كل الذين كتبوا عن حرب أكتوبر على مدى 43 عاما مضت توقفوا بالتأمل والاحترام أمام "كشكول الجمسي" الذى فرض نفسه كقاسم مشترك فى تحليل ورؤى الخبراء العسكريين حول براعة المصريين فى اختيار التوقيت الملائم للحرب وتحقيق مفاجأة لا تخطر على بال إسرائيل. والحقيقة أن الدقة عنوان مميز لشخصية المشير محمد عبد الغنى الجمسى منذ نعومة أظفاره وطوال فترة خدمته العسكرية فهو كما عاصرته لسنوات فى المخابرات الحربية وتعاملت معه مباشرة لا يترك شاردة ولا واردة إلا ويسجلها ولهذا فإن الرجل فور انتهاء الاجتماع التاريخى للرئيس السادات مساء 24 أكتوبر عام 1972 بمنزله بالجيزة مع أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة اشتم من حديث السادات أننا ذاهبون إلى الحرب الشاملة لا محالة وقد ازداد يقينه بذلك عندما أصدر السادات قرارا يوم 26 أكتوبر بتعيين المشير أحمد إسماعيل على وزيرا للحربية. خلال أول اجتماع بين أحمد إسماعيل وزير الدفاع وعبدالغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات توافق الرجلان على حتمية الحرب قبل نهاية عام 1973وعدم انتظار ورود أسلحة جديدة من روسيا وبالتالى بناء خطة فى حدود الإمكانات المتاحة وتعزيز ذلك برفع كفاءة التدريب القتالى واستعراض آفاق التعاون المحتمل مع سوريا. ومع بداية عام 1973 دخل الجمسى وكبار معاونيه بهيئة العمليات فى سباق مع الزمن لإعداد التصور المحتمل بناء على دراسات فنية وسياسية وتقنية عمل الجمسى على تسجيل خلاصاتها فى كشكول مدرسى بقلم رصاص وقام بتقديمه للفريق أول أحمد إسماعيل على فى نهاية مارس 1973 الذى تولى عرضها على الرئيس السادات بداية شهر أبريل قبل أيام قليلة من اللقاء السرى بين السادات وحافظ الأسد فى برج العرب والذى اتفقا فيه على ترك تحديد موعد الحرب للعسكريين فى ضوء البدائل التى تضمنتها خطة الجمسى. وغدا نطالع صفحات جديدة [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله