أزمة صناعة الدواجن حلقة من سلسلة متداخلة الحلقات من الأزمات التى تعانى منها الصناعات الوطنية كلها فى مصر، ولا يمكن الحديث عن أزمة الدواجن بمعزل عن أزمة صناعة الدواء، أو لبن الأطفال، أو تطعيمات الأطفال والمحاليل الطبية، أو السكر والزيت، فكلها.. كلها منظومة واحدة. نجاح الحكومة فى علاج هذه الأزمة، ونتمنى أن تنجح، سيترتب عليه نجاحها فى حل غيرها من الأزمات، وبالتالى فإن المواطنين يترقبون ما سوف تتخذه الحكومة من قرارات، ولا شك فى أن مصلحة المواطن محدود الدخل ستكون الأولوية الأساسية فى أى قرار تتخذه الحكومة. نعلم أن قرار تعويم الجنيه كان ضرورة حياة أو موت للاقتصاد القومى، كى ينهض من عثرته، ويجذب المستثمرين، ويشجع السائحين على القدوم إلينا، ومن ثم تعود حركة السياحة من جديد، إذ لا يعقل أن يأتى المستثمر إلى بلد غير قادر على تحديد سعر عملته إزاء العملات الأخرى، لكن هذا التعويم ترتب عليه آثار جانبية، ضربت فيما ضربت صناعة الدواجن. نحن فى مصر نستورد مستلزمات وأعلاف صناعة الدواجن، كالذرة الصويا واللقاحات والأدوية، ولأن سعر الدولار ارتفع بما يزيد على 120% أمام الجنيه بعد التعويم، فإن أعباء المستوردين للعلف ارتفعت، وهو ما سيترك أثره على سعر الدجاجة التى يشتريها المواطن، ومن هنا كان قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك لخفض تكلفة الاستيراد. لكن على الجانب الآخر، أنت لديك صناعة وطنية للدواجن عليك أن تحافظ عليها، خاصة أن هذه الصناعة يعمل بها 2.5 مليون عامل، ينفقون على نحو عشرة ملايين بنى آدم، ثم ان حجم استثمارات البلد فى الدواجن يزيد على 65 مليار جنيه. المعضلة هنا سؤال أساسى: بأيهما نضحى، بالصناعة كلها أم بالتسهيلات المقدمة للمستوردين حتى يواصلوا استيرادهم لتعويض الناقص فى السوق من الدواجن؟. هذا قرار يتخذه الاقتصاديون، بعد دراسات وافية ودقيقة، بحيث يتم المحافظة على قوام الصناعة الوطنية للدجاج، وفى الوقت نفسه نوفر للمواطن الدجاجة بسعر معقول، وهنا تأتى رشادة الحكومة وقدرتها على اتخاذ القرار الصائب، وفى كل الأحوال نعود لنؤكد أن مصلحة المواطن هى الأمر الحاكم فى كل المسألة، ولا شك فى أن الحكومة تحرص على ذلك جيدا.