قانون الادارة المحلية الذى تتم مناقشته حاليا داخل لجنة الادارة المحلية بالبرلمان تمهيدا لطرحه فى المناقشة العامة والموافقة عليه، أحد اهم مشروعات القوانين التى ينتظر أن يكون عليها دور كبير فى القضاء على الفساد ومواجهة البيروقراطية والروتين الموجود منذ عشرات السنين. كما يأمل الجميع فى أن يمثل القانون الجديد للمحليات طفرة حقيقية فى الانتخابات المحلية ويمنح تكافؤ الفرص للجميع، ويطبق بشكل حقيقى اللامركزية فى المحافظات والقرى والمراكز والمدن، وأن يكون المحافظ ورؤساء مجالس المدن والقرى أصحاب القرار فى التطوير وتقديم الخدمة للمواطن . هناك 4 مشروعات قوانين تتم مناقشتها حاليا داخل لجنة الادارة المحلية الأول مشروع «الحكومة» والثانى مشروع «حزب الوفد» والثالث مشروع «حزب التجمع» والرابع مشروع مقدم من النائب محمد عطية الفيومي. وكانت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب أعلنت برئاسة المهندس أحمد السجينى بدء الحوار المجتمعى حول مشروع قانون الإدارة المحلية بعقد جلستى استماع يومى 7 و14 من شهر ديسمبر المقبل بحضور الشباب والشخصيات العامة والخبراء فى مجال المحليات والمعنيين بالقانون بعد موافقة الدكتور على عبد العال رئيس المجلس. وقال رئيس اللجنة: «سنبدأ جلسات الاستماع بعد الانتهاء من مناقشة المواد الخاصة بالموارد المالية، وقبل مناقشة المواد الخاصة بالنظام الانتخابى للمجالس المحلية، وسيتم الاستماع لكل وجهات النظر والاستجابة لكل فكرة جيدة ومفيدة». فى السطور التالية.. نستعرض وجهات النظر المختلفة حول مشروع قانون الادارة المحلية . تحقيق اللامركزية الدكتور أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية اعتبر أن المجالس المحلية فى قانون الإدارة المحلية الجديد تتمتع بسلطات رقابية عالية جدًا، حيث تستطيع أن تتقدم بطلب لسحب الثقة من المسئول على كل المستويات، وأصبح اختيار رؤساء المحليات وفقا لهذا القانون «بالانتخاب». وأضاف أن القانون يحقق اللامركزية حيث لم تعد السلطات فى القاهرة فقط وإنما فى المحافظات والمدن والقرى وذلك من شأنه مشاركة المواطنين المسئولية فى مكافحة الفساد. وأشار إلى أن الفساد موجود منذ بدء الخليقة، وسيستمر إلى ما لا نهاية، ولكن دورنا أن نقلل هذا الفساد إلى أدنى مستوياته، لافتا إلى ان الوزارة كانت بها وحدات منفصلة عن بعضها، كل وحدة تعمل ككيان منفصل، إلا أنه مع تطبيق القانون الجديد تصبح وحدة واحدة بهيكل واحد. انتخاب المحافظين من جانبه قال المستشار يحيى قدرى مؤسس تيار التنوير أن المحليات صاحبة الدور الرئيسى فى الحفاظ على الديمقراطية ولابد أن يكون للأحزاب الدور الاكبر فى انتخابات المحليات والمواد المنظمة لقانون المحليات، مضيفا : ينبغى أن يكون 90%من الكوادر من خلال قوائم حزبية و10% فقط فردى وهذا سيكون مؤداه أن تتحول انتخابات المحليات الى الفكر الديمقراطى السليم الذى نص عليه الدستور، كما لابد أن يكون هناك دور حقيقى للمجالس المحلية بدءا من مجالس القرى حتى المحافظة سواء فى الرقابة وتقديم المقترحات والتوصية بها ومتابعة تنفيذها مع الأجهزة التنفيذية . وأضاف أنه يتعين أن تكون هناك فترة زمنية تسمح بأن يتم بعدها انتخاب المحافظين ورؤساء المدن والقرى بالانتخاب المباشر الحر مع ايجاد الآلية لاتمام هذه العملية الانتخابية سواء من مجالس القرى المنتخبة لتحديد رئيس المدينة ثم رؤساء القرى حتى نصل الى منصب المحافظ . وشدد