فى صفعة هائلة للقضاء الدولي، نفذت جنوب إفريقيا تهديدها بإعلان انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، بعد الجدل الذى كان قد أثاره موقفها الرافض تنفيذ قرار المحكمة باعتقال الرئيس السودانى عمر البشير خلال زيارة له إلى جوهانسبرج عام 2015. وصرح وزير العدل الجنوب إفريقى مايكل ماسوتا بأنه بناء على الإجراءات المعمول بها، فإن بريتوريا «أعلنت خطيا للأمين العام للأمم المتحدة انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية». وأوضح الوزير فى مؤتمر صحفى أن القرار يدخل حيز التنفيذ بعد مرور عام «من تاريخ استقبال الرسالة» التى وجهتها جنوب إفريقيا إلى الأممالمتحدة منذ الأربعاء الماضي. وفى أول رد فعل، عبر بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة عن «أسفه» لهذا القرار بحسب ما أعلن المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، قائلا : إنه «فى العقدين الماضيين حقق العالم تقدما هائلا فى مجال العدالة الدولية»، خصوصا بفضل المحكمة الجنائية الدولية، وذكر أن جنوب إفريقيا كانت واحدة من أوائل الدول الموقعة على معاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية. واتهم وزير العدل الجنوب إفريقى المحكمة الجنائية الدولية بأنها «تفضل بالتأكيد استهداف قادة فى إفريقيا واستبعاد الباقين الذين عرفوا بارتكاب هذه الفظاعات فى أماكن أخرى» خارج أفريقيا. يذكر أنه منذ بداية عمل هذه المحكمة فى 2003، فتح قضاتها تحقيقات فى تسع دول منها ثمانى دول أفريقية، وكان ذلك محل نقد فى القارة الإفريقية خصوصا من الاتحاد الإفريقى الذى رأى فى موقف المحكمة «نوعا من الملاحقة على أساس عنصري». وفى حالة تنفيذ تهديدها، قد تصبح جنوب إفريقيا بذلك أول دولة فى العالم تغادر المحكمة الجنائية الدولية، ولكنها ستكون ثانى دولة توجه ضربة إلى هذه المحكمة بعد إصدار رئيس بوروندى بيار نكورونزيزا الثلاثاء الماضى قانونا نص على أن بلاده ستنسحب من المحكمة. وحذر أنطون دو بليسيس مدير معهد الدراسات الأمنية من أن القرار قد يكون له «تأثير الدومينو» ويدفع دولا الإفريقية أخرى إلى الخروج من المحكمة، خاصة بعد أن دعا السودان «القادة الأفارقة والشعوب الإفريقية الذين ما زالوا أعضاء (فى المحكمة) إلى انسحاب جماعي منها». وقال مستشار مقرب من البشير لوكالة الأنباء الفرنسية إن الدول الإفريقية الأخرى مستعدة لتحذو حذو جنوب إفريقيا فى هذه الخطوة التى تشكل تحديا للمحكمة.