«المجمع الشامل».. خطوة جديدة على طريق رعاية ذوي الإعاقة بالجيزة    تراجع سعر الدولار الآن.. كم أسعار العملات اليوم الاثنين 27-10-2025 في البنك الأهلي؟    مبادرة «مشروعك» توفر 26 ألف فرصة عمل في بني سويف    تمديد الموجة 27 لإزالة التعديات في بني سويف حتى نهاية نوفمبر    تعرف علي موعد تأخير الساعة وتطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 68،527 شهيد    غزة تستقبل جثامين الشهداء.. والقوافل المصرية تواصل طريقها نحو القطاع    رئيس البرازيل يتوقع اتفاقا وشيكا مع واشنطن لإنهاء الأزمة التجارية خلال أيام    إنفوجراف| تصريحات ترامب فور وصوله مطار طوكيو خلال جولته الآسيوية    ريال مدريد يقرر الاستئناف على طرد لونين في الكلاسيكو    مصدر بالأهلي: تطبيق الحد الأدنى للأجور تم بالكامل.. والعاملون أساس النجاح في منظومة النادي    إتجاه داخل يوفنتوس لإقالة إيجور تودرو    استمرار حبس المتهم بقتل سائق بالوراق    طقس مائل للحرارة غدا نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة    رسالة خالدة.. المتحف المصري الكبير يكشف عن أقدم تمثالين في التاريخ    وزير الثقافة يشهد احتفالية اليوم العالمي للتراث غير المادي (صور)    الشتاء قادم.. 3 خطوات ضرورية لحمايتك من ألم العظام    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات بيراميدز مع أليو ديانج    رويدا هشام: الخطيب دائمًا منحاز لأبناء النادي.. وننتظر أعضاء الجمعية العمومية للأهلي    الحكومة تدرس عروضًا استثمارية لإنشاء وتطوير فنادق ومشروعات عمرانية بمحافظة بورسعيد    «مستقبل وطن» يواصل عقد المؤتمرات الجماهيرية لدعم مرشحى مجلس النواب    حماس: غزة والضفة الغربية هي وحدة وطنية واحدة    الأمم المتحدة: خسائر بشريه واسعة النطاق فى الفاشر بالسودان    افتتاح الدورة الأولى لمهرجان غزة الدولي لسينما المرأة وسط قطاع غزة    مواقيت الصلاة بمطروح وأذكار الصباح اليوم 27 أكتوبر    «الفجر بالإسكندرية 5.44 ص».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الثلاثاء    مدير الكرة بالزمالك : دونجا ضمن بعثة الفريق لخوض السوبر المحلي    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية يصدر تقريرًا تحليليًا حول النظام الانتخابي    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    جاهزية نجم اتحاد جدة لمواجهة النصر    مسلسل محمد سلام الجديد.. قصة وأبطال «كارثة طبيعية»    طريقة عمل شاي اللاتيه بمذاق ناعم    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    رئيس اتحاد الاسكواش تعليق علي فوز يحيي النوساني : طول عمرنا بنكسب الإسرائيليين وبنعرّفهم حجمهم    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    وزارة التعليم: عقد امتحان الشهر لأولى وثانية ثانوى ورقيا    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    اتصالات لوزير الخارجية مع نظرائه في 4 دول لبحث التطورات في فلسطين والسودان    طفل يقود ميكروباص في بني سويف ووزارة الداخلية تتحرك سريعًا    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    جامعة الإسكندرية تحقق إنجازا عالميا باختيار مركز القسطرة ضمن أفضل 7 مراكز خارج الولايات المتحدة    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمه وتيه إلى متى؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 12 - 2016

أسوأ ما تُبتلى به أمة أن تتخبط، وأن تُصاب بالحيرة والتردد، فلا يستقر لها قرار، ولا تتوحد على سبيل، ولا تهتدي إلى يقين، فتقف في مكانها "محلَّك سِرْ"، وتتبعثر طاقاتها بين طرق شتى، فلا تستخدم ما لديها، في مرتقى واحد، أو خلف هدف مشترك. إنه "العمه والتيه"، اللذين تحدث عنهما القرآن.
تكرر هذا التعبير "يعمهون" سبع مرات، في كتاب الله، مرتبطا بموارد الطغيان والسكرة والتزيين، مشيرا إلى حصول الانقطاع بالكلية عن سبيل الهدى، إذا دامت هذه الأمور في فرد أو جماعة.
وفي آية واحدة ارتبط "العمه" بالتزيين، فقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ".(النمل:4), وارتبط في آية أخرى بالسَكرة، فقال تعالى: "لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ".(الحجر:72).
قال المفسرون: "ما حلف الله تعالى، ولا أقسم، بحياة أحد، إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: "وحياتك يا محمد"، وهذا غاية التعظيم، والتشريف. "إنهم في ضلالتهم يعمهون، وفي حيرتهم يتردّدون".
