في وقت تعاني فيه مصر من وجود 1220 منطقة عشوائية والف قرية فقيرة وبالتالي وقوع اكثر من 40% من السكان تحت خط الفقرفما احوجنا الي وضع استراتيجية التنمية باستهداف احزمة الفقر, وهي استراتيجية متكاملة تضعها الدولة النامية للنهوض بمجتمعها تنمويا في كل المجالات وتترجمها في سياسات تطبق علي أرض الواقع من خلال برامج تنفيذية ذات جداول زمنية محددة وتعتمد هذه الاستراتيجية علي عدة محاور أولها تحديد أهم المشاكل التنموية لكل اقليم في الدولة ووضعها علي خريطة خاصة , بناءا عليها تتحدد خريطة استثمارية لكل اقليم في مجالات الزراعة والتصنيع والنقل والمواصلات والتنمية البشرية ( التعليم والصحة ومياه الشرب والصرف الصحي ) وغيرها , وتعتمد هذه الاستراتيجية علي مبادئ العدالة الاجتماعية وعدالة التوزيع الاقتصادي، وتحفيز الاستثمار كما حدث بالتجربة الماليزية والسنغافورية والكورية الجنوبية , فقد استطاعت ماليزيا خلال أربعة عقود (1970-2015م) تخفيض معدل الفقر من 52.4% إلى 1% وانخفضت نسبة البطالة إلى 3% حاليا، وتم تبنى إستراتيجية فى كل السياسات والخطط التنموية ، هدفت لمكافحة الفقر المدقع وإعادة هيكلة العمالة وزيادة تنمية الأعمال التجارية والصناعية للأغلبية الفقيرة من السكان مما أدى إلى تناقص فوارق الدخول بين المجموعات السكانية المختلفة. وتم ذلك من خلال تبنى عدة برامج , منها تقديم قروض بدون فوائد للفقراء وبفترات سماح تصل إلى أربع سنوات , وتقديم إعانة شهرية تتراوح بين 130-260 دولارا أمريكيا لمن يعول أسرة وهو معوق، أو غير قادر على العمل بسبب الشيخوخة , وتنفيذ برنامج التنمية للأسر والمناطق الأشد فقراً, الذى يستهدف زيادة الخدمات الموجهة للمناطق الفقيرة فى الريف والحضر بهدف تحسين نوعية الحياة وخلق المزيد من فرص العمل لهم بإنشاء العديد من المساكن للفقراء بتكلفة قليلة, وترميم المساكن القائمة وتحسين بنائها وظروف السكن فيها بتوفير خدمات المياه النقية والكهرباء والصرف الصحي, وزيادة امتلاك الفقراء للأراضى ورأس المال المادى ورفع مستويات تدريب العمالة وزيادة الرفاهية العامة ، وتوفير مرافق البنية الأساسية فى المناطق النائية الفقيرة، بما فى ذلك مرافق النقل والاتصالات السلكية واللاسلكية والمدارس والخدمات الصحية والكهرباء . وأسست الحكومة الماليزية صندوقاً لدعم الفقراء تحدد اعتماداته فى الموازنة العامة للدولة سنويًّا إلى جانب اعتمادات مالية أخرى, لصالح مشروعات اجتماعية موجهة لتطويرالريف والأنشطة الزراعية الخاصة بالفقراء ، وتقديم قروض بدون فوائد للفقراء فى مجال الزراعة ومشروعات الأعمال الصغيرة. كما تضمنت السياسة الضريبية فى ماليزيا بعداً اجتماعياً يستفيد منه الفقراء وذلك بتأكيد مبدأ التصاعدية فى ضريبة الدخل ، حيث يبلغ الحد الأدنى من الدخل الخاضع للضريبة حوالى 658 دولارا أمريكيا فى الشهر وتؤخذ الضريبة بعد خصم أقساط التأمين الصحى ونسبة تكلفة معيشة الأطفال ونفقات تعليمهم ومن يعول من الوالدين ومساهمة صندوق التأمين الإجباري, كما أن الدولة الماليزية شجعت المواطنين المسلمين (أفرادا وشركات) على دفع الزكاة لصالح صندوق جمع الزكاة القومى الذى يدار بواسطة إدارة الشئون الإسلامية فى مقابل تخفيض نسبة ما يؤخذ من ضريبة الدخل وأدت سياسات النمو والحد من الفقر إلى تنمية الطبقة الوسطي العمود الفقرى لأى مجتمع، كما أفرزت حراكًا جديدًا فى السوق المحلية ساهم فى إنعاش الاقتصاد ، هذه الموجة من الإصلاحات الهيكلية والتى تمت وفق رؤية تشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص كانت لها آثار ايجابية على المستوى الاجتماعى وعلى النظام السياسى في الدولة . كما أن هذه التجارب عملت على بناء نموذج تنموى يقوم على ثلاث ركائز هى , التعليم والرأسمال البشرى , والإنطلاق الاقتصادى على أساس التوزيع الأمثل لثمار النمو من خلال تجربة رائدة فى العدالة الاجتماعية , والانفتاح الخارجى على قوى جديدة واقتصاديات واعدة , والثالثة هى مكافحة الفساد والممارسة الديمقراطية لمزيد من مقالات مختار شعيب;