على أن تكون لهذه المجالس المنتخبة سلطة إصدار اللوائح والقوانين فى شتى موضوعات الحياة داخل المحافظة، ولا تصدر اللوائح سوى بعد اقرارها من مجالس المحليات، وأن يكون هناك تواصل بين مجالس القرى المنتخبة ومجلس النواب بشأن مقترحات مشروعات القوانين التى تحتاجها المحليات من خلال هذه المجالس . شروط موضوعية وأشار الى أنه لابد من وضع شروط موضوعية لمن يشغل هذه الوظيفة مستوفاة لكل امكانات القائم بعمل الوظيفة، ومن ثم سيكون الاختيار بين الافضل وفقا لتحقق المواصفات المقررة، واذا لم نقدم على هذه الخطوة سوف تتعقد ادارة المحليات أكثر مما هو قائم، حيث أن المحليات هى «قاطرة الاصلاح الادارى فى مصر»، ويجب ألا نتأخر أكثر من هذا فليست لدينا رفاهية الوقت لتأجيل الاصلاح، واذا كان البعض يخشى من الخطأ فلابد أن نخطئ ثم نخطئ، ثم نصيب بعدها ونتعلم السير على الطريق الصحيح . وطالب قدرى المشرع بألا يغفل فى قانون المحليات الجديد الذى تجرى مناقشته حاليا داخل البرلمان المبادئ التى تمت الاشارة اليها، فالاصلاح الحقيقى الذى ننشده جميعا سيأتى من المحليات، وسيتعلم الشباب من خلالها كيفية ممارسة السياسة، وكيف يبحث عن حقوقه والرأى والرأى الآخر، كما أن الرقابة الحقيقية ستأتى من المجالس المحلية، وأهمها الرقابة على الأسواق وهى الجهة القادرة على التعامل مع الاسواق فى مصر، وتحقيق مصلحة المستهلك وتحقيق هامش ربح للتاجر . اللامركزية من جانبه، قال الدكتور محمد عطية الفيومى عضو لجنة الادارة المحلية بالبرلمان، الذى تقدم بمشروع قانون للمحليات يتضمن الكثير من الأفكار الجديدة حسب قوله : الادارة المحلية أحد أسباب التقدم فى أى دولة وهذا ما تم رصده فى الدول التى حققت طفرات اقتصادية وخدمات جيدة لمواطنيها، واذا استطعنا أن ننفذ منظومة للادارة المحلية تحقق هذا الهدف من خلال تقديم خدمات للمواطن نكون قد حققنا نجاحا كبيرا«. وأضاف أن منظومة المحليات أحد أهم أركانها الرئيسية التشريع ويمثل 50%من نجاح المنظومة ولو تم الإسراع فى خروج القانون الى النور دون مناقشة مستفيضة، نكون ارتكبنا جريمة فى حق الوطن والأجيال الجديدة ولابد من مراجعة التشريعات القديمة ومعرفة عيوبها. وأضاف أنه لابد من ارادة سياسية فى تطبيق اللا مركزية وهذه موجودة لدى الرئيس ولكن أشك فى وجودها لدى الحكومة وأرجو أن أكون مخطئا فى هذا. تحديد الاختصاصات وأشار الى أن المشروع الذى تقدم به أحيل الى لجنة الادارة المحلية فى 21 فبراير العام الحالى ومشروعى الوفد والتجمع احيلا فى آخر شهر مايو من العام نفسه، ومشروع الحكومة وصل الى لجنة الادارة المحلية بالبرلمان خلال الشهر الحالي، مضيفا : لاحظت أن الحكومة أخذت الكثير من المواد التى تقدمت بها، ولكن للأسف لم يأخذ المواد المؤثرة التى من شأنها أن تحقق اللامركزية وفلسفة مشروع القانون الذى تقدمت به يعتمد على مبدأ مهم وهو «تحديد الاختصاصات بشكل قاطع» ومنها اختصاصات المحافظين ورؤساء مجالس المدن والقرى في مواجهة الحكومة المركزية، حيث يوجد تداخل كبير فى الاختصاصات مثل التربية والتعليم والزراعة وغيرها من الوزارات كما ان تطبيق اللامركزية يجب أن يقابله استقلال مالى وغير ذلك سيكون عبثاً بلا طائل من ورائه، وأن تذهب الموازنات للمحافظة وليس للمديريات على أن يحدد القانون آليات توزيعها على هذه المديريات. وتابع: يجب ألا تمنح الحكومة المحافظة 95 % إعانة مالية، نريد أن يأتى اليوم الذى نرى فيه موارد