قبل ساعات قليلة من بدء التصويت في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية, برزت دعاوي تطالب المواطنين بالمقاطعة وعدم التصويت لأي من المرشحين وإفساد العملية الانتخابية بتعطيل المواطنين. عن الوصول إلي لجان الاقتراع, وأخري تدعو إلي إبطال الصوت الانتخابي, وثالثة تحذر من الرشاوي الانتخابية. وفي ظل استعداد المصريين لاختيار أول رئيس منتخب بعد نجاح ثورة يناير جاءت تحذيرات علماء الدين من تلك الدعاوي المغرضة التي قد تدخل الوطن في حالة من الفوضي لن يسلم منها الجميع, وطالبوا المواطنين بضرورة المشاركة والإدلاء بالصوت للمرشح القادر علي قيادة الوطن في الفترة المقبلة لأن ذلك واجب وطني وضرورة شرعية وأمانة ومسئولية سيحاسب عليها الإنسان, وإرساء لمبدأ الشوري, والبعد عن أي مظهر من مظاهر التأثير علي إرادة الناخبين أو قبول الرشاوي الانتخابية. وحول ضرورة المشاركة الإيجابية في الانتخابات يقول الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية وعضو مجمع البحوث الإسلامية إن المشاركة في الانتخابات تعد ضرورة شرعية وواجبا وطنيا, ولابد أن يذهب كل مواطن للإدلاء بصوته في تلك الانتخابات التي تحدد من يحكم البلاد في الفترة المقبلة, وهنا نقول إن الإنسان لابد أن يجتهد ويسعي ويبذل الجهد والتفكير قبل الذهاب للجان الانتخابات ويدلي بصوته حتي لو لم يكن مقتنعا بالمرشحين فعليه أن يذهب ويدلي بصوته لمن يراه أفضل من الآخر, فالمواطن عليه أن يدلي بصوته تحت أي ظروف لأنه أمانة والإسلام يطالبنا بالإيجابية لأن الدعوات التي تطالب بمقاطعة الانتخابات تعد سلبية يرفضها الإسلام, أيضا فإن المشاركة في الانتخابات بالإضافة لكونها ضرورة وطنية لأنها تحدد مستقبل الأوطان, ضرورة شرعية لأنها شهادة والحق سبحانه وتعالي يقول ولا تكتموا الشهادة, فكل إنسان سيحاسب علي موقفه لكن لابد من إخلاص النية والاجتهاد والأخذ بالأسباب والمشاركة الإيجابية في الانتخابات وعدم السير وراء بعض الدعوات المغرضة أو الشائعات التي تنشر اليأس والإحباط. المقاطعة حرام شرعا وقد ظهرت بعض الدعوات التي تطالب بمقاطعة الانتخابات الرئاسية وحذر علماء الدين من ذلك وقال الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية إن السير في هذا الطريق قد يؤدي لنجاح مرشح قد لا يستحق وبالتالي فإن أصحاب تلك الدعوات يريدون شرا بالوطن ولا يدركون المخاطر الشديدة التي تتعرض لها مصر حاليا والتي لن تخرج منها بدون انتخابات تفرز رئيسا للجمهورية يستطيع أن يضع البلاد علي طريق العمل والإنتاج والاستقرار, ومن هنا فإنني أطالب كل مواطن بعدم الاستماع لتلك الدعوات وعليه أن يتوجه للجنة الانتخابات ويعطي صوته للمرشح الذي يراه مناسبا لقيادة البلاد في الفترة المقبلة, ومن يفعل ذلك له الجزاء الكبير من الله عز وجل سواء أخطأ أو أصاب في الاختيار مادام اجتهد وذهب لصندوق الانتخابات بكل حرية يبتغي رضاء الله عز وجل ومصلحة الوطن العليا, وعلي من يتصدي بالإفتاء في مثل هذه الحالة ويطالب الناس بمقاطعة الانتخابات أن يدرك الخطر الشديد الذي يحدث نتيجة تلك الدعوات المغرضة. إرادة الناخبين وعن خطورة التأثير علي إرادة الناخبين يقول الدكتور طه أبوكريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية: إنه إذا كان الإنسان مسئولا مسئولية مباشرة عن كل أقوله وأفعاله فإن ذلك يقتضي منه أن يفكر طويلا قبل أن يقول أي كلمة وقبل أن يفعل كل فعل لأنه المسئول الأول أمام الله عز وجل عن ذلك, ومن هنا فإنه لن ينفعه أبدا إذا أخطأ في قول أو فعل أن يعتذر عن ذلك بأنه اتبع أحدا غيره في أقواله وأفعاله, ويترتب علي ذلك أن يكون هو صاحب القول والفعل, فإذا أراد أن يكون مصيبا في قوله أو فعله فالمطلوب منه في المقام الأول أن يستقل برأيه وألا يدع غيره يسيطر عليه ويدفعه لاختيار مرشح غير مقتنع به أو غير قادر علي تحقيق مصالح الوطن, ولذلك ننصح كل إنسان بأن يكون مستقلا في إبداء رأيه مما نحن مقدمون عليه لأن ذلك يؤدي إلي أن يكون الجميع قد نظروا إلي الغاية الكبري فيما يؤدي إلي صلاح الوطن داخليا وخارجيا, وفي الوقت نفسه علي كل إنسان أن يترك غيره ليستقل برأيه في هذا