الفراخ، «بروتين الغلابة».. دخلت هى الأخرى بعد الزيت والأرز «غلاية الأسعار» وارتفع ثمنها بشكل جنونى، وضربت مزارعها الفيروسات القاتلة، واكتفت الحكومة كعادتها بالصمت الجميل، دون أدنى اهتمام بسرطان الدواجن، الذى ينقسم إلى نوعين أكثرهما خطورة يفتك «الملك» الذى يفتك بالطيور. أكثر من 30 ألف مزرعة دواجن فى مصر، تتعرض هذه الأيام إلى نفوق جماعى للإنتاج بسبب فيروسات ال«آى. بى» و«إل. بى»، كبدت أصحاب المزارع خسائر تقدر بملايين الجنيهات، ورفعت الأسعار من 22 جنيهاً إلى 30 جنيهاً للكيلو الأحمر والبلدى، ووجد المنتجون أنفسهم فى ورطة، بعد أن عجزوا عن سداد المديونيات، وعبر توفير الأمصال والأعلاف والأدوية التى ارتفعت أسعارها هى الأخرى بنسبة 30٪، مما كانت عليه قبل أيام، وأصبحوا قاب قوسين أو أدنى من أبواب السجون. الأزمة بالفعل خطيرة.. وتحتاج إلى تدخل فورى من رئيس الوزراء وتحرك سريع وعلى مستوى المسئولين من وزير الزراعة.. لإنقاذ الغلابة والكادحين والفقراء الذين يسألون الله فى حق الجنيه.. وإنقاذ صناعة الدواجن التى تقدر استثماراتها بنحو 3 مليارات دولار. فليس من المعقول أن يقف وزير الزراعة عاجزًا أمام مافيا استيراد الأمصال والأعلاف وليس منطقيًا أيضًا أن تمنع الهيئة البيطرية الأمصال بحجة أنها غير مجدية، ولا يحتاجها المزارع هذه الأيام، رغم عدم توفير البديل الآمن.. «الوفد» تطرح الكارثة وتحذر من تفاقمها وتريد إجابة واضحة من المهندس شريف إسماعيل ووزرائه المعنيين.. مَن المسئول عن نكسة الدواجن ولصالح من تقتل صناعة وطنية من أجل عيون بعض رجال الأعمال وكبار المستوردين ولصالح من تغيب الرقابة عن الأمصال المغشوشة التى أدت إلى النفوق الجماعى. كعادة كل عام قبل دخول شهر رمضان الكريم ترتفع أسعار الدواجن البيضاء فى المزارع إلى 23 جنيهاً للكيلو، وبالأسواق إلى 28 جنيهاً فيما وصل كيلو الدجاج البلدى أو الأحمر إلى 30 جنيهاً، وبلغت أسعارها «قطاعى» على النحو التالى «الكبد والقوانص إلى 28 جنيهاً وصدور الدجاج «الفيلى» إلى 58 جنيهاً، وفى بعض المناطق 60 جنيهاً وأفخاذ الدجاج إلى 28 جنيهاً، أما الأجنحة وهى أكلة الغلابة (الهياكل) ارتفع سعرها من 5 جنيهات إلى 10 جنيهات. ولا يدرى الفقراء الآن أى بروتين يأكلون.. ودخلت على خط الأزمة صناعة الدواجن، ومزارع الإنتاج التى يقدر عددها حسب إحصائيات وزارة الزراعة بنحو 29 ألفاً و300 مزرعة منها أكثر من 20 ألف مزرعة صغيرة مكونة من عنبر واحد تنتج 615 مليون دجاجة، وأثبتت الإحصائية قدرتها على إنتاج مليار و300 مليون دجاجة. والخطير أن 80٪ من إجمالى الدواجن فى مصر تنتجه المزارع الصغيرة معظمها خرج من منظومة الصناعة بفعل الأمراض الوبائية وأزمة الدولار وارتفاع تكلفة الإنتاج التى أغلقت أبواب الكثير من عنابر التربية. واللغز هنا.. أن هذه المشكلة تظهر فى هذا التوقيت من كل عام ولا تنتبه إليها الحكومة إلا بعد حدوثها وبالتحديد قبيل الشهر الكريم، فعلى مدار 5 سنوات منذ عام 2011 توالى على الوزارة 11 وزيراً للزراعة جميعهم عجزوا عن مواجهة هذه الأزمة التى تكون سبباً رئيسياً لتحريك أسعار الدواجن لصالح كبار التجار ورجال الأعمال. ورغم تصاعد الأزمة سنة تلو الأخرى، فالحكومة لم تتدخل لحلها واكتفت بالإعلان عن طرح دواجن مستوردة بالمجمعات الاستهلاكية، وأغفلت أهمية صناعة الدواجن التى يعتمد عليها عدد كبير من المواطنين. أوبئة قاتلة بالبحث عن السبب الرئيسى للأزمة، وتبين أن الفيروسات والأوبئة التى هاجمت آلاف المزارع لعجزها عن توفير الأمصال والأعلاف اللازمة بسبب ارتفاع أسعار الدولار، وتعانى أغلب المزارع من سرطان الدواجن وأعراضه تظهر فى شكل هزال وانخفاض الوزن والإسهال تضخم العظام والعين الرمادية، كما يسبب أوراماً فى أجزاء مختلفة من الجسم، أنه لا يوجد علاج فعال ضد هذا المرض، ويعد المرض ضربة قاصمة لصناعة الدواجن بعد أنفلونزا الطيور وينقسم إلى نوعين: الأول يسمى «الملك»، ويسبب وفاة نحو 50٪ من المزرعة، والنوع الآخر وهو