استقبلت السوق ارتفاع الاحتياطى الأجنبى بكثير من التفاؤل ، على الرغم من الارتفاع غير المبرر فى سعر الدولار امام الجنيه ، على مدى الايام الماضية ، وجاء ارتفاع الاحتياطى الاجنبى الى 19.6 مليار دولار فى نهاية سبتمبر الماضى ، كمؤشر قوى على نجاع سياسة البنك المركزى فى المضى قدما فى تنفيذ خطته الهادفة الى زيادة الاحتياطى الأجنبى ، بما يوفر له القدرة على المناورة وتطبيق سياسة مرنة فى سوق الصرف . وفى المقابل فإن ارتفاع سعر الدولار الى المستوى الراهن بما يمكن القول بأريحية إنه سعر افتعالى لايعبر عن حالة الاقتصاد او السعر المتوازن للجنيه ، بقدر ما يعبر عن حالة افتعالية اصابت السوق نتيجة ، مراهنة البعض وفى مقدمتها مؤسسات تمارس دورا اكبر بكثير من وظيفتها المنوط بها ان تمارسها وفقا للضوابط والقواعد التى تنظم نشاط بنوك الاستثمار فى دول العالم الاخرى . وعلى اية حال فان التوقعات تشير الى ان السعر الحالى الذى ارتفع الى مستويات غير مبررة ، لا يعبر عن السوق ،وسوف تعمل أليات السوق على اعادة ضبط السعر من جديد ، ليعود ويعبر عن السعر المتوازن ، بعد ان تهدأ الحالة الافتعالية المسيطرة على قرارات المتعاملين . وفى السياق ذاته ، وبعيدا عن المضاربات الافتعالية ، توقعت مصادر رفيعة المستوى استمرار الاتجاه الصعودى فى الاحتياطى الاجنبى خلال الاسابيع المقبلة ، ليتجاوز 26 مليار دولار قبل نهاية العام الحالى 2016، يأتى ذلك بعد ان ارتفع الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى الى اعلى معدلاته ، منذ يونية 2015 إلى أعلى معدلاته ليقترب من 20 مليار دولار فى نهاية سبتمبر حاليا ، بزيادة 3 مليارات دولار . ويتوقع ان تثمر المفاوضات التى يقودها محافظ البنك المركزى طارق عامر ، من اجل سر الفجوة التمويلية التى تصل الى 6 مليارات دولار ، عن تدفقات ملحوظة خلال الاسابيع المقبلة ، وفى مقدمتها الحصول على مليارى دولار من السعودية ، ومثلهما من الصين ، اضافة الى الحصول على قرض بتسهيلات كبيرة من بنك الاستثمار الاوروبى بمبلغ 500 مليون يورو ، خلال الاسبوع المقبل ، وقالت مصادر رفيعة المستوى بالبنك الاوروبى للاستثمار ، ان المبلغ مرشح للارتفاع ، حيث تصل مدة القرض 25 سنة وبفائدة 1.2 % ، وفترة سماح 5 سنوات ، وسوف يقوم البنك المركزى بتحويل قيمة هذا القرض بالجنيه المصرى الى البنوك لصالح التوسع فى تمويل مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى اطلقها البنك المركزى فى مارس الماضى . وسوف ترفع هذه التدفقات الاحتياطى الاجنبى لدى البنك المركزى الى ما يتجاوز 24 مليار دولار ، ويتوقع ان يتخطى 26 مليار دولار بعد طرح السندات الدولارية بمبلغ 3 مليارات دولار ، حيث تشير التوقعات الى تغطية هذه السندات بعائد يصل الى 6%. وفى هذا الاطار يتوقع الحصول على الشريحة الثانية من قرض البنك الافريقى للتنمية بمبلغ 500 مليون دولار ، الى جانب الحصول على الشريحة الاولى من قرض صندوق النقد الدولى التى تصل الى 2.5 مليار دولار ، من اجمالى القرض خلال العام