته حتي يقضي بعض الوقت معهم ، في الوقت الذي تشتغل زوجته في أعمال الحياكة والتريكو في المنزل وصناعة الكروشية اليدوية، وتبيع منتجاتها لجيرانها ولأهالي القرية حتي تستطيع توفير بعض الأموال لمواجهة أعباء المعيشة ، الجميع يعيشون في منزل بسيط متهالك من الطين اللبن ومعروش ببعض الخوص والقش الغاب وفوقها مشمع بلاستيك لكي يمنع تسرب الأمطار وتسللها إلي الغرفات المغلقة ، وهو في نهاية الأمر موطئ قدم يقيهم برودة الشتاء وحرارة الصيف ويسترهم من التحاف السماء أو افتراش سطح الأرض. في اليوم الموعود خرجت الأم لتبيع منتجاتها وتشتري بعض مستلزمات الغداء من السوق وتركت الأطفال الثلاثة بالبيت بينما كان الزوج يعمل بأحد الحقول ، كانت نادية الزهرة الكبيرة والتي تدرس في الصف الأول الابتدائي قد بدأت فتح دفاترها لترسم الحروف الأولي ، وتلعب مع شقيقتها حنين وأوصتها أمها بأن تنتبه لإخوتها ولا تفتح لأحد مهما كان الطارق ، ثم أغلقت الأبواب علي البنات الثلاث بالداخل ، وفي لحظة اشتعلت النيران في المنزل بسبب تطاير شرارة من ماس كهربي نتيجة سوء الأحوال الجوية أعلي سطح البيت ، وبينما أتت النار علي كل ما في البيت كان الصغار يطرقون الباب من الداخل في نداء استغاثة سمعته إحدي الجارات والتي هرعت إلي شباب القرية للمساعدة في الإنقاذ ، بعضهم أبلغ المركز والشرطة وبعضهم حاول التعامل مع لهيب النيران التي كانت تلتهم مكونات البيت بثقة متناهية ولم تهدأ إلا بعد أن أصبح كوما من التراب، وحينها فقط سكت صوت البنات إلي الأبد ، وعندما فتح الناس الأبواب وجدوا الشقيقات الثلاث جثثا متفحمة علي الأرض خلف الباب لا تكاد تبدو ملامحهن . وفي مشهد مؤثر ودع أهالي سلامون القماش الفراشات المحترقات بالدموع والحزن وسط عويل وصراخ النساء . كان اللواء مصطفي النمر، مدير أمن الدقهلية، قد تلقي إخطارًا من اللواء مجدي القمري، مدير المباحث الجنائية، بورود بلاغ باندلاع حريق داخل منزل مكون من طابق وسقيفة من السدة والأخشاب بقرية سلامون القماش، مما تسبب في مصرع أطفال بداخله. فانتقلت سيارات الإطفاء برئاسة المقدم أحمد عوض رئيس وحدة الإطفاء، الي مكان الحريق وتم نقل الجثث للمستشفي واخماد الحريق قبل أن ينتقل للمنازل المجاورة.