سألاحق الجريمة أينما كانت و سأقدم مرتكبيها إلي العدالة مهما كانت هويتهم ومهما طال فرارهم تلك هي كلمات فاتو بنسودا التي تولت السبت الماضي منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي, لتصبح اول أفريقية تتولي هذا المنصب وسط آمال عريضة أن تنجح بنسودا في تعزيز مكانة المحكمة الجنائية الدولية وتفعيل دورها في ملاحقة مرتكبي جرائم ضد الانسانية, وأن يكون تولي سيدة القضاء الجامبية الرفيعة هذا المنصب بمثابة فتح صفحة جديدة مع أفريقيا التي طالما اتهمت الجنائية الدولية بازدواجية المعايير والانحياز ضد الدول الافريقية. ولدت بنسودا عام1961 من أسرة مسلمة في جامبيا ونشأ عشقها للعدالة منذ أن كانت في الحادية عشرة من عمرها عندما كانت إحدي قريباتها تتعرض لضرب مبرح من قبل زوجها ولم يكن احد من العائلة يتحرك لحماية تلك المرأة, وتقول بنسودا في حوار مع مجلة تايم الامريكية منذ ذلك الحين اتخذت قرارا بأن أعمل بالقانون وكنت أذهب دوما من المدرسة إلي قاعات المحاكم لمشاهدة القضايا والمرافعات. درست بنسودا القانون في إحدي جامعات نيجيريا وتدرجت في عده وظائف قضائية إلي أن وصلت إلي منصب المدعي العام في جامبيا ثم وزيرة للعدل. واشتغلت بنسودا مستشارا قانونيا في المحكمة الجنائية الدولية لروندا ثم اختيرت عام2004 لتصبح مساعدا للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو الذي انتهت ولايته في يونيو الجاري لتخلفه بنسودا في رئاسة المحكمة. وحصلت بنسودا علي ماجستير في القانون الدولي البحري لتصبح أول خبيره في هذا المجال في جامبيا, كما تسلمت جائزة فقهاء القانون الدولية عام2009 لمساهماتها في مجال القانون الجنائي المحلي والدولي. وقد اختارت مجلة تايم الامريكية فاتو بنسودا-51 عاما- ضمن قائمتها لأكثر100 شخصية مؤثرة في العالم لعام2012, حيث كتب المجلة تقول إن بنسودا من الاصوات الرائده في الضغط علي الحكومات لتلبية مطلب العدالة, خاصة في إفريقيا, كما نشرت المجلة تقريرا الاسبوع الماضي عن بنسودا وصفتها فيه بالوجه الجديد للعدالة العالمية وتساءلت فيه هل تستطيع تلك المرأة الافريقية أن تحسن من أداء المحكمة الجنائية الدولية التي منذ نشأتها عام2002 بموجب اتفاقية روما لم تنجح إلا في تسجيل إدانة واحدة فقط ضد أمير الحرب الكونغولي توماس لوبانجا بتهمة تجنيد الاطفال, وهو ما يعتبر أداء متواضع بالنظر إلي حجم الجرائم ضد الانسانية التي ترتكب في مختلف انحاء العالم. والحقيقة أن المحكمة الجنائية الدولية تواجه الكثير من العوائق التي تحول دون تفعيل دورها في مواجهة الجرائم الدولية, أهمها أن التشريعات المؤسسة لها جعلتها تابعة الي السلطات الوطنية للدول المراد محاكمة افرادها في هذه المحكمة. فالجنائية الدولية لا تملك قوات شرطة للقبض علي المتهمين ولكن تعتمد علي القوات الحكومية للدول المعنية في اعتقال المتهمين و تسليمهم لها. علاوة علي ذلك فان العضوية بالمحكمة تطوعية وتشمل حتي الان121 دولة من الموقعين علي ميثاق روما ليس من بينها الولاياتالمتحدة ولا الصين. ويعلق العديد من المراقبين الدوليين آمالا كبيره علي بنسودا باعتبارها أفريقية الاصل- في فتح صفحة جديدة بين افريقيا والمحكمة الجنائية الدولية, حيث تتهم القارة السوداء المحكمة بأنها منحازة ضدها وبأنها الذراع الامبرالية للغرب والدليل علي ذلك أن جميع الاتهامات الستة التي أصدرتها المحكمة الجنائية منذ نشأتها, موجهه ضد زعماء أفارقة أو قادة ميليشيات شبه عسكرية من القارة الإفريقية. وتقول بنسودا كوني إمرأة إفريقية في هذا المنصب أمرمهم ولكن هذا لا يعني أني سأكون المدعي العام لأفريقيا فقط ولكني سألاحق الجريمة إينما كانت.