أهداف جماعة الإخوان من عملية الاغتيال الأخيرة التي استهدفت أحد قيادات الجيش المصري البواسل أمام منزله تتلخص في محاولة عسكرة الحالة المصرية وفتح أبواب المشهد المصري لعبور العائدين من داعش وقاعدة سوريا والعراق وليبيا علي إثر الضربات والهزائم التي تتلقاها تلك التنظيمات التكفيرية المسلحة، وفتح شهية مختلف المغامرين والمحبطين والفارين للانخراط في القتال في الساحة المصرية، لتوظف الجماعة هذه القوة المضافة في صراعها مع الدولة ومؤسساتها، لتحقيق أهدافها القديمة التي لا تزال تدور في فلك أوهامها. السعي لإحداث انقسام داخل الجيش المصري، وهو الهدف المستحيل الذي عاش الإخوان وحلفاؤهم يتمنون حدوثه ويمنون أتباعهم باختلاق مختلف الأكاذيب حوله بالترويج بأن هناك قائدا ما قد انشق، أو أن هناك بعض القيادات غير راضية عن الأوضاع وعن سياسة الدولة..إلخ، ويتوهم من خطط لتلك العملية الجبانة أنهم بذلك سيهيئون مناخًا داخل القوات المسلحة المصرية لظهور وجهات نظر مختلفة حول التعاطي مع الأوضاع سواء كانت إقليمية أو محلية. الثأر المزدوج في مسارين؛ الأول ردًا علي تأييد الأحكام الصادرة ضد قيادات الإخوان في قضية الاتحادية وعلي رأسهم الرئيس المعزول مرسي، ومن الملاحظ أنهم مع كل قضية منظورة ومع كل حكم يصدر خاصة فيما يتعلق بقضايا مرسي ينفذون عملية إرهابية، والثاني ثأراً لمقتل المسئول عن النشاط العسكري للجماعة محمد كمال، وكانت الخلية التي تبنت مسئولية اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرعات رحمه الله التي تطلق علي نفسها «لواء الثورة» قد هددت في بيان صادر عنها بتنفيذ عمليات عنف للرد علي مقتل محمد كمال وجاء فيه «إننا لرادوها الصاع بعشرة، وإنا لآتوكم بحول الله من فوقكم ومن أسفل منكم ونقسم بالله غير حانثين أنها لن تمر وإن غدا لناظره قريب». دعم مشروع أردوغان التوسعي داخل الدول العربية، ومسعي أردوغان هو موازنة قوته الإقليمية والتخديم علي تحركاته داخل العمق السوري والعراقي، وهو يري أن إثارة الفوضي بمصر وتثوير الشارع وتسخين صدامات وصراعات الجماعات المسلحة في مواجهة الجيش المصري ومؤسسات الدولة، يخفف الضغط علي تنظيماته في المشهد الإقليمي، ويعتبر أن مصر هي التي سترجح كفته في ظل التحديات التي يواجهها مع تقدم الجيش السوري في الشمال وتقدم الجيش العراقي في الموصل مع اختلاف التفاصيل، ويسعي جاهدًا لأن تكون مصر مع سوريا وليبيا والعراق أيضًا تحت إمرته هو، لا أن يحكمها ويوجهها قادة عرب وطنيون، والعقبة الرئيسية أمامه هي المؤسسات العسكرية في التي تناهض مشروعه التوسعي، بتوظيف الإخوان والقاعدة وكذلك داعش. والشواهد جميعها تشير إلي أن الجماعة التي تتصرف بجنون هيستيري تسعي واهمة لاستنساخ سيناريو 28 يناير 2011م، وبعد أن حاولت طوال الأشهر الماضية القيام بمقدمات الخطة من خلال إثارة التذمر لدي الجماهير وثبت ضلوعها في الإضرار بالاقتصاد في ملفات الاستثمار والسياحة والعملة والسعي لإفساد علاقات مصر مع إفريقيا والغرب والدول العربية، وبعد تثوير قطاعات من الشعب ودفعهم للنزول للشارع يواكب ذلك فوضي اقتحامات السجون وأقسام الشرطة والتلميح بعدم مقدرة الأجهزة الأمنية علي السيطرة علي الأوضاع، والقيام باغتيالات في صفوف قيادات القوات المسلحة كرسالة من الجماعة لتحييدها وإبعادها عن التدخل في الصراع القائم. الجماعة تتحول للعسكرة الشاملة وتبني الصدام المسلح مع الدولة وأجهزتها، وكشفت التطورات الأخيرة عن مضيها في غيها وإصرارها علي تحدي الدولة المصرية، سواء من خلال ما يجري علي الأرض من عنف واغتيالات، أو من خلال تعاطي قادة الجماعة مع الأحداث، بداية من ردود أفعالهم المتشنجة التحريضية عقب مقتل مسئول اللجان النوعية بالجماعة محمد كمال، أو من خلال البيان الأخير الذي أطلقه المسئول الجديد لما يسمي اللجنة الإدارية