تفاصيل قانون تسوية أوضاع الممولين.. خطوة جديدة لدمج الاقتصاد وتخفيف الأعباء الضريبية    إحالة أوراق قاتل شقيقه ونجل شقيقه فى الغربية إلى المفتي    باكستان تعتزم إطلاع مجلس الأمن الدولي على التوتر القائم مع الهند    الأمن يضبط المتهمين بسرقة بطاريات السيارات في الغربية    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتفقد سير العمل بملف التصالح المركز التكنولوجي بمدينة ببا    استشهاد فلسطينية في قصف الاحتلال منزلا في مدينة غزة    الصورة الأولي للطالبة المتوفيه إثر سقوطها من الطابق الرابع بكلية العلوم جامعة الزقازيق    قرار جمهوري بالموافقة على اتفاق بشأن تخلي بنك التنمية الإفريقي عن الليبور كسعر فائدة مرجعي    زيلينسكي: وقف إطلاق النار مع روسيا ممكن في أي لحظة    البحرين تدين الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة على سوريا    الزمالك يستأنف استعداداته لمجهة الاتحاد في كأس مصر للسلة    مصدر يكشف تفاصيل مفاوضات الأهلي مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد    من هو اللاعب كريم البركاوي الصفقة المحتملة للزمالك ؟    رئيس جامعة بنها يتفقد عدداً من المنشآت الجديدة بكفر سعد    ستبقى بيننا زمالة ومودة.. البلشي يشكر عبدالمحسن سلامة: منحنا منافسة تليق بنقابة الصحفيين    "عروض قتالية".. الداخلية تنظم احتفالية بتخريج الدفعة التاسعة من معاهد معاوني الأمن | فيديو وصور    بسبب الغش.. طالب ثانوي يطعن زميله بآلة حادة في أكتوبر    هل يجوز لي التعاقد على شراء كميات محددة من الحبوب الزراعية كالأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما شروط الوقوف بعرفة؟.. الدكتور أحمد الرخ يجيب    «الرقابة الصحية» تعلن منح الاعتماد ل24 منشأة صحية وفقا لمعايير «جهار»    قلبك في خطر.. احذر 5 علامات إذ ظهرت على جسمك اذهب للطبيب فورا    الزمالك: نرفض المساومة على ملف خصم نقاط الأهلي    المخرج طارق العريان يبدأ تصوير الجزء الثاني من فيلم السلم والثعبان    الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقا جنوب تل أبيب بعد العثور على جسم مريب في أحد الشوارع    الإدارة العامة للمرور: ضبط 37462 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    في يومها العالمي.. وزير الأوقاف: الصحافة الواعية ركيزة في بناء الإنسان وحماية الوعي    بيراميدز يتفوق على الأهلي بروح ال+90.. كيف ساهمت الأهداف القاتلة في صراع الصدارة؟    فيبي فوزي: تحديث التشريعات ضرورة لتعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات الرقمية    كلية الآثار بجامعة الفيوم تنظم ندوة بعنوان"مودة - للحفاظ على كيان الأسرة المصرية".. صور    تشكيل ريال مدريد أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    إلغاء معسكر منتخب مصر في يونيو    الأهلي يدرس استعادة أحمد عابدين بعد تألقه مع منتخب الشباب    وكيل تعليم البحيرة يتابع التقييمات الأسبوعية بمدارس المحمودية    توريد 104 آلاف و310 أطنان قمح بصوامع أسوان    بدء اجتماع لجنة الإسكان بالنواب لمناقشة قانون الإيجار القديم    الصاروخ اليمني اجتاز كل منظومات الدفاع