يبدو أن «برقع الحياء» قد ذهب إلى غير رجعة بعد يأس وقنوط من أن ينصلح الحال فى الشارع المصري، وهذا البرقع المندثر كانت له اليد الطولى فى كبح جماح المستهترين والمنفلتين من قبضة القانون الذى نخشى من اندثاره هو الآخر! هناك برقع الحياء الذى انتزعه التجار فور الإعلان عن تحرير سعر صرف العملات الأجنبية، لنجد جميع السلع بلا استثناء قد أصابها «سعار» الزيادة بل حدود ولا أسباب ولا منطق ولا مبرر، وكأن أحدا قد «عضها» لتهيج وتثور رافضة كل الحلول حتى محاولات «التطعيم» والعلاج، لنجد أنفسنا أمام أمر واقع منفلت، لا تحتويه إلا ثقافة نراها مستحيلة، ثقافة «المقاطعة» وأقول مستحيلة لأن الزيادة الرهيبة التى قررها التجار من تلقاء أنفسهم تشمل جميع السلع والأدوية والأجهزة بأنواعها والخضار والفاكهة والمحمول وكل صنوف السلع فى الأسواق المصرية، ولا نعرف أى سلعة منها نقاطعها؟! أيضا اختفى برقع الحياء وسط زحام الشوارع والسيارات التى تندفع «وتتصارع» على كل متر تسير فيه أو تحتله للوقوف، ناهيك عن تعمد اختراق السيارات بلا مبالاة مثلما حدث مع سيدة الإسماعيلية التى تشاجرت مع قائد سيارة أخري، وطلبت أقاربها عبر المحمول فحضروا شاهرين سيوفهم وكانت موقعة الاسماعيلية التى انتهت بدهسها مواطنين لا ذنب لهم ولا جريرة! وقد انتزع برقع الحياء من لغة الحوار الراقية لتحل محلها الألفاظ النابية وفحش الكلام، فى الشوارع والبيوت ودور السينما والمواصلات وبين المعارف والأقرباء والغرباء وربما بين الأخوة والأصدقاء فلقد انقلبت العلاقات وتفشت دراما «الردح» بعد أن ظلت سنين طويلة حبيسة الأحياء العشوائية، لتقفز إلى كل الأحياء بما فيها الراقية «سابقا». وكذلك برقع الحياء الذى اختفى نتيجة العلاقة الهابطة بين الطالب والمدرس بعد أن انتشرت الدروس الخصوصية، ونتج عن تبعية المدرس المادية تطاول الطالب عليه بالألفاظ لدرجة أنه لا يجد غضاضة فى عدم الرد! وهناك برقع الحياء الذى اندثر فى المجال الرياضي، فرأينا أحد رؤساء الأندية وعلى الملأ وفى جميع القنوات الفضائية وهو «يسب» أحد لاعبى فريق كرة القدم بالنادى لأن اللاعب استاء من نقد رئيس النادى له عبر القنوات الفضائية، فاستحق اللعنة والتهديد «بتعليقه من رجليه» على بوابة النادي! ولا ننسى برقع الحياء الذى خلعه أحد المستشفيات حينما رفض نقل إحدى حالات الولادة على كرسى متحرك لتكتمل المأساة «بانزلاق» المولود فى الشارع، ونصل إلى برقع الحياء الذى دمرته المسلسلات، والبرامج الحوارية، وإذاعة التسريبات، والإعلانات والمطابخ التى انتشرت فى جميع القنوات الفضائية لتعليم فن طبخ «النجريسكو»، وطريقة شوى مكعبات البتلو الذى وصل الكيلو منه إلى 203 جنيهات أو 14 دولارا بسعر البنوك «المحرر»! وأقول قليل من الحياء وسط هذه الظروف الصعبة التى تضغط على أعصاب المواطنين!. عبد المنعم النمر جليم رمل الاسكندرية