أطالب بمشروع نهر الكونغو.. رغم أنف الدول الكبري أثار حوارنا مع العالم الجليل شيخ الجيولوجيين في العالم الدكتور البهي عيسوي في العدد الماضي, ردود أفعال عديدة تثني علي ما تناوله من أفكار مهمة للتنمية في مصر لمواجهة الأزمة الاقتصادية والتزايد المستمر في السكان, وتطالب باستكماله وتوضيح نقاط عديدة تهم المواطن ومتخذي القرار. وفي تعليقة عن التساؤلات التي آثارها الجزء الأول من الحوار لشأن تأثير سد النهضة علي حصة مصر من المياه وأن الدلتا التي اطالب بها ليست بديلا عن حقوق مصر التاريخية في النيل وحجم الثروة المائية المصرية في الخزان الجوفي والأنهار القديمة وقدرتها علي المساهمة في التنمية حول كل هذه التساؤلات اجاب شيخ الجيولوجيين العالم الدكتور البهي عسيوي في الجزء الثاني من حواره مع الأهرام. وفي تعليقه تحدث العالم الدكتور نادر نور الدين, أستاذ الأراضي والمياه بجامعة القاهرة, حول موضوع نهر الكونغو مؤكدا أنه لا بديل عن هذا المشروع خصوصا وأن فكرة تحلية المياه من البحرين الأحمر والمتوسط مكلفة جدا, حيث تصل تكلفة تحلية المتر المكعب الواحد من مياه البحر إلي8 جنيهات, ولن تزيد علي17 محطة تحلية عملاقة بقوة5 مليارات متر, وهو ما يعني تواضع حجم الناتج من المياه المحلاة وارتفاع التكلفة التي تصل إلي40 مليار جنيه سنويا, وبالتالي فإن إنفاق هذا المبلغ أو ضعفه في توصيل مياه الكونغو سيكون اقتصاديا جدا, فضلا عن التأثير السلبي علي البيئة من دفن النفايات الناتجة عن عملية التحلية, ويؤكد نور الدين أن مشروع نهر الكونغو هو الأرخص من حيث التكلفة وسيوفر لمصر100 مليار متر مكعب من المياه العذبة, وهو الرقم الذي تحدث الرئيس الكونغولي لوران كابيلا عن الموافقة علي السماح به لأنه سيقضي علي الخلاف بين مصر وإثيوبيا, وأيده في ذلك الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني الذي صرح بأن إنجاز وصلة نهر الكونغو سيعمل علي الحد من الخلافات بين دول حوض نهر النيل ويحاصر الصراعات في القارة ويقلل من الحروب, وبالتالي يضيف الدكتور نادر نور الدين فهذا المشروع سيدعم فرص التنمية في مصر ولا بديل عنه لمواجهة التزايد السكاني الذي سيصل عام2050 إلي135 مليون نسمة, وهو ما يزيد العجز في المياه في مصر إن لم تجد بديلا يصل إلي75 مليار متر. وأن المشروع كما يفيد مصر, فإنه مفيد أيضا للكونغو, وعلي مصر منح المقابل في إقامة محطات كهرباء علي طول مسار النهر, وتنشيء مشروعات تنموية في الكونغو بخبراتها وإمكانياتها, ويمكن جعل مصب النهر في بحيرة السد العالي لتسري المياه في النيل. ولا يفوت الدكتور نادر نور الدين أن يحذر من رغبة إثيوبيا في ملء بحيرة سد النهضة خلال سنوات قليلة مما سيؤثر بالتأكيد علي تدفق المياه إلي مصر, وينبه إلي إعلان إثيوبيا بناء ثلاثة سدود أخري قبل سد النهضة لحجز136.5 طن من الطمي تحملها المياه سنويا وهو ما يهدد بطمره بالطمي, ولذا بدأوا في الشروع في هذه السدود الثلاثة. حملنا رآي الدكتور نادر نور الدين اضافة إلي التساؤلات التي وردت في شهادة الأديب والإعلامي علاء أبو زيد علي ما جاء في الحوار الذي وصفه بأنه من أدق وأهم الموضوعات التي تحتاج مصر إليها الآن بعيدا عن حكايات الضجيج الإعلامي والصحفي التي لا تقدم حلولا لمشكلات أو أزمات في بلد لم يعد يحتمل المهاترات. وتركزت التساؤلات التياجاب عالمنا الكبير الجيولوجي الجليل الدكتور محمد البهي عيسوي علي النحو التالي: بداية