العليا محمد عبد الرحمن المرسي الذي كان حلقة الوصل بين مجموعة محمد كمال وتيار محمود عزت، عندما دعا في بيانه إلي ما سماه النفير العام، مطالبًا الجماعة بالجهاد المقدس ضد الدولة موظفًا آيات الجهاد في القرآن، دفاعًا عن رموز وقادة الجماعة، وطريقًا لاستعادة السلطة بوصفه الانتصار الحقيقي للثورة. وبنظرة شاملة علي مسار تحركات الجماعة وربطها بما يحدث في الإقليم طوال السنوات الثلاث الماضية، نكتشف أنها سلكت طريق اللا عودة سواء في التوجه الفكري بتحويل الصراع السياسي إلي عقائدي وديني والترويج لكونهم يخوضون حربًا مقدسة ضد أعداء دينيين لنصرة الإسلام والهوية بداية من بيان نداء الكنانة مرورًا ببيان هيئتهم الشرعية لتخليص القيادات كواجب مقدس باعتبارهم أسري وانتهاء ببيان النفير، وتنظيميًا بعسكرة التنظيم والعودة من جديد للعمل السري المسلح، ومنهجيًا بالارتباط بمشاريع إقليمية لخدمة مصالح قوي توسعية غير عربية علي حساب الأمن القوي العربي والمصري. وفي حين يتغني الإخوان بأردوغان وبما قام به ضد قيادات الجيش التركي وضباطه تحت غطاء الانقلاب الفاشل، يفرحون ويقيمون الحفلات علي جروباتهم لاغتيال قائد عسكري مصري كبير، ويطلق أعضاء بالجماعة هشتاج «ثورتنا قصاص وحياة»، مطالبين بمواصلة القتل والاغتيالات ظانين أن ما فعله زعيمهم في الجيش التركي من الممكن استنساخه مع الجيش المصري، والمتابع لتفاصيل وتحقيقات واعترافات عمليات الاغتيال منذ النائب العام إلي اليوم، يجد أن مسرح خططها وتدريبها وتمويلها وتنفيذها بين القيادة في تركيا والتدريب في غزة وسيناء والتنفيذ داخل مصر. وفي حين يفرحون بانتعاشة اقتصادية سواء في قطر أو تركيا، تغمهم وتحزنهم أي أخبار عن مشاريع مصرية وطنية تخفف الأعباء عن المواطنين وتيسر أحوالهم المعيشية، ويواصلون السير في تقويض تلك المسارات التي تمنح الأمل في عبور المرحلة الصعبة وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني سيرًا علي خطتهم التي أعلنوا أنها نالت توافقًا داخل الجماعة بعنوان «الإنهاك والإفشال والإرباك».. الجيش العظيم والشعب الواعي الوطني سينتصران بلا شك علي العصابة والميليشيا. أولاً: لغباء هذا التيار الذي فوت فرصة أن يكون مكونًا مصريًا مسهمًا في النهضة والنضال السلمي، ليتحول إلي مجرد عصابة إقليمية يقودها مغامر طائش عائش في أوهام الزعامة وهلوسات السلطنة. ثانيًاً: الجماعة لا تقرأ التاريخ ولا تتعلم من الدروس، ولا تدفعها هزائمها وانتكاساتها المتوالية منذ نشأتها إلي اكتشاف الخلل في طبيعة تكوينها وكارثية أهدافها التي تضعها دائمًا في صراع دائم مع التيارات الوطنية ومؤسسات الدولة وعموم الشعب. ثالثًا: العصابة والميليشيا تتحالف مع الإرهاب الإقليمي وتتعاون مع حلف الشيطان الرجيم الذي تسبب في تدمير البلاد العربية الكبري وتفكيك جيوشها، وحاربت الدول العربية وصادقت إسرائيل، وها هي تحاول خلف نفس الحلف مع مصر. رابعًا: الجيش المصري الذي انتصر علي إسرائيل النصر الوحيد الخادم لقضايا العرب والإسلام بالمقارنة مع استعراضات البعض الأكروباتية لأغراض تبين تمامًا أنها فقط لخدمة مشاريع دول توسعية في العمق العربي، يخوض حربًا في مواجهة وكلاء عن قوي تسعي لإخضاع مصر وإلحاقها بمشروع الشرق الأوسط الجديد، ولن يتراجع أو يهتز لسقوط شهيد من أبنائه، وسيضحي بالمزيد دفاعًا عن وحدة الأراضي المصرية وعن تماسك جيشه وشعبه. خامسا: الشعب فهم اللعبة جيدًا واستوعب أبعاد المخطط، وما وراء مزاعم الديمقراطية والحريات ومن وراء الجماعات التي تضرب في الجيوش العربية، وصار أكثر وعيًا للفارق بين دعوات الإصلاح السياسي المتفق عليها ودعوات هدم الدولة ومؤسساتها، وصار حساسًا جدًا يفرق بين حماسة الصوت الوطني الغيور علي بلده ودينه، ونشاز الصوت المتآمر خلف الشعارات البراقة. لمزيد من مقالات هشام النجار