المالى الحالى 2016/2017 ، الذى يصل الى 4 مليارات دولار، وهو الامر الذى كشف عنه مسعود احمد مدير ادارة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بصندوق النقد الدولى ، حيث اشار الى نجاح المفاوضات مع كل من الصين والسعودية ، الى جانب بعض الدول الصناعية السبع ، للمساهمة فى تمويل الفجوة التمويلية لمصر فى السنة الاولى والتى تصل الى نحو 6 مليارات دولاروذلك عبر اتفاقيات تمويل ثنائية بين مصر وتلك الدول ،معبرا عن امله فى الحصول على موافقة مجلس الصندوق، على برنامج القرض بنهاية الشهر الحالى . ولكن الاهم من هذه التسهيلات والقروض التى سيتم الحصول عليها وستسهم فى سد الفجوة التمويلية وارتفاع الاحتياطى الاجنبى ، هو تحسن ايرادات السياحة ، فى ظل عودة حركة السياحة من المانيا وانجلترا ، واقتراب عودة السياحة الروسية ، حيث تمثل السياحة المصدر الرئيسى للعملة الصعبة وتخطت ايراداتها 8 مليارات دولار قبل ان تتراجع بشكل كبير بعد سقوط الطائرة الروسية فى نوفمبر الماضى ، حيث بلغت ايرادات السياحة 500 مليون دولار فى الاشهر الثلاثة الاولى من 2016 ، مقابل 2 مليار دولار فى 2015. ولاشك ان ارتفاع الاحتياطى الاجنبى ، وعودة حركة السياحة سوف يدعم الاجراءات التى يتخذها البنك المركزى من اجل استقرار سوق الصرف ، والقضاء على السوق الموازية ، كما يساعد بشكل اوتوماتيكى فى اختفاء مبررات العامل النفسى الذى يغذى اكتناز الدولار ، ويسهم فى اعادة ضخه من جديد فى شرايين الاقتصاد الطبيعية من خلال تغييره الى العملة المحلية للاستفادة من العائد المرتفع عليها لاسيما فى ظل توقع اقبال المركزى على رفع العائد على شهادات الادخار الثلاثية بالجنيه التى تصدرها البنوك العامة الثلاثة الاهلى ومصر والقاهرة . وشهد الاحتياطى النقدى استقرارا فى الأداء خلال العام الماضى رغم الصعوبات التى واجهتها مصادر النقد الأجنبى وعدم تعافيها بسبب الأوضاع الاقتصادية وعلى الرغم من ذلك فقد إلتزمت مصر بسداد كافة المستحقات سواء لدول عربية وخليجية أو لنادى باريس . وتمثل تلك الزيادة عاملا إيجابيا فى تنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادى بمساعدة صندوق النقد الدولى والذى يستهدف إغلاق الفجوة التمويلية وإصلاح سوق الصرف التى يعانى من وجود سوق غير رسمية يتم تداول الدولار فيها بمعدلات تزيد بأكثر من 40% على أسعاره الرسمية إلى جانب بناء احتياطى من العملات الأجنبية، وتبنى سياسة مرنة فى سوق الصرف تسمح بتراجع القيمة الرسمية للجنيه صوب معدلاتها العادلة. وسجل الاحتياطى الأجنبى حاليا ، اعلى ارتفاع له على مدى نحو سنة ونصف ،الى ما يقرب من 20 مليار دولار ،وهو ما يعكس نجاح خطة البنك المركزى فى استهداف رفع الاحتياطى الاجنبى ، فى اطار خطته من اجل معالجة التشوهات التى تعانى منها سوق الصرف ، حيث تعهد محافظ البنك المركزى طارق عامر ، بالعمل على رفع الاحتياطى الاجنبى الى نحو 25 مليار دولار قبل نهاية العام الحالى من اجل ، انتهاج سياسة مرنة فى سعر الصرف تعكس العرض والطلب بالسوق .