بينما ارتبط هذا التعبير "يعمهون" في خمس آيات بالطغيان، فقال تعالى: "اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ". (البقرة:15). وقال: "وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ".(الأنعام:110). وقال: "مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ۚ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ". (الأعراف: 186).
وقال تعالى: "مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ".(يونس: 10). وقال سبحانه: "وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (المؤمنون:75).
قال علماء اللغة: "العمه" من "عَمِهَ يَعْمَهُ عَمَهاً"، يقال: "عمه فلان في الأرض، عَمَهاً وعموهاً وعَمَهاناً: إذا تردد، لا يدري أين يتوجه، فهو عامه".. والعمه: "عدم الأمارات في الطريق لتدل الناس. وأرضٌ عَمْهاءُ: لا أعْلامَ بها، بحيث يتحير سالكها أشد التحير والتردد، ولا يدري أين يتوجه؟.
فالعمه: "شدة الحيرة، والتردد، وقلة الاهتداء، بسبب عَمَى الْقَلْبِ، وفقد الحس، وظلمة البصيرة. و"يعمهون": يترددون حيارى في أودية الضلال، لا يجدون إلى المخرج منها سبيلا، فيخبطون خبط الذي عمهت عليه الطرق بأرض، لا أعلام فيها، فتحير وعمى قلبه عن أي نظر ورأي، وبرغم ذلك لا يقبل النصح، منقطعا عن الحق بالكلية". (ملتقى أهل التفسير).
تقول آية سورة البقرة: "اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ" (15). أي: "يزيدهم ويقويهم ويبقيهم في طغيانهم، تشبيها بمن أرخى الطّول للفرس، أو الراحلة، وبمن مدَّ الجيش. وإيثارُه على "يزيدهم" للرمز إلى أن ذلك منوطٌ بسوء اختيارهم"، وفق التفاسير.
وقريب من "العمه" حالة "التيه" التي ضربها الله تعالى على بني إسرائيل لمَّا أنجاهم من فرعون، وقادهم موسى من العبودية والذل إلى الحرية والكرامة، فعبدوا العجل، ورفضوا دخول الأرض المقدسة، وعندها: "كَتَبَ الله عليهم "التيه"، الذي اختاروه لأنفسهم منذ البداية: "قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".(المائدة:26).
حكمة بالغة، فقد تاه القوم في الأرض.. يقال للضال عن سبيل الحق: "تائه". وكان تيههم ذلك أنهم كانوا، بحسب تفاسير، يصبحون أربعين سنة كل يوم جادين في قدر ستة فراسخ (الفرسخ قرابة ثلاثة أميال، والميل 1620 مترا، والفرسخ 5.8 كيلومتراً).
هكذا كانوا يمسون في الموضع الذي ابتدءوا السير منه، وقُدِّر بما يتراوح بين ثلاثين وخمسة وثلاثين كيلومتراً. "لا يهتدون إلى طريق، ولا يبقون مطمئنين"، وفق "السعدي".
قال ابن كثير: "لَمَّا دَعَا عَلَيْهِمْ مُوسَى، حِين نَكَلُوا عَنْ الْجِهَاد، حَكَمَ اللَّه بِتَحْرِيمِ دُخُولهَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَة، فَوَقَعُوا فِي التِّيه يَسِيرُونَ لَا يَهْتَدُونَ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ، وَفِيهِ كَانَتْ أُمُور عَجِيبَة وَخَوَارِق كَثِيرَة، ثُمَّ كَانَتْ وَفَاة هَارُون، ثُمَّ بَعْده بِثَلَاثَة سِنِينَ وَفَاة مُوسَى الْكَلِيم، فَلَمَّا اِنْقَضَتْ الْمُدَّة خَرَجَ بِهِمْ يُوشَع بْن نُون فَقَصَدَ بِهِمْ بَيْت الْمَقْدِس فَحَاصَرَهَا فَكَانَ فَتْحهَا يَوْم الْجُمُعَة بَعْد الْعَصْر فَلَمَّا تَضَيَّفَتْ الشَّمْس لِلْغُرُوبِ، وَخَشِيَ دُخُولَ السَّبْتِ عَلَيْهِمْ، قَالَ: "إِنَّك مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا مَأْمُورٌ.. اللَّهُمَّ اِحْبِسْهَا عَلَيَّ"، فَحَبَسَهَا اللَّه تَعَالَى حَتَّى فَتَحَهَا".
وَقَوْله تَعَالَى: "فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْم الْفَاسِقِينَ" تَسْلِيَة لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَنْهُمْ، أَيْ لَا تَأْسَف وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ، فِيمَا حَكَمْت عَلَيْهِمْ بِهِ فَإِنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ"، وفق تفسير "ابن كثير".
السؤال الآن: هل نشبه أولئك القوم؟ وفي هذه الحالة: هل نتخذ القرار بالخروج مِن هذا التيه، الذي دخلنا فيه بإرادتنا منذ عقود وسنين؟، أم ندلف إلى مرحلة جديدة منه، على الرغم من أن الحل واضح، ألا وهو العودة إلى جادة الصواب، ولزوم طريق الحق؟.
[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.