انعقاد لجان اختيار عمداء كليات التمريض والعلوم بجامعة القناة    سيناء السلام عبقرية الدبلوماسية المصرية.. ندوة تثقيفية بجامعة المنوفية    وفد برئاسة محافظ كفرالشيخ يقدم التهنئة بأعياد الأقباط    تباينت أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم الاثنين 29 ابريل 2024،    إي اف چي هيرميس تعلن إتمام الإصدار الخامس بقيمة 600 مليون جنيه ضمن برنامج طرح سندات قصيرة الأجل لصالح شركة «هيرميس للوساطة في الأوراق المالية»    برلماني: افتتاح السيسي مركز البيانات والحوسبة السحابية انطلاقة في التحول الرقمي    خلال زيارته لفرنسا.. وزير النقل يبحث إنشاء مصنعين بالإسكندرية لإنتاج أنظمة السكك الحديدية والأنفاق    الناتو: لم يفت الأوان بعد لتنتصر أوكرانيا في الحرب    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة غدا يعزز التعاون بين البلدين و يدعم أمن واستقرار المنطقة    مصرع 42 شخصا إثر انهيار سد في كينيا    جامعة كولومبيا: فشل المفاوضات مع الطلاب لإنهاء اعتصامهم    بعثة الزمالك تغادر مطار كوماسي عائدة إلى القاهرة| صور    كيميتش يطلق تصريحات قوية قبل مواجهة ريال مدريد بدوري الأبطال    كأس مصر للطائرة آخرهم.. الزمالك يخسر 14 بطولة في ألعاب الصالات    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    أمن الجيزة يضبط "ترسانة أسلحة" بحوزة عاطل بالعجوزة    بعد الزفاف الأسطوري بالأهرامات.. الملياردير الهندي وزوجته يزوران سقارة والأقصر    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    هل حبوب القمح يجب فيها الزكاة ومتى بلغ النصاب؟ الأزهر للفتوى يجيب    بيت الزكاة والصدقات يطلق 115 شاحنة ضمن القافلة السابعة لحملة أغيثوا غزة    وفد الصحة يتابع جاهزية مستشفيات كفر الشيخ لتطبيق منظومة التأمين الصحي    خالد جلال يعقد اجتماعا لمناقشة خطة الموسم الجديد للبيت الفني للمسرح    دينا الشربيني ضيفة كلمة أخيرة غدًا    تأجيل محاكمة المتهمين في حادث قطار طوخ إلى شهر يونيو للمرافعة    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة.. سهلة وبسيطة    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    "البحوث الإسلامية" يطلق حملة "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا" بمناسبة عيد العمال    باركود وتعليمات جديدة.. أسيوط تستعد لامتحانات نهاية العام    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يتوجه إلى مصر غداً في زيارة رسمية    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    المشدد 3 سنوات لمتهمة في سرقة كبار السن بالقاهرة    المشدد 5 سنوات والعزل من الوظيفة لرئيس حي السلام ومهندس بتهمة تلقي «رشوة»    «للمناسبات والاحتفالات».. طريقة عمل كيكة الكوكيز بالشوكولاتة (فيديو)    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    التضامن : سينما ل ذوي الإعاقة البصرية بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    قبل انطلاقها.. تفاصيل مبادرة الصحة النفسية للكشف عن التعاطي وإدمان الألعاب الإلكترونية    "سنوضح للرأي العام".. رئيس الزمالك يخرج عن صمته بعد الصعود لنهائي الكونفدرالية    مركز تدريب "الطاقة الذرية" يتسلم شهادة الأيزو ISO 2100: 2018    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    محمد شحاتة: التأهل لنهائي الكونفدرالية فرحة كانت تنتظرها جماهير الزمالك    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات
«عيش سكر وطن» .. وجه آخر لشعار الثورة المصرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 09 - 2016

أهدتنا الفنانة السورية أصالة فى عيد ألأضحى المبارك بمشاركة الفنان المصرى أحمد فهمى أغنيتها الجديدة «عيش، سكر وطن»، وكانت بحق نعم الهدية. طاقم عمل كامل عكف على تقديم هذة الأغنية البديعة التى هى من كلمات الشاعر محمود طلعت و ألحان الموسيقار ايهاب عبد الواحد و توزيع نادر حمدى و اخراج الفنان طارق العريان.