الإسرائيلية والأمريكية بمختلف أنواعها    مصادر: استشهاد 45 فلسطينيًا جراء القصف الإسرائيلي في 24 ساعة    نائب محافظ دمياط توجِّه بسرعة التدخل لدعم المتضررين من الأمطار    ضبط 800 كاوتش سيارات بدون فواتير بالشرقية    إصابة 3 أشخاص في حريق شقة سكنية بالمطرية    انطلاق القمة الخليجية الأمريكية في السعودية 14 مايو    الإييجار القديم.. ينتظر الفرج النائب شمس الدين: ملتزمون بإنهاء الأزمة قبل نهاية دور الانعقاد الحالى    إياد نصار: كريم عبد العزيز مجنون نجاح وهذه كواليس «المشروع x»    «أهل مصر» فى دمياط.. و«مصر جميلة» بالبحيرة    لبلبة: «بفهم عادل إمام من نظرة عنيه»    21 مايو في دور العرض المصرية .. عصام السقا يروج لفيلم المشروع X وينشر البوستر الرسمي    صادرات الملابس الجاهزة تقفز 24% في الربع الأول من 2025 ل 812 مليون دولار    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الإسكان عددا من ملفات عمل الوزارة    خالد عيش: سرعة الفصل في القضايا العمالية خطوة حاسمة لتحقيق العدالة    «الشيوخ» يحيل تقارير اللجان النوعية بشأن الاقتراحات المقدمة من «النواب»    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعي سيدفع مليار شخص بالعالم إلى تنمية المهارات    حساب بنكي لتيسير عمليات التبرع لصالح مستشفيات جامعة القاهرة    وكيل صحة البحيرة: الإلتزام بإجراءات مكافحة العدوى ومعايير الجودة    كندة علوش تروي تفاصيل انطلاقتها الفنية: "ولاد العم" أول أفلامي في مصر| فيديو    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمى للقضاء على الفقر:مصر على طريق الحماية الاجتماعية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 10 - 2016

فى 22 ديسمبر 1992، صدر قرار الأمم المتحدة رقم 47/196 باعتبار يوم 17 أكتوبر من كل عام يوماً «للقضاء على الفقر» وهو يوم يتجدد فيه الالتزام الدولى والمحلى والمجتمعى ببذل الجهود للقضاء على الفقر ورفع الوعى العام بقضايا الفقر والعوز وبأثره على الإنسانية، حيث تم اختيار هذا اليوم تحديداً لأنه فى 17 أكتوبر 1987 تعالت مطالبات المجتمع المدنى فى باريس وتكررت فى اليوم نفسخ سنوياً دعوة العالم للقضاء على الفقر وأسبابه، مطالبة حكومات العالم وشعوبه بالتعاون لمحاربة الفقر، وتختلف الفعاليات التى تقيمها الحكومات ومنظمات المجتمع المدنى من دولة إلى دولة لإلقاء الضوء على قضية الفقر ولفت الأنظار إليها.
وتختلف تعريفات الفقر من دولة لأخرى وترتكز معظمها حول «فقر الدخل» الذى يؤثر على قدرة الإنسان على الوفاء باحتياجاته وبالتالى الحرمان من الخدمات والسلع الأساسية وقد بدأت التعريفات تتوسع وتمتد لتشمل «الفقر متعدد الأبعاد» الذى يشمل ما هو أوسع من الدخل والإنفاق إلى مؤشرات صحية وتعليمية وبيئية ونفسية وغيرها.
ولقد وجدت انه من واقع مسئوليتى كعضو فى الحكومة ومسئولة عن وزارة مكلفة ضمن غيرها من الوزارات بالتعامل مع قضايا الفقر والحماية الاجتماعية أن انتهز فرصة احتفال العالم باليوم العالمى للقضاء على الفقر لأحاول محاولة متواضعة أن أوضح طبيعة الفقر وسبل وشروط الخروج من دائرته وجهود الحكومة لتحقيق الحماية الاجتماعية للفقراء.
