في الصفحة الأولي بصحيفة الأهرام بتاريخ2016/11/10, أي بعد اليوم التالي لانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وفي برواز ورد فيه أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أجري اتصالا هاتفيا بالرئيس الأمريكي المنتخب جاء فيه بعد التهنئة, أنه يدعوه إلي زيارة مصر. ثم صدر بيان من رئاسة الجمهورية وفيه أن مصر تتطلع لأن تشهد فترة رئاسة دونالد ترامب ضخ روح جديدة في مسار العلاقات المصرية الأمريكية. وأضافت صحيفة الحياة الصادرة في ذلك اليوم نفسه قائلة بأن هذه العلاقات كانت تتسم بالفتور منذ إطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام.2013 ثم أشارت إلي أن اتصال الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أول اتصال دولي يتلقاه الرئيس ترامب للتهنئة بفوزه. والسؤال اذن: لماذا كان السيسي أول المهنئين؟ وماذا تعني إشارته إلي الروح الجديدة المطلوب بثها؟ الجواب عندي كالآتي: كانت تدور في عقل الرئيس السيسي فكرة واحدة وهي أنه من اللازم هزيمة هيلاري كلينتون لأنها تابعة لرئيسها أوباما الذي كان مصمما علي الاطاحة بالرئيس عبد الفتاح السيسي بهدف التمهيد ليس فقط لعودة مرسي, ولكن أيضا لتهيئة المناخ الديني لإحياء الخلافة الاسلامية ليس في العالم الاسلامي فقط إنما في العالم برمته. وفي هذا المعني حررت مقالا في جريدة المصري اليوم بتاريخ2014/4/7 تحت عنوان أصولي في البيت الأبيض جاء فيه أنه عندما انتخب أوباما رئيسا لأمريكا وجد ستة من الأصوليين الاسلاميين في البيت الأبيض فدخل في علاقة عضوية معهم, ثم امتد بهذه العلاقة إلي العالم الاسلامي. ولا أدل علي ذلك من العبارة التي وردت في خطابه في جامعة القاهرة في2009/6/4 حيث قال إن الشراكة بين أمريكا والاسلام تستلزم الاستناد إلي حقيقة الاسلام وليس إلي ما هو غير اسلامي, إلا أنه لم يعثر علي حقيقة الاسلام إلا عند الاخوان المسلمين, أو بالأدق عند الأصولية الاسلامية وأساسها فكر ابن تيمية الذي يبطل إعمال العقل في النص الديني فيرادف بين العقل والحواس, وينتهي إلي ضرورة سيادة السمع والطاعة. وفي هذا السياق أعلن أوباما بصراحة أن علي الاخوان المسلمين الاستيلاء علي السلطة. وفي هذا المعني أيضا حررت مقالا في جريدة الأهرام بتاريخ2016/9/20 تحت عنوان أوباما أصولي ومتواطئ جاء فيه أن الرئيس أوباما في سياسته الخارجية يسير في اتجاه إحياء الخلافة الاسلامية وهو اتجاه معاكس لما تسير فيه مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي, وكان ينبغي أن يكون التعاون معه هو جوهر السياسة الخارجية الأمريكية. وإذا قيل إن قيادة أوباما للسياسة الأمريكية لغز علي نحو ما يتصور الأمريكيون فهو تصور واهم, إذ هو في أعماقه أصولي متواطئ مع الاخوان المسلمين لإحياء الخلافة الاسلامية. والسؤال بعد ذلك: لماذا هزم أوباما وفاز ترامب برئاسة أمريكا؟ قد يبدو أنني ارتكبت خطأ في صياغة السؤال وكان الصحيح أن تكون الصياغة كالآتي: لماذا هزمت هيلاري كلينتون؟ وجوابي أن هذا خطأ مقصود لأن هيلاري كلينتون مجرد تابع تسير وراءه ولا تتقدمه. ومن هنا أجيب عن السؤال المتوهم أنه خطأ وهو علي النحو الآتي: أستند في الجواب عن هذا السؤال إلي ماورد في مانشيت بصحيفة المصري اليوم بتاريخ2016/11/10, أي إثر فوز ترامب تحت عنوان زلزال سياسي في واشنطن.. صدمة عالمية بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولاياتالمتحدة جاء في بدايته أن هذا الفوز أحدث مفاجأة وصدمة كبيرة للعالم بعد أن خالف جميع التوقعات واستطلاعات الرأي وتغلب علي منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون وداعمها الأكبر باراك أوباما.والسؤال اذن: لماذ جاء فوز ترامب مخالفا لجميع التوقعات؟ أستند في الجواب عن هذا السؤال إلي ما كتبه الاعلامي المرموق عبد اللطيف المناوي في صحيفة المصري اليوم بتاريخ2016/11/10 تحت عنوان ثورة ترامب جاء في مفتتحه عكس كل التوقعات فاز ترامب فوزا ساحقا لم يكن يتوقع أي من المراقبين والمتابعين حتي في دائرة ترامب الضيقة هذا الفوز. وأجمعت كل التوقعات والقياسات تقريبا أن كلينتون فائزة لا محالة. وهنا يثير المناوي السؤال الآتي: لماذا جاء فوز ترامب علي عكس كل التوقعات؟ يستند في جوابه إلي ما قالته خبيرة سياسية داعمة لكلينتون علي شبكة سي.إن. إن: نحن أخطأنا. نحن فوجئنا بمؤيدين لترامب لا نعرفهم يخرجون من أماكن لا نعرفها ويصوتون له. ويختتم مقاله بهذه الفقرة الملهمة: منذ حوالي عام, وكنت أحضر أحد المؤتمرات الدولية, تحدث أحد الحضور وكان دبلوماسيا سابقا حول أن العالم يواجه عددا من الكوارث الطبيعية التي تهدد البشرية, وذكر ارتفاع درجات الحرارة والزلازل المتزايدة والأوبئة الجديدة. وأضاف ساخرا أتمني ألا يضاف إلي هذه الكوارث دونالد ترامب كرئيس لأمريكا. ثم ينهي مقاله بهذه العبارة الثورية: لم يكن يتخيل أحدهم أن يأتي اليوم ليواجهوا الحقيقة: ثورة مهمشين. والسؤال اذن: ماذا تعني ثورة مهمشين؟ إنها تعني ثورة رجل الشارع. وكنت قد فطنت إلي هذه الثورة في عام1982 عندما عقدت مؤتمرا دوليا في عام1983 في جامعة الدول العربية تحت عنوان الفلسفة ورجل الشارع وهو عنوان مشتق من ثمار الثورة العلمية والتكنولوجية باعتبار أن رجل الشارع أو بالأدق انسان الجماهير هو من افراز هذه الثورة التي أفرزت مصطلح الجمهور بالعربية وmass-man بالانجليزية. والمفارقة هنا أن المستثمرين لهذه الثورة تجاهلوا استثمار ثمارها واتجهوا بها في نهاية المطاف إلي الضد بقيادة أوباما هيلاري, إلا أن فوز ترامب قد دمر هذا الاتجاه. وفي انتظار البديل ماذا يكون؟ هذا هو سؤال التحدي. لمزيد من مقالات مراد وهبة;