سرطان الطيور وتنخفض نسبة الوفاة بسببه إلى 5٪ فقط، أما النوع الآخر، فهو «المريك»، وهو مرض فيروسى يصيب الدواجن بشكل أساسى ويحدث غالباً فى عمر يتراوح من 2- 5 أشهر وينتقل المرض بشكل مباشر من خلال استنشاق جزيئات الهواء والغبار.. وحسب الدكتور عصام سليمان، خبير أمراض الدواجن، كان هناك قبل ثورة 25 يناير قرار من وزارة الزراعة بعدم نقل الدواجن الحية إلى المحلات وذبحها فى مجازر قريبة من المزارع للحد من انتشار الأمراض إلى جانب خطة لإقامة منطقة لمزارع الدواجن منعزلة فى طريق السويس وبنى سويف. ولكن بعد الثورة انقلبت الأحوال، وعادت ريمة لعادتها القديمة وانتشرت أمراض الدواجن. ويرى سليمان أن وزارة الزراعة مسئولة عن تلك الأزمة قائلاً: الرقابة غائبة عن المزارع فلا يوجد إشراف إجبارى من قبل أطباء متخصصين، ولا يتم أخذ عينات من المزارع لرصد الأماكن «الوبائية». وفجر سليمان سببًا آخرًا وهو اختفاء الأمصال التحصينية من الأسواق بعد ارتفاع سعر الدولار، حيث ارتفع سعر بعضها بنسبة تتراوح ما بين 40٪، 60٪، مثل تحصين «lit» أو ما يسمى باسم مرض التهاب الحنجرة الرغامى المعدى، وهو ضمن مجموعة فيروسات «الهربس» تصل نسبة النفوق به إلى 60٪ ويبلغ سعر المصل المضاد للمرض 120 جنيها ويكفى الأمبول الواحد 1000 دجاجة، ويضيف خبير أمراض الدواجن بعد الاختفاء ارتفع سعره إلى 500 جنيه وتم إنتاج منتج بنفس الاسم مغشوش أدى لنفوق آلاف الدواجن. ويؤكد الدكتور نبيل درويش، رئيس اتحاد منتجى الدواجن أنه فى هذا الوقت دخول شهر رمضان يتجه جميع المربين لزيادة إنتاجهم، ولكن للأسف فوجئوا بالموت الجماعى لدرجة أن نسبة الدواجن النافقة بلغت 60٪ فى المزارع بسبب قيام العلمية بوزارة الزراعة بمنع استيراد بعض الأمصال، التى ترى أنها «ملهاش لازمة» رغم عدم وجود بدائل لها. ولفت سليمان إلى أن فى وزارة الزراعة لا تقدم أى خدمات للمزارعين، مشيرًا إلى أن المستفيد الأكبر من ارتفاع سعر الدواجن هو مافيا الاستيراد التى تتجه لزيادة الاستيراد من الدواجن المجمدة. أزمة الاستيراد ومن المعروف ان الدواجن تعتمد على 70٪ من الأعلاف المستوردة، حيث نستورد 6 ملايين طن من المواد الخام اللازمة لصناعة الدواجن سنوياً، منها 5 ملايين طن من الذرة الصفراء ومليون طن من فول الصويا، وفى الفترة الأخيرة شهدت أسعار الأعلاف ارتفاعاً من 3850 للطن إلى ما يقرب من 4800 جنيه، وذلك بحسب جودته ونوعه. ووفقاً للدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية بالقاهرة فإن السبب الرئيسى فى زيادة أسعار الدواجن ارتفاع أسعار الأعلاف والأمصال فى آن واحد إلى جانب زيادة نسبة النفوق بسبب الموجة الحارة، التى مرت بها مصر الأيام الماضية، بالإضافة إلى خروج مجموعة كبيرة من المربين، خاصة أصحاب المزارع الصغيرة بسبب الخسائر التى يتعرضون لها وعدم الاهتمام به من جانب الحكومة. وأضاف رئيس الشعبة أنه من المفترض أن ننتج 2٫2 مليار دجاجة بالعام الواحد، بالإضافة للتربية الريفية إلا أننا وللأسف ننتج 680 مليون طائر فى السنة. الحاج نيروز «بائع دواجن بالجيزة» أوضح لنا أن سعر الكتكوت ارتفع من 3 إلى 7 جنيهات وكيلو الذرة «الدشيشة» 4.5 جنيه، كما ارتفع سعر الغاز والكهرباء والأدوية وأجور العمال وهو ما أدى إلى زيادة التكلفة، مشيرًا إلى أن قفص الفراخ كان سعره 350 جنيهاً، أما الآن فوصل سعره إلى 600 جنيه «وحال ميرضيش ربنا». ويؤكد مختار محروس أن «زيادة الأسعار شملت جميع أنواع الطيور، وليس الدجاج وحده، مشيرًا إلى أن التجار ليس لهم ذنب وأصحاب المزارع لديهم العذر فكمية الدجاج النافق كبيرة والمعروض قليل». ولكنه يلقى بالمسئولية على الحكومة التى يجب عليها توفير الأمصال والأعلاف حتى لإنقاذ صناعة الدواجن وعدم الاعتماد على الاستيراد. وتشير الحاجة أم توفيق إلى أن السعر فى السوق، حسب المكان قائلة: «الفراخ سعرها ارتفع زى ما حاجات كتير سعرها زاد والناس هتعمل إيه مضطرة تشترى والزبون اللى كان بيشترى 4 دجاجات بيشترى دلوقتى 2 بس».