حول إمكانية تقبل بحيرة السد العالي لكمية100 مليار متر وحتي مع التصريف المستمر والمتتالي في النهر غير جائز أولا لأن الارتفاع الأقصي للمياه خلف السد178 مترا وهناك4 أمتار أخري احتياطية للطواريء, وبالتالي إذا وصلت سعة البحيرة خلف السد الي هذا الرقم وزادت عليه قد تسبب في تصدع جسد السد فضلا عن فيضان المياه وإغراق الوادي وإغراق المناطق المحيطة بالبحيرة, ويؤكد ذلك الحادثة التي تسببت في كشفنا عن مفيض توشكي واستخدامه, وهو زيادة الفيضان في أوائل سبعينيات القرن العشرين وزاد ارتفاع المياه في البحيرة إلي179 مترا فطلب وزير الري عبدالعظيم أبوالعطا بالبحث عن مخرج لهذه الأزمة حتي نتلافي التأثير لزيادة الايراد المسائي, وخاطبني المهندس وليم كامل شنودة وكيل وزارة الري في الأمر, ولخبرتي الجيدة في الصحراء ومعرفتي بالمنطقة طبوغرافيا وجيولوجيا حددت له المفيض في توشكي لأنه منخفض12 مترا لمساحة كبيرة وقامت وزارة الري بصرف الزيادة فيه, وهو ما حدث عام1995 عندما زادت المياه وتم تصريف الزيادة في المفيض فسارت لمسافة60 كم شمالا, وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم تحويل وصلة نهر الكونغو شرقا لتصب في بحيرة السد, وأيضا مجري النهر نفسه لن يحتمل هذه الزيادة ووقتها سيفيض علي شاطئيه فيغرق الزراعات والمدن والقري فيهما. ولكن هناك رأيا يقول أن المنطقة التي حددتها سيادتك لمسار النهر( الجديد) في الصحراء الغربية مرتفعة وبالتالي سنحتاج إلي محطات رفع عملاقة تستنفد كثيرا من الأموال؟ هذا الرأي غير دقيق, أو بالأحري غير صحيح, لأن الأرض منحدرة من الجنوب إلي الشمال بما يسمح بانسياب الماء, كما هو الحال في نهر النيل نفسه, هل احتجنا لمحطات رفع سواء في بحيرة السد أو علي جسد نهر النيل في مساره ؟ بالطبع لا, لأن الأرض منحدرة, المنخفض فقط في الصحراء الغربية هو الواحات مثل الداخلة وسيوة والفرافرة وتلك طبيعتها, أما إذا أردت الاستفادة من هذا النهر في توليد الكهرباء فيمكن اقامة سدود ومحطات رفع وهذا أمر آخر. ثم تساءل عالمنا الكبير: لماذا تريد حصر مصر في الوادي القديم الضيق في حين تتوفر إمكانية خلق واد آخر مواز له, وتفريغ القديم واقامة مصر جديدة عفية علي مسار النهر وهو موجود بالفعل. كيف؟ كما قلت سابقا إن مسار النهر وجسده باق مطمور فقط بالرمال. وهذا النهر( الجلف) كان موجودا مع أنهار أخري في الصحراء إبان العصر المطير عندما كانت الأمطار عليها تصل إلي1600 ميللي متر في السنة وتؤكده الحفريات المكتشفة في الفيوم لتماسيح وفيلة وغيرهما من حيوانات المناطق المطيرة ووجود الجمجمة الوحيدة في العالم وهي الأقدم عمرا للمخلوق البشري الأول والمعروف علميا في العالم بمخلوق الفيوم المصريEyyptoopisecvcFayomensis والمكتشفة غرب جبل قطراني في الفيوم وأيضا وادي التماسيح, وهو ما يؤكد مع صور الأقمار الصناعية, وجود أنهار قديمة وفي حالتنا هذه سنعيد فقط تجديد شباب هذه الأنهار بإزاحة الرمال عنها وحفر الوصلات التكميلية لايصاله حتي يكون مصبه أيضا كنهر النيل في البحر المتوسط وشمال افريقيا كلها كانت عامرة بأنهار مماثلة ومنها نهرا الكفرة والصحابي في ليبيا. ولكن ماذا عن التكلفة.. وهو السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين؟ أيضا نقول إن مصر التي تقوم في أحلك الظروف بمشروعات عملاقة وقومية كبري في ظل أزمات اقتصادية كما يحدث الآن يمكن أن تقوم به ولكن المحصلة في النهاية ستكون ممتازة وجيدة جدا ستكون النتيجة رخاء للبلاد لمدة100 عام علي الأقل, وتلك سمة المشروعات القومية الكبري. أما إذا بحثنا عن التكلفة من الداخل فسنجدها, فكما هب المصريون ووضعوا70 مليار جنيه تحت تصرف الرئيس عندما ناداهم لمشروع قناة السويس الجديدة سيحدث أيضا مع هذا المشروع العملاق, وهنا يمكن أن يطرح استثماريا بمعني أن تقوم الدولة بوضع المخطط العام للمشروع وتطرح الأراضي للبيع, في هذه الحالة يمكن أن يدفع المصريون تكلفة المشروع وزيادة ويكسب الجميع وتنتعش البلاد. كما أيضا يمكن مشاركة الدول العربية كما قلت وإذا استقرت الأحوال في ليبيا أو وجدت قيادة حالية قادرة علي المشاركة فيمكن أيضا احياء نهر الكفرة لديهم وهو موجود أيضا ومطمور بالرمال علي أن يساهموا في الوصلة من نهر الكونغو وحتي حدود البلدين. ولكن ماذا عن التكلفة الباهظة؟ يمكن تعاون الدول العربية فيها, وأقول لك سرا أكشفه لأول مرة, هذا المشروع نهري الكفرة في ليبيا, في مصر كان القذافي سيعمل علي تمويلهما, فقد أرسلت له خطة المشروع ودراسته عبر أحد رؤساء الوزارة الليبيين السابقين ممن عملت معه في ليبيا ووافق القذافي وحدد لي موعدا للقاءه في أكتوبر2011, ولكن أجهضت مؤامرة الدول الكبري علي ليبيا بما أسموه ثورة17 فبراير هذا المشروع, وقتل القذافي قبل أن ألتقيه. ولكن حاليا التكلفة تتوقف في المناطق الأفريقية سواء في الكونغو أو شرق تشاد والسودان علي عرض القناة. أما في مصر فيمكن طرح الأراضي للبيع الاستثماري علي طول امتداد النهر من جنوب مصر وحتي البحر المتوسط بعد إعداد دراساته ومخططه العام والتنفيذي, وهو ما سيوفر مليارات تفوق التكلفة, ولا أعتقد أن الكونغو سترفض, لأن مصلحتها في إقامة مثل هذا المشروع لمعاناتها أيضا من كثرة المستنقعات وما تسببه من أمراض مثل( تسي تسي), ولكن الدول الكبري الغربية وأمريكا ستعمل علي إجهاض المشروع ومضايقتنا سواء نحن أو الكونغو, لأن القوي الدولية الكبري وخصوصا الغرب لا يريد لنا أن ننهض. وفي مؤامرة سايكس بيكو, وأيضا في مؤامرة إنشاء ورعاية إسرائيل ألا تتكون دولة كبري جنوب أو شرق البحر المتوسط, بمعني منع الدول العربية المتجانسة دما ولغة وتاريخا ودينا أن تكون دولة كبري. وبالتالي فمن مصلحة الكونغو أن توافق, كما ان جنوب السودان تعاني من كثرة المستنقعات التي تمنع إلي الآن الاستثمار الزراعي, وبالتالي نقص الحاصلات والمنتجات الغذائية الزراعية, وهي جزء من أسباب المشاكل الآن بين ريك مشار وجماعته وسيلفا كير. وكمية الأمطار التي تنزل في المنابع1650 مليار متر مكعب ما يصل إلي النهر ومنه لجميع دول الحوض550 مليار, والباقي1100 مليار متر يذهب هدرا ما بين البخر والتسرب إلي بحيرة تشاد والأغلب يذهب إلي المستنقعات. ولذلك فإن تجفيفها سيوفر مساحات أراضي شاسعة للزراعة. وهل ذلك يتفق مع الرأي الذي يدعو لأن لا تمر هذه الوصلة عبر السودانيين الجنوبي والشمالي وتتخذ مسارا آخر عبر جمهوريتي افريقيا الوسطي وتشاد؟ { هذا مسار غير صحيح, ولا تدعمه فرضيات الواقع ولا محاولة خفض التكلفة فلماذا تلف وتدور بمسار النهر, إذا اردت أن تذهب من القاهرة إلي طنطا فتتخذ الطريق عبر بنها, ولكن لا يمكن أن نذهب إلي السويس ثم الزقازيق لتذهب إلي طنطا, وحجج هذا الرأي بالخلافات مع السودان أو عدم الثقة في دولة جنوب السودان أو حتي السودان الشمالي غير كافية لأن كل الدول الافريقية سواء, وحتي ننهض بمصالحنا ونعبر الخلافات من أجل التنمية يجب أن يكون تعاملنا معهم علي أرضية المصلحة والاخوة وليس شيئا آخر, والعمل المشترك. كما أن هذه الدول سواء الكونغو وهي ترحب وكذلك جنوب السودان والسودان ستستفيد. وما هو المسار النافع والمنطقي الذي تقترحه؟ يبدأ مسار الوصلة من منطقة أوريمي في الكونغو إلي جنوب السودان ثم ألي السودان الشمالي عبر مناطق جنوب وشمال دارفور حتي بحيرة مرجة, وواحة نخيلة ثم لقية الأربعين ولقية عمران شمال غرب السودان الذي سيستفيد بري مساحات شاسعة من أراضيه ان اراد. وهذه المسافة حتي حدود مصر يصل طولها ألفا كم تقريبا.. والسودان الجنوبي سيستفيد بتجفيف منطقة السد والتي تبلغ مساحتها200 ألف كم, لا يمكن حاليا زراعتها وتسبب لهم مشاكل. وماذا عن الرأي الذي يقول إن مساره في هذه الصحراء سواء شمال غرب السودان أو جنوب غرب مصر سيفقده نسبة25% من المياه سواء بالبخر أو بالرشح الجانبي والرشح العميق؟ نهر النيل نفسه يجري في صحراء وايرادنا منه55 مليار, وإذا كان المزمع نقل100 مليار من نهر الكونغو والتي تذهب هدرا في المحيط الأطلسي ويسير بقوة اندفاع لمسافة170 كم داخل مياه المحيط, وتجفيف منطقة السد في جنوب السودان وأخذ100 مليار منها, فهل إذا أخذت السودان الشمالي جزءا وتبخر جزء أو رشح سينقص كثيرا؟ لا.. كما يمكن زيادة الحصة من نهر الكونغو ولن يمانعوا تحدثتم أيضا عن منطقة دلتا جبجبة الممتدة من السودان إلي مصر والاستفادة منها.. فكيف؟ نعم هذه المنطقة أيضا مهمة ويمكن استصلاح ما يقرب من ثلاثة ملايين فدان, وهي أرض خصبة كانت الدلتا الداخلية وتمتد1500 كم داخل مصر, ويمكن أيضا الاتفاق مع جمهورية السودان الشقيقة علي التعاون في مد مسار النهر من فرع العطبرة تمتد حتي كلابشة وهي الكمية المقبول صبها في بحيرة السد وبالتالي نهر النيل لانها لن تزيد علي30 مليارا في أفضل الأحوال. وهي كميات لا يستفيد منها السودان, بل تسبب مستنقعات ومجري النهر موجود وهو من الأنهار القديمة أيضا يحتاج فقط إلي تنظيفه والمياه نفسها ستعيد تنظيفه بعد ضخها فيه, ويمكن أيضا التعاون في إعادة الحياة لنهر جبجبة القديم والذي خلق دلتا داخلية تمتد250 كم في السودان, و150 كم في مصر ممتدة وتتلاقي في وادي العلاقي الذي يصب في وادي النيل عند منطقة كلابشة(80 كم جنوبأسوان). ويمكن إحياؤه بوصلة من فرع عطبرة. وهذه الكمية المياه التي ستؤخذ منه لن تؤثر علي حصة السودان لأنه لا يستفيد منها, وإذا تم هذا التعاون يمكن زراعة30 ألف كم في الدلتا الداخلية لجبجبة في السودان إذا أرادوا. وبالتأكيد السودان ليس في احتياج لهذه المساحة, لأن المساحات القابلة للزراعة لديه في مناطق أخري هائلة وشاسعة, عكس مصر والتي تحتاج هذا الامتداد لدلتا جبجبة وتصل مساحتها في مصر إلي12 ألف كم تبدأ من حدود مصر الشرقية وحتي كلابشة, وأيضا لا أري أن تكون بديلا عن مشروع امتداد نهر الكونغو, لأن مصر تحتاج لزراعة كل مساحة ممكنة وأي قطرة ماء زيادة. ولكن السودان الآن يقوم بعمل سد علي الشلال الرابع كما أوضحت سيادتكم وفيه ضرر لمصر؟ طبعا.. إذا تم فيمكن أن يمنع عنا ايراد النيل, ويتم ذلك حاليا بدعم من قطر وبعض دول الخليج نكاية في مصر واتفقوا مع السودان علي زراعة عشرات الآلاف من الأفدنة لحسابهم علي مساحات حول هذا وبدأ العمل فيه, أما تأثيره فانه بالفعل يمكن أن يمنع عنا المياه لأنه سيقام بغرض الزراعة وعلي الأقل سيضعف وينقص من كميات المياه الواردة لنا, وان أراد سيمنعها نهائيا.