المحليات تغطى نفقاتها. وعن الصناديق الخاصة، قال : هناك صناديق شرعية وصناديق غير شرعية، ورغم ذلك لا يجب الغاؤها، وعلينا الا نسهم فى «قتل» المحليات، طالما هناك رقابة عليها من الحكومة والجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية، أى أن الصناديق الخاصة ليست كلها فاسدة، ومنها من أدى دوراً وطنياً. روشتة العلاج اللواء محسن النعماني وزير التنمية المحلية الأسبق قال إن هناك روشتة علاجية للمساهمة فى القضاء على فساد المحليات أولها «الإصلاح التشريعي»وهو الخطوة التى سارت عليها الدول من قبل فى القضاء على الفساد، فلابد من تعديل التشريعات التى تمكن الفاسدين من أن تكون لهم كلمة عليا فى الجهاز الإدارى للدولة». والمحور الثانى يأتى من خلال «إعطاء الحقوق الكاملة للمجالس المحلية الشعبية المنتخبة والتى يزيد عدد أعضائها على 50 ألف عضو فى التدرج الهرمى من المحافظات حتى القرى والنجوع.. ويتحقق ذلك من خلال منحهم سلطات حقيقية تمكنهم من الإشراف والمتابعة والمحاسبة». أمّا المحور الثالث، فيتعلق بتحديث نظام الإدارة من حيث وجود «تكنولوجيا المعلومات» قادرة على حل الكثير من الموضوعات والمعوقات الإدارة الهندسية من جانبه، قال محمد هانى الحناوى عضو لجنة الادارة المحلية بالبرلمان ان فساد الإدارة المحلية فى مصر يرتكز فى الإدارة الهندسية ووضعها التنظيمى فى الوحدات المحلية»ولابد أن تعود لأصلها تابعة لوزارة الإسكان . وأضاف أنه لابد من طرح القانون للحوار المجتمعى الذى يشمل القوى السياسية والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني، حتى يحدث توافق على مشروع القانون بين جميع الجهات وانه لا يوجد منطق من الإسراع بإنهاء قانون المحليات، بعد إعادة سحبه لإجراء التعديلات عليه منذ العام الماضي، موضحا أن الأحزاب تستعد من الآن للانتخابات المحلية دون أن تعرف نص القانون ولذلك وجب على الدولة أن تحدد «آليات منطقية لمحاسبة ومراقبة الانتخابات المحلية القادمة»حتى يستعد الجميع بشكل فعال ويستفيد بالوقت المتاح، وشدد على أنه لابد من اجراء الانتخابات فى أسرع وقت لتنفيذ وعد الرئيس باجراء انتخابات المحليات، حتى تكون فرصة للشباب لاثبات نفسه والمشاركة فى حل المشاكل التى تواجهنا من خلال مؤسسات الدولة . قانون معيب أما عبد الحميد كمال عضو مجلس النواب عن حزب التجمع فقال ان قانون الادارة المحلية المعمول به فى مصر حاليا «معيب» ويتعارض مع مواد الدستور فالمواد من 161 حتى 163 تنص على «انتقال السلطة الى المحليات تدريجيا» الى الآن مازال هذا القانون بتعديلاته ينتقل بالمحليات الى مزيد من المركزية، وفيه عدد من العيوب منها : اعطاء المحافظ حق فتح باب الترشيح لانتخابات المجالس المحلية، وقبول واعتماد أوراق الترشيح، فكيف يكون الحكم والخصم شخصا واحدا ممثلا فى المحافظ ؟ لذا فالمطلوب وجود جهة محايدة «قضائية» تشرف على الانتخابات، إلى جانب اعطاء الحق للمحافظ فى الاعتراض على قرارات المجالس المحلية وتوصياتها، كما أن الانتخابات يجب ان تكون بنظام القوائم الحزبية المفتوحة، حيث يضاف المستقلون لقائمة الاحزاب بدلا مما يحدث الآن. لذلك، لابد من وجود قانون جديد وليس ادخال بعض التعديلات، وحزب التجمع كان قد قدم مشروع قانون جديدا للادارة المحلية يطالب فيه بوجود محاسبة حقيقية للمحافظين واشراف قضائى كامل على الانتخابات.. وكذلك تفعيل دور اعضاء المجالس الشعبية المحلية وزيادة وعيهم بالقانون.