مازالت الأراء المختلفة والتى تطرح رؤى جديدة حول نظام امتحانات الثانوية العامة ونظام القبول بالجامعات خاصة بعد أن تناولت «الأهرام» من خلال الصفحة فى الأعداد السابقة ما طرحته وزارتا التعليم العالى والتربية والتعليم لاصلاح منظومة هذا القطاع المهم والتجارب الخاصة بدول أخرى وانظمتها المختلفة بعث الدكتور محمد سكران أستاذ التربية بجامعة الفيوم ورئيس رابطة التربية الحديثة برؤيته مؤكدا تقديره لما يطرح من رؤى وأفكار على صفحة «شباب وتعليم» المتميزة -حسب قوله- للعمل على تطوير التعليم المصرى بكافة مراحله وأنواعه، باعتبار التعليم قضية أمن قومى، والطريق إلى النهضة والتقدم. وقال: تابعت – وباهتمام شديد – ما طرح حول قضية «الثانوية العامة»، على الصفحة، وما يرتبط بهذه القضية من عمليات تسريب الامتحانات، وسياسات القبول بالجامعات، وتلك الرؤى والأفكار التى طرحتها ورشة العمل التى نظمتها وزارة التعليم العالى، بمشاركة من وزارة التربية والتعليم، لوضع نظام جيد للقبول بالجامعات وفق ضوابط معينة، إلى جانب تحديد مشاكل التعليم، ووضع الحلول المناسبة للقضاء على ما يعانيه من مشكلات، خاصة ما يتعلق منها بالثانوية العامة والقبول بالجامعات. ومع تقديرنا التام لما تم طرحه من آراء حول قضية الثانوية العامة، وغيرها من القضايا، بأن معظم ما طرح قد سبق طرحه عشرات المرات، بل وهناك عشرات الاستراتيجيات التى تم وضعها عبر العقود الماضية، وكل ما يحدث أنه مع تغيير النظام السياسى، وتغيير الوزراء والمسئولين عن التعليم العالى والتربية والتعليم، يتم استبعاد كل ما سبق طرحه، والإتيان برؤى وأفكار أخرى تحت مسميات التطوير والتحديث. وهذه حقيقة يكشف عنها تاريخ «الثانوية العامة» التى تحتفل بعيد ميلادها التاسع والعشرين بعد المائة، حيث ولدت فى مارس عام 1887م، وسجلت فى شهادة ميلادها «شهادة اتمام الدراسة الثانوية» وذلك فى عهد نظارة «عبد الرحمن رشدى» (عام 1885 – 1888م). ومن يومها حدثت وتحدث عشرات التعديلات، وإن اختلفت درجة ونوعية هذه التعديلات، باختلاف الظروف والأوضاع التى مربها التعليم المصرى، والثانوية العامة على وجه الخصوص. على أى حال – وباختصار شديد – أستأذنكم فى طرح لبعض الحقائق حول قضية «الثانوية العامة»، وما يرتبط بها من قضايا فرعية، وذلك فى اطار الاتجاهات العالمية المعاصرة، ومعطيات الواقع المصرى، من هذه الحقائق:- إن معظم دول العالم – إن لم تكن كلها – تعتمد على امتحانات الثانوية العامة باعتبارها المعيار الأساسى للقبول بالجامعات، إلى جانب عقد اختبار أو أختبارين للقدرات، بل إن بعض الجامعات الأمريكية لا تعقد امتحانات قدرات للألتحاق بها. وفى انجلترا يتم الاعتماد على «الامتحانات التحريرية العامة» فى القبول بالجامعات. وبالنسبة لواقع المجتمع المصرى، فإن مسألة وضع اختبارات «للقبول بالجامعات المصرية» يعد على حد تعبير خالد الذكر شيخنا حامد عمار مصدر «خطرا» أكثر من كونها «فرصة»، لأن هذه الاختبارات قد تقضى على تحقق العدالة، والتى تتمثل فى عقد «امتحان قومى» فى جميع المواد الدراسية، ووجود مكتب التنسيق. إلى جانب هذا فإن «اختبارات القدرات» تتطلب أموراً وامكانيات بشرية ومادية ومعدات وتجهيزات غير متوافرة لدينا، فضلاً عما قد يحيط بهذه الاختبارات من ممارسات وأساليب تفقدها تحقيق العدالة فى الالتحاق بالجامعات ومؤسسات التعليم العالى. وإذا كان لابد من وجود «اختبار قدرات» فإنه يجب – وكما يقول شيخنا حامد عمار – أن تقتصر على اختبار للقدرات العامة، القادرة على كشف أنواع التفكير العلمى، و ادراك العلاقات الموضوعية بين الأسباب والنتائج، وغيرها من العمليات العقلية، والفكرية، التى تتطلبها أى دراسة جامعية بصرف النظر عن التخصص الذى يرغب الطالب فى دراسته على أن يتم اجراء هذا الاختبار الموحد «للقدرات العامة» مع الامتحان العام لجميع المواد الدراسية، ويمكن أن تخصص درجة معينة لهذه الاختبارات بحيث لا تزيد على نسبة 5% تضاف إلى نتائج الامتحانات العامة. هذا إلى جانب أهمية «مكتب التنسيق» بكافة الامكانيات العلمية والتنظيمية والتوزيعية على مختلف المؤسسات الجامعية والتعليم العالى، تفادياً لأى شكوك تثار حول « عدالة التوزيع» على هذه الجامعات والمؤسسات. وقد يكون من التكرار الممل المطالبة بضرورة تطوير كافة منظومة التعليم المصرى من مناهج ومقررات وامتحانات مدرسية، خاصة أن هذه الامتحانات بوضعها الحالى باتت كارثة تعليمية، ووراء كل ما يعانى منه التعليم المصرى من أزمات، ومن اخفاق فى تحقيق أهدافه، وما ينبغى أن يكون عليه للنهوض بالأمة فى كل الميادين والمجالات، وعلى كل المستويات. وفى الختام، ومع تقديرنا لكل ما طرح فى «صفحة شباب وتعليم» من رؤى وأفكار من قبل الخبراء، والوزراء المعنيين بالتعليم – ونقول : علينا أن نتعامل مع قضية التعليم بكافة أنواعه ومراحله ومنظوماته وأن تتم عمليات التطوير لكافة هذه الأنواع والمراحل وفق رؤية متكاملة، دون الاهتمام بمرحلة معينة دون غيرها ومن قبل ومن بعد التعامل مع التعليم المصرى على أنه قضية قومية، ويجب أن تخضع للحوار المجتمعى، بعيداً عن تغير السياسات، والوزارات المعنية بأمر التعليم المصرى. ولدينا من الخبرات والكفاءات والامكانيات ما يكفى أن نحقق به تعليماً يليق بمصر، صاحبة أقدم تجربة تعليمية فى العصر الحديث.