يرتبط القضاء على الفقر فى أى دولة بشرط النمو الاقتصادى فى الدولة إلا أن هذا الشرط ليس كافياً فى حد ذاته إذا لم يرتبط بعدالة التوزيع وبسياسات تنحاز للطبقات الأدنى دخلاً على حساب الطبقات الأعلى دخلاٍ وإذا لم يزحف النمو إلى المناطق الجغرافية الأقل نمواً . إن توزيع عوائد النمو وطبيعة النمو فى حد ذاته ومكوناته شرط أساسى ليحقق النمو أثراً إيجابيا فى الحد من الفقر. ودليلنا على ذلك أنه فى الفترة بين 2004 و 2008 حققت مصر نمواً معقولاً وحققت خفضاً للبطالة إلا أن معدلات الفقر لم تنخفض والشعور بالفقر كان متنامياً فيما عدا بين طبقات محدودة وفى مناطق معدودة . وقد أثبتت تجارب الدول أن القضاء على الفقر المدقع وتقليل معدلات الفقر هدف قابل للتحقيق وتصل إليه الدول والمجتمعات إذا انتهجت السبل السليمة وتسلحت الحكومات والمجتمعات بوضوح الرؤية وثبات العزيمة واستمرارية العمل والإصلاح لتحقيق النمو العادل والتنمية الشاملة . وفى مصر ولسنوات طويلة اعتمدت الحكومات على دعم السلع والخدمات وتقديمها للجميع بغض النظر عن مستواهم الاقتصادى واستحقاقهم للدعم وبغض النظر عن التكلفة الحقيقية للسلع والخدمات أو عن جودة هذه السلع والخدمات حتى غابت عنا مفاهيم وقيم الجودة وأصبحنا لا نعرف كيف نحسب التكلفة الحقيقية للسلع والخدمات ولا نعرف من هم مستحقى الدعم ولا كيف نصل إليهم، كما غابت معايير العدالة فى توجيه الدعم.
ولا يخفى على أحد أنه ومنذ عام 2011 ومعدلات الفقر والبطالة آخذة فى الارتفاع وهى ظاهرة طبيعية فى فترات التحول السياسى ناتجة عن سنوات من التباطؤ فى معدلات النمو بسبب فترة كادت تتوقف فيها الأنشطة الاقتصادية وتخللتها ثورتان، وعليه وجب علينا أن نوضح للرأى العام ما الذى تقوم به الدولة للتصدى للظاهرتين الفقر والبطالة وهما ظاهرتان مرتبطتان بشكل كبير فى مصر.
بالتوازى مع برامج الإصلاح الاقتصادى تعمل مجموعة العدالة الاجتماعية على صياغة تشريعات وسياسات وبرامج لحماية الفقراء وللحد من آثار التباطؤ الاقتصادى وأثر إجراءات الإصلاح الاقتصادى على الطبقات الهشة والمهمشة وهى برامج تمت صياغتها وفقاً لأفضل الممارسات العالمية والتجارب الدولية وتشمل تصميم شبكة للحماية الاجتماعية والأمان الاجتماعي Social Safety Net .
وأستأذن هنا القارئ قبل عرض هذه البرامج فى بيان الفارق بين العدالة الاجتماعية والحماية الاجتماعية.
فالعدالة الاجتماعية هى نتيجة مجموعة سياسات وبرامج تتبناها الدول لعقود طويلة تحقق للمواطنين فرصاً عادلة ومتساوية للوصول لجودة الحياة من خلال استثمارات فى الصحة والتعليم بأنواعه وفى البنية التحتية تتاح للجميع بمستوى من الجودة يدمج الجميع فى منظومة التنمية ويعنى ذلك ببساطة عدالة الفرصة فى الوصول للتنمية لأفراد المجتمع جميعاً ويتوقف ما يحققه كل فرد بعدها على اجتهاده وموهبته الشخصية وتتحقق العدالة الاجتماعية أيضاً بعدالة توزيع استثمارات الدولة وبسيادة القانون على الجميع.
أما الحماية الاجتماعية فتتمثل فى مسئولية الدولة تجاه تصميم شبكة أمان اجتماعى تحمى المواطنين من السقوط فى براثن الفقر المدقع، فهى مظلة تحميهم فى الكبر والمرض وظروف الهشاشة الناتجة عن قرارات اقتصادية يتأثر بها الفقراء وتوفر حماية لكل مواطن عند احتياجه لهذه الحماية سواء لظرف ما تعرض له بشكل مؤقت او لظرف دائم مثل (الإعاقة) او لفترة ما فى عمر المواطن (مثل حماية المسنين والأطفال) أو لظرف اقتصادى طارئ (فترة التباطؤ الاقتصادى وما ينتج عنها من تباطؤ فى سوق العمل وما ينتج عنها من بطالة) أو لوجوده فى منطقة تعانى ظروفا اقتصادية معينة.