المقام لأنه إذا كان هذا الرأي بعيدا عن الصواب فإن ذلك يجعله شريكا فيما يترتب علي ذلك من انحراف إلي اليمين أو اليسار, وهذا هو المطلوب في كل شأن من شئون الحياة وفي كل وقت من الأوقات, ومن شأن ذلك أن يؤدي إلي الوحدة والاعتصام بحبل الله تعالي المتين دون أن يكون هناك زيف في أي رأي من الآراء أو أي فعل من الأفعال. اختيار المرشح الأصلح ويري الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه في جامعة الأزهر إن الإدلاء بالصوت ليس خيارا لمن يدلي به لأنه شهادة والشهادة فرض من فرائض الله علي من يحملها لقوله تعالي وأقيموا الشهادة لله وقوله أيضا ولا تكتموا الشهادة, وهنا نقول إن هناك قضية تشغل بال الكثير من الناس, فإذا كان البعض يعتقد أن كلا المرشحين لا يصلح وبالتالي لا أهمية للذهاب لصندوق الانتخابات لأنه لا يقتنع بأي منهما وأن وصول أي من المرشحين لسدة الحكم سيترتب عليه فساد, فهنا نقول لهؤلاء إن هناك قاعدة شرعية تتمثل في أنه إذا وجدت مفسدتين فإنه يجوز ارتكاب أدني المفسدتين لدفع أعلاهما, فإذا كان البعض يري أن نجاح أحد المرشحين سيترتب عليه مفسدة أقل من وصول المرشح الثاني فلابد من إعطاء الصوت للمرشح الذي تكون مفسدته أقل من الآخر طبقا للقاعدة الشرعية السابقة, وهذا أفضل كثيرا من عدم الإدلاء بالصوت الذي يحمل ضررا كبيرا بالمجتمع وتكون مفسدته أعظم من مصلحته, فالواجب الشرعي أن يتم إعطاء الصوت للمرشح الذي هو أدني فسادا من الآخر. الشائعات سلاح مرفوض وإذا كانت الشائعات تسيدت المشهد الانتخابي في الأيام الأخيرة فإن الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة يري أن نشر الشائعات المغرضة من باب الغاية تبرر الوسيلة حرام شرعا ويقول: ديننا الحنيف يأبي علينا أن نتعامل بهذا الأسلوب حتي مع الخصوم ويعلمنا الالتزام بالأخلاق حتي مع الأعداء, والرسول صلي الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك, ودورنا نحن جمهور الناس أن نتثبت مما يقال وأن نعمل عقولنا فيما نسمع وأن نتريث فيما ننقل من أخبار, وأقول للقائمين بحملات الدعاية الانتخابية الغاية عندنا لا تبرر الوسيلة لأنه من المعلوم أن الشائعات من أخطر الحروب المعنوية والأوبئة النفسية, بل من أشد الأسلحة تدميرا. ويضيف أن الإسلام اتخذ موقفا حازما من الشائعات وأصحابها, لما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية علي تماسك المجتمع المسلم وتلاحم أبنائه, بل لقد عد الإسلام ذلك سلوكا مرذولا منافيا للأخلاق النبيلة, والمثل العليا التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا, كما حذر الإسلام من الغيبة والوقيعة في الأعراض والكذب والبهتان والنميمة والقالة بين الناس,وهل الشائعة إلا كذلك, وأمر بحفظ اللسان, وأبان خطورة الكلمة, وحرم القذف والإفك, وتوعد محبي رواج الشائعات بالعذاب الأليم الرشاوي.. حرام وفي ظل ما يتردد عن رشاوي انتخابية بصور وأشكال متعددة حذر علماء الدين من شيوع تلك الرشاوي بين الناخبين وقالت الدكتورة وجيهة المكاوي الأستاذ بجامعة الأزهر بالمنصورة إن ما تتعرض له مصر الآن وضع طبيعي يحدث بعد الثورات في كل البلدان والبلد الفتية هي التي سرعان ما تسترد عافيتها وتنهض مؤدية دورها آخذة مكانها بين الأمم ومن أهم وسائل استعادة مكانة مصر نجاح الانتخابات الرئاسية, فصواب الرأي له الأهمية العظمي في استكمال مشروع الثورة النهضوي التنموي لذا لابد من الاحتياط للأمر فلا تضعف النفوس تلقاء ما يبذل من أموال فنسهم في تولي من لا يصلح وبعد ذلك نبكي مما نتكبده منه فلا شك أن الرشاوي محرمة والراشي والمرتشي متساويان في الإثم لكن بكل أسف ضرر الرشوة لا يقتصر علي أحدهما فقط بل يسحب علي المجتمع, فيجب ألا ننخدع بما يبذل من مال وأشياء أخري, فتقديم الرشوة من الراشي دليل علي اعترافه بعدم أحقيته فيما يطلب وعدم تناسبه مع قدراته وواجباتهوأخذها يعد اعترافا من الآخذ بأنه يخالف ضميره ودينه وإلا ما مد يده فأخذها, فمعاونة غير القادرين علي تولي الأمور إثم عظيم ويكون المرتشي جنديا من جنود الراشي مهما تكن الرشوة وأيا ما كان شكلها, ويجب ألا ننس أن الرزق مقدر فيجب أن نتمسك بالطريق الحلال.