عقب موالها “أه لو هالكرسى بيحكي»، ظلت أصالة تبحث ست سنوات كاملة عن كلمات حقيقية تعبر عن حجم الألم والفجيعة التى تشعر يها تجاه ما يحدث فى الوطن العربى وخاصة بلدها سوريا ووجدت أخيرا ضالتها فى «عيش، وطن ، سكر». فكانت الأغنية الجديدة بمثابة الطلقة المفاجئة التى اصابت فى الصميم الوطن العربى وتحدت ضعفه وشتاته وتشتته. بكلمات شديدة القسوة والحساسية فى أن واحد وبقوة نبرة صوتها الأخاذ و من خلال عذوبة الألحان نقلتنا أصالة الى ساحة الحرب التى تنشدها والتى من خلال صرخاتها المتلاحقة وانفاسها اللاهثة حثت الشعوب العربية على التحرك ،على الأفاقة ،على محاولة صد أى من الهجمات المتلاحقة ضد كيان فى طريقه الى التلاشي. بلاد تمحى و شعوب تقتل و تشرد واطفال تيتم وامهات ثكلى وأرامل تضيع والوطن العربى مستمر فى غفلته.هو فقط يشجب. وطن كان له دور كبير فى الماضى و لم يعد له دور الآن و لا يتضح له دور على مشارف المستقبل.
المطربة أصالة التى صرحت أنها لم تكن تستطيع استكمال تسجيل الأغنية و كانت تقطع التسجيل اكثر من مرة،كشفت عن ألم عميق وغائر فى نفسها، ألم شديد الصدق استطاع ان يفجرالدمع فى مقلة كل مستمع تلقى هذة الأغنية بقلبه، فأشعلت أحاسيسه المكبوتة والمتوارية منذ بدء الأحداث فى سوريا بل فى بلدان الربيع العربى كله. هذه الملحمة كانت بمثابة النار التى سكبت على البنزين فأشعلته و لم يستطع احد أن يطفئها. تحول المشهد فجأة من داخل منزل أسرى مستقر تظلله السكينة و تحوم فى ارجائه أم تقوم بواجباتها المنزلية تجاه طفليها الصغيرين، الى خلفية دموية من قلب الوطن العربى ، ممزوجة بلحن أكثر صخبا للموسيقى ، فنقلت المشاهد فى أقل من ثانية الى مشاهد شاحبة و مشوشة من الدمار فى سوريا وغيرها من الأوطان العربية ، حتى لا تؤذى عين المشاهد فتفقد الأغنية من رسالتها غير المباشرة. مشاهد تتعلق بالموت والدم والخراب والدمار، بفعل توظيف موفق للاضاة من جانب المخرج طارق العريان، لهذه الأغنية البديعة.
