ظهرت بعض الدعوات لنقل مراسم الحج إلى كربلاء بدلا من الحج إلى بيت الله الحرام, وأخري بالدعوة إلى تنظيم رحلات حج لجبل الطور، فما الحكم في ذلك؟ أجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، قائلة: إن ظهور دعوات أداء مناسك الحج في غير بلاد الحرمين فتنة للمسلمين يجب الحذر منها. وهذه الدعوات تهدف إلى إثارة البلبلة بين جموع المسلمين وبث الفتنة بينهم لتشكيكهم في ثوابت دينهم, وذلك بتوجيههم لنقل مراسم الحج إلى كربلاء بدلا من الحج إلى بيت الله الحرام, وأخري بالدعوة إلى تنظيم رحلات حج لجبل الطور، ونسى هؤلاء أو تناسوا أن الحج فريضة محكمة, وأنها من الثوابت التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان, ولا تقبل الزيادة فيها أو النقصان, أو استبدال زمان أو مكان أدائها، فشعائرها توقيفية شأنها شأن سائر العبادات تقوم على منهج الإتباع لا على منهج الابتداع, ويمتثلها المسلمون إيمانًا منهم بأن الله وحده المستحق للعبادة, وأنه لا يعبد إلا بما شرع, ولا يعرف ذلك إلا ببلاغ المعصوم، صلى الله عليه وسلم، عن رب العزة، تبارك وتعالى، الذي أمره ربه بقوله :» ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ». وهؤلاء تناسوا أن صاحب الحق في تفضيل بعض البقاع المكانية أو المواقيت الزمانية على غيرها هو الله تبارك وتعالى خالق المكان والزمان، ولا يعرف ذلك إلا بدليل خاص صحيح, وإلا كان مبتدعًا في الدين داخلا تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم :» مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» . وَفِي قوله، صلى الله عليه وسلم :»مَنْ عَمِلَ عَمَلاٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه . وفي هذين الحديثين نهي عن الابتداع أو إتباع المبتدعين. وفيهما التأكيد على أن العبادات التي تقرب إلى الله توقيفية, وأن حسن النية وحده لا يكفي لاعتبار العمل عبادة. وسدًا لذريعة الابتداع في هذا الجانب حذر النبي، صلى الله عليه وسلم، من شد الرحال إلا إلى أماكن مخصوصة بقوله، صلى الله عليه وسلم:» لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» متفق عليه. ويجب أن يعلم كل من يتصدر الناس في أمر دينهم أن العلم هو الأساس, ويجب أن يكون سابقا على القول والعمل، قال الله تعالى:»فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ». هل يجوز أداء العمرة من مال حصلت عليه من ميراث؟ أجابت لجنة الفتوى: إن ما ملكته من مال عن طريق الميراث، صار حقاً خالصاً وملكاً لك، تتصرف فيه كما تشاء، فلك أن تحج وأن تعتمر وأن تتصدق وغير ذلك من الطاعات، ولك أن تأكل منه وأن تشتري ما تشاء وغير ذلك من المباحات، فلا فرق بين المال الذي حصلت عليه من كسب يدك والمال الذي رزقك الله به بسبب شرعي كالميراث دون عمل منك، فكل مال في ذمتك تتصرف فيه كما تشاء. أعطى أخى لأبى مالًا عند شرائه عقارًا فهل لأخى ما دفعه مالًا أم قيمة؟ أجابت لجنة الفتوى: الفيصل فيما لأخيكم من حق، إنما يتوقف على توصيف إعطائه المال لأبيه، ويُعلم ذلك من صيغة تلفظهما واتفاقهما، أو بالعُرف: فإن كان قد أعطى هذا المال لوالده على سبيل القرض، فلا شيء له إلا ما أعطاه، وتحرم المطالبة بزيادة؛ لكونها ربا محرما. وإن كان قد أعطاه هذا المال تطوعاً وتبرعاً؛ فثوابه على بِرِّه بأبويه عند الله سبحانه في الدنيا والآخرة، ومن ثم فلا يجوز له المطالبة باسترداده. وأما إن كان قد أعطاه هذا المال على سبيل الشراكة معه في شراء هذا العقار؛ فله من ملكية العقار بمقدار ماله الذي دفعه، كالنصف أو أقل.