وتشمل محاور الحماية الاجتماعية:
1 الحماية من العوز لمواجهة الفقر المدقع وتقدم الدولة من خلالها الدعم النقدى المباشر لأفقر الفقراء وكانت الحكومات المتعاقبة على مدى ثلاثين عاماً كاملة قد وصلت إلى مليون و 400 ألف مواطن ما بين مسن وأرملة ومعاق إضافة الى مساعدات متنوعة للطفل اليتيم ولفئات محددة كأسر المجندين وضحايا التصحر، فيما يسمى «معاش الضمان الاجتماعى» ومنذ يناير 2015 بدأت وزارة التضامن الاجتماعى فى تطوير برنامج للدعم النقدى المشروط بمسمى «تكافل وكرامة» وبدأ تنفيذه فعلاً فى مارس 2015 وتم التسجيل فيه حتى الآن لحوالى 2 مليون أسرة فى أفقر 20 محافظة فى 1800 قرية فى أفقر 99 مركز تضم 7 ملايين و 600 ألف مواطن استحق الدعم وانطبقت شروط البرنامج حتى الآن على 950 ألف أسرة تضم حوالى 4 ملايين و 400 ألف مواطن ونخطط للوصول لمليون و 700 ألف أسرة بنهاية العام المالى 2016/2017 ومرصود للدعم النقدى أكثر من 13 مليار جنيه وهو ضعف ما كان مخصصاً للدعم النقدى من عامين، ويستهدف برنامج تكافل فى الأساس المرأة الأم فيدعمها بشرط استمرار أولادها فى المدارس وتقديم رعاية صحية وتغذية منتظمة لهم وهو بذلك استثمار فى مستقبل الأجيال القادمة فالحرمان من التعليم والصحة يحرم أطفال الفقراء من الاستفادة من عوائد النمو ويمنع تحقيق النمو الذى يدمج الفقراء وقد بدأنا البرنامج فى الصعيد قاصدين سد الفجوة الجغرافية فى التنمية التى جعلت من محافظات الصعيد طاردة للسكان إذ بها 67% من فقراء مصر رغم أن سكانها هم فقط ربع سكان مصر. وقد لقى البرنامج تقديراً دولياً كبيراً لقدرته على الوصول للملايين فى فترة وجيزة ولاعتماده على الشفافية والميكنة للحد من الفساد ويتكامل مع الدعم النقدى دعم السلع الغذائية وعلى رأسها الخبز باعتباره غذاء أساسياً لا غنى للمصريين عنه ودعم السلع الغذائية الأساسية فيما يعرف بدعم السلع التموينية، إذ يحصل حوالى 19 مليون أسرة من 21 مليون أسرة هم مجمل أسر الشعب المصرى على دعم يمكنهم من الحصول على السلع الأساسية فكل فرد فى الأسرة تدعمه الدولة بما قيمته 63 جنيها شهرياً وتصل مجمل فاتورة دعم السلع الغذائية إلى حوالى 41 مليار جنيه سنوياً لحماية الأمن الغذائى للأسر المصرية.
2 الحماية من المرض :
تقدمها الدولة من خلال إتاحة الرعاية الصحية والتأمين الصحى على طلاب المدارس وأُضيف لهذه المنظومة برنامج جديد هو «الرعاية الصحية لغير القادرين»، والذى بدأ أيضاً فى الصعيد فى مارس 2015 باعتبار الصعيد أولوية ويستهدف التغطية الصحية لأفقر الفقراء لحين صدور قانون للتأمين الصحى الشامل الذى يحمى الجميع. ومن أهم البرامج التى تنفذها الحكومة بنجاح كبير برنامج علاج مرضى التهاب الكبد الوبائى (فيروس سي) والذى وفر العلاج ل 835 ألف مريض كلف موازنة الدولة 2.9 مليار جنيه وهو من أكبر برامج الحماية على مستوى العالم.