نجحت أصالة ان تكون لسان حال الانسان العربى الصادق المهموم ببلده ووطنه و شرحت مبررة لماذا هى تحاول تجاهل سؤال زوجها عن هل هى متابعة أم لا ما آلت إليه الأوضاع فى بلدها الحبيب سوريا.هذا الزوج المصرى المهموم ببلده الشقيق قد مس دون ان يدرى جرحا غائرا فى نفسها فانطلقت الزوجة شارحة فى لهجة مصرية خالصة و كاشفة، دون توقف، بنبرات لاهثة ومتحسرة عن ما تخبئه فى نفسها من حسرة وحزن شديد: « أنا عاملة مش سامعة عشان خايفة لا يوم أتهد. مانا من كتر أوجاعى بخاف أوصف مشاعرى لحد.» وفى هذه اللحظة يتعانق الصوتان أصالة وأحمد فهمى لنسمعهما فى هذا المقطع: «بخاف على بكره من بكره وأخاف أنا دايما من اللى جاي» ثم تستكمل المطربة بمفردها شرح أوجاعها فتقول: «وقلبى مات على فكرة لكنه مصر يسهر حي. «وتستطرد وتصنف انواع الناس الذين خاضوا نفس تجربتها و تقول: «فى ناس الغربة كسراها، وناس الغربة كرهاها و ناس مضطرة، فبتبعد و شايلة بلدها جواها» وفى ختام شرحها لمأساتها ومأساة شعبها، تصرخ أصالة بكلمات الشاعر الرقيق محمود طلعت و بعفوية و تلقائية و دون الخوف من لومة أى لائم ، تختزل المحنة بصوت وأداء أوبرالى رفيع فى عبارة واحدة : “ وهو يا سوريا ده الموضوع، وطن بيموت عشان الكل مش سامع، مش فاهم، مش حاسس، قال نفسي» .
كل التحية لهذه الفنانة المبدعة و للشاعر محمود طلعت صاحب الكلمات القاسية و شديدة الوقع على النفس العربية و للملحن ايهاب عبد الواحد الذى استطاع بجدارة ان يجسد هذه المشاعر المتدفقة و اللاهثة للمطربة فاذا به يصهر معها المشاهد والمستمع فى بوتقة واحدة من المشاعر المتخبطة والغاضبة. وكذلك التحية واجبة للمخرج الفنان طارق العريان صاحب الرؤية الفنية غير المباشرة للأعنية التى كان لها التأثير الأقوى والأسرع عند المتلقي.
ولا يفوتنا الثناء على اختيار الفنان المصرى أحمد فهمى الذى جسد من خلال صوت نقى ورقيق وكلمات كاشفة عن القلق والاهتمام الحقيقى، حال بلدنا مصر و دورها التاريخى فى دعم الأمة العربية ومسئوليتها فى لم الشمل العربى ومحاربة تشتته. ولكنه فى النهاية لم يتبق للمخرج سوى ابراز فكرة التسليم التى جسدها كل من الزوج والزوجة بالتعايش مع ألامهم التى تكبر يوما بعد يوم، والتى هى فى الحقيقة تعكس حالة التسليم العربى بالأمر الواقع، مع اتفاق ضمنى على المضى فى حياتهم رغم قسوة الظرف التاريخى الذى يعاصرونه . ثم تنهى أصالة أنشودتها بكلمتين موحيتين: « فهمت حبيبي» ليسطر الشاعر من خلالهم على الوضع الراهن الذى لن يتغير و لن يتبدل، فيرد الزوج أيضا بدوره يائسا، بكلمتين شديدتى الأيجاز: «خلاص فهمت» ويستطرد هاجيب العيش وأنا جاى والسكر ومس هتأخر.»
ان عنوان الأغنية: “عيش ، سكر، وطن» ما هو ألا وجه أخر لشعار ثورة 25 يناير المصرية : «عيش ، حرية ، عدالة أجتماعية». استطاع الشاعر عن طريق هذا التزاوج، الكشف من جديد عن وحدة الهدف و عن الأنصهار فى بوتقة واحدة بين بلدين عربيين شقيقين مصر وسوريا.
نتمنى ان يكون هذا العمل هو بداية لأعمال فنانين آخرين لهم نفس المسؤلية تجاه وطن فى محنة. كما نتمنى ان يطيل الله فى اعمارنا لنرى الصحوة العربية وقد تحققت و نرى هذا الكيان العربى الهش و قد تماسك و استطاع فى اتحاده ان يصد عن نفسه التمزق و محاولات التهويد والاذلال و غيرها من مظاهر التخبط الذى نعيشه كل يوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.