3 الحماية من سوء التغذية
يتكامل البرنامج القومى للتغذية المدرسية مع برنامج الحماية من العوز وتطبقه معظم الدول التى تتشابه معنا فى الظروف، ويشمل توسعاً مدروساً ولأول مرة لبرامج التغذية المدرسية القائم ليغطى 100% من أيام الدراسة فى المدارس الحكومية ومدارس المجتمع في الصعيد و70% من أيام الدراسة فى الوجه البحرى ل 10 ملايين تلميذ ويمتد بالخدمة لأول مرة ليغطى رياض الأطفال، حيث إنه من الثابت والمعلوم أن سوء التغذية يحدث فى أول سنوات العمر. ويهدف البرنامج إلى تقديم وجبة غذائية صحية محسنة تغطى 30% من العناصر الغذاء والطاقة اللازمة يومياً للتلاميذ نحقق بها هدف الحماية من الجوع والحماية من أمراض سوء التغذية ونحفز بها الأطفال على الحضور للمدرسة ونيسر الاستيعاب. وقد بدأ هذا البرنامج بتصميمه الجديد فى الصعيد انحيازاً منا للمحافظات الأفقر مع خطة مدروسة تم وضعها بالتعاون بين وزارات التعليم والصحة والزراعة وجهاز الخدمة الوطنية وتشرف عليه لجنة قومية ترأسها وزارة التضامن الاجتماعي.
4 حماية سكان العشوائيات الخطيرة وتوفير السكن الذى يحفظ الكرامة الإنسانية
اعتمدت الحكومة برنامجاً طموحاً للقضاء على العشوائيات الخطرة وغير الآمنة والتى تهدر حياة سكانها وذلك لحماية 850 ألف مواطن هم سكان 350 منطقة عشوائية خطرة وغير آمنة وهى ظاهرة تشكلت تدريجياً على مدى خمسين سنة واستفحلت مع عدم وجود رؤية للتوسع العمرانى لدى الحكومات المتعاقبة ومع الزيادة السكانية الرهيبة وانعدام فرص العمل فى الريف مما أدى الى زحف السكان على حواف المدن فى ظاهرة تشكل خطورة اجتماعية وبيئية كبري.
وقد بدأت التدخلات تؤتى ثمارها فى الأسمرات، والعسال وغيط العنب ورصدت للعشوائيات ميزانية مستقلة لا تقتصر على الاستثمار فى الحجر ولكن تنظر لكل احتياجات البشر.
ولحماية الطبقات محدودة الدخل بدأت الدولة فى تنفيذ برنامج للإسكان الاجتماعى ينفذ فى كل محافظات مصر هو الأكبر فى تاريخنا لإتاحة حوالى مليون شقة تستوعب الشباب المقبل على الزواج والأسر التى تحتاج لمسكن محترم وتتفاوت النظم المطبقة بين التمليك المقسط والمدعوم والايجار وتقدم الدولة الدعم للفئات الأولى بالرعاية، ومعلوم ان الاستثمار فى قطاع التشييد والبناء هو استثمار كثيف العمالة يتيح فرص عمل متنوعة من عمالة غير ماهرة الى عمالة ماهرة ونصف ماهرة ويعتبر قاطرة تجذب صناعات عدة وهى صناعة مواد البناء ومستلزمات التشطيب والأثاث والمفروشات. وقد تم بالفعل بناء 500 ألف وحدة وفرت فى أثناء عملية البناء 2 مليون فرصة عمل فى قطاع التشييد والبناء فى العامين الأخيرين واستفادت منها المئات من شركات المقاولات المصرية.
5 حماية النشء والشباب
فى دولة فقيرة تفتقر المدارس فيها الى الملاعب وساحات الرياضة ويكبر شبابها محروماً من الحق فى اللعب وممارسة الرياضة وهى أحد عناصر تشكيل الشخصية والهوية، وضعت الحكومة خطة لإنشاء 3650 ملعبا فى مراكز الشباب بأحجام ومستويات مختلفة استثمرت فيها حتى الآن 2 مليار جنيه وتم الانتهاء من 2750 ملعبا فى عامين. والرياضة هى إحدى وسائل حماية النشء وتتكامل فى ذلك مع منظومات متنوعة مكانها المدارس والجامعات والبرامج الثقافية والصحية والخطاب الدينى المستنير.
6 التأمينات الاجتماعية وحماية المسنين
قامت الدولة بتمويل زيادات فى قيمة المعاشات التأمينية، حيث رفعت قيمة المعاشات من 43 مليار جنيه فى 2010/2011 إلى 163 مليار جنيه فى 2016/2017 بهدف حماية أصحاب المعاشات. ولتحقيق حماية حقيقية ومستدامة تقوم الحكومة بمراجعة منظومة التأمينات والمعاشات للخروج بقانون تأمينات موحد يحفز التأمين على العمالة بالأجور الحقيقية ويشدد العقوبة ضد التهرب التأمينى ويضمن استدامة المنظومة وعدالتها. وعلى جانب آخر، يشمل التعديل التشريعى آليات لتوفير الحماية الاجتماعية للعمالة الموسمية وغير المنتظمة.
تتكامل كل تلك الجهود وتتقاطع وتتبنى مبدأ الاستهداف للتأكد أن الحقوق تصل لمستحقيها وتضمن أن يستبعد غير المستحق ويتم ذلك بشكل تدريجى وموضوعي فتتم مراجعة كل الفئات المستفيدة من أنواع الدعم المختلفة. ويمثل الاستقرار الداخلى والأمن شرطاً أساسياً للوصول بالدعم للمستحقين ولحماية الفقراء فهم أول من يضار فى حالات النزاع الداخلى وهم أكثر من يضار عندما يتباطأ الاقتصاد والنمو كنتيجة لانعدام الأمن والاستقرار، إلا أنه ورغم أن الاستقرار يمثل شرطاً أساسياً وضرورياً ولكنه ليس كافياً فهشاشة وضعف مؤسسات الدولة يمثل تحدياً كبيراً فى فترات التحول والدول ذات المؤسسات الهشة أو الضعيفة أو الفاسدة تحتاج إلى تحقيق معدل نمو أعلى من الدول ذات المؤسسات القوية الفعالة التى تتسم بالنزاهة والشفافية للقضاء على الفقر ولتنفيذ خطط وبرامج الحماية الاجتماعية.
وعليه فنحن نحتاج لبناء مؤسساتنا ولإصلاحها ونحن نصلح على التوازى منظومة الحماية ونطورها ونحسن الاستهداف فى الوقت نفسه ويمثل هذا تحدياً مزدوجاً، وللتغلب على هذا التحدى قررنا فى وزارة التضامن الاجتماعى مثلاً الاعتماد على مؤسسات المجتمع المدنى وعلى أطر المشاركة والمساءلة المجتمعية لدعم جهود المؤسسات الحكومية التى تعانى من سنوات ضعف الاستثمار فى العنصر البشرى وفى البنية التحتية وفى نظم المساءلة والمحاسبة والحوكمة.
وإجمالاً لما تقدم تتبنى الدولة سياسة محددة المحاور للحماية الاجتماعية قائمة على الاستهداف وتكامل محاور الحماية للفئات محدودة الدخل والفقيرة مع رفع كفاءة شبكة الأمان الاجتماعى واعتماد المنهج الحقوقى المستمد من الدستور. وفى سبيل تحقيق ذلك تقوم الحكومة بصياغة ومراجعة القوانين المعنية وذات الصلة بالحماية مثل قوانين : التأمينات الاجتماعية والمعاشات وقوانين التأمين الصحي، قانون التضامن الاجتماعي، قانون الإعاقة، قانون الطفل، قانون الجمعيات وغيرها من القوانين. كما تقوم الحكومة بتحديث المؤسسات المعنية بالحماية لتجعلها أكثر كفاءة وأكثر شفافية.
وأخيراً، فإن الدول التى نجحت فى الحد من الفقر هى الدول التى حققت لسنوات متواصلة نمواً اقتصادياً يدمج الفقراء وطبقت على التوازى سياسات احتوائية وحمائية للفقراء، وهى الدول التى تستثمر فى نظم تعليمية وصحية عالية الكفاءة ولا بد أن يتم ذلك فى مناخ من الثقة والمصارحة بين الحاكم والمحكوم وبالتزام وعمل جاد من جميع الأطراف وبتضحيات تتحملها بدرجة أكبر الطبقات الأكثر دخلاً فى سبيل الوصول لمجتمع الرفاه .
لن يقضى على الفقر الضعفاء أو المتخاذلون، القضاء على الفقر -الذى هو عرض لمرض- وتحقيق مجتمع العدل والرفاه يحتاج منا للإيمان بقدرتنا على الانتصار وأن نتسلح بالعلم والعمل والأمل.
وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم.
لمزيد من مقالات د.غادة والى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.