أنجز مجلس الشعب حقا بموافقته النهائية علي مشروع قانون التأمين الصحي للمرأة المعيلة, الذي يقضي بأن تشمل مظلة التأمين الصحي المرأة التي تتولي رعاية أسرة وليس لها مصدر دخل أو لها دخل لا يجاوز مرة ونصف المرة قيمة معاش الضمان الاجتماعي ولا تتمتع بمظلة التأمين الصحي, ويتم تقديم خدمات العلاج والرعاية الصحية لها من خلال الهيئة العامة للتأمين الصحي نظير اشتراك سنوي قيمته12 جنيها فقط تتحمله المرأة المعيلة أو1% من دخلها, في حين تتحمل الخزانة العامة مائتي جنيه سنويا عن كل امرأة معيلة. وتقدم الهيئة العامة للتأمين الصحي كل الخدمات والفحوصات الطبية والعلاج والعمليات الجراحية بما فيها زرع الكبد وعلاج الأورام, ويتم تمويل مصادر هذا النظام من الاشتراكات ونصيب الخزانة والاعانات والهبات التي تقدم لأغراض هذا النظام, ويقبلها مجلس ادارة الهيئة العامة للتأمين الصحي, وأوجب مشروع القانون علي جميع جهات الدولة المعنية إبلاغ وزارة التأمينات بالبيانات الخاصة بالمرأة المعيلة للتأمين الصحي ووزارة المالية سنويا لتحديد ماتتحمله الخزانة العامة من اشتراكات سنوية مقررة. إذا كان هذا هو نص مشروع القانون.. فماذا عن وقعه علي المرأة المصرية وعلي المجتمع المصري بوجه عام؟ وهل سيظل هذا القانون يحتفظ بهويته بالنسبة للمرأة المعيلة عند صدور قانون التأمين الصحي الشامل؟ ومتي يتم تفعيله؟.. للرد علي هذه التساؤلات وغيرها كان هذا التحقيق. في البداية يوضح د.أكرم الشاعر, رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب قائلا: من المفترض أن أي قانون يحتفظ بأقصي المزايا ولذا إذا كان قانون التأمين الصحي الشامل والذي يستفيد منه جميع المصريين بمن فيهم المرأة المعيلة يفوق في مزاياه فيما يخص المرأة بقانون التأمين الصحي للمرأة المعيلة فهنا سيفضل العمل بقانون التأمين الصحي الشامل لهذه الفئة من السيدات, أما إذا كان قانون التأمين الصحي للمرأة المعيلة به مزايا أكثر فسيظل يحتفظ بهويته حتي بعد صدور قانون التأمين الصحي الشامل حتي لا ننتقص من مزايا موجودة بالفعل تستفيد منها المرأة المعيلة. وأسأل نائب البرلمان د.أكرم الشاعر: ومتي يتم بالتحديد تفعيله؟.. فأجاب: هذا يرجع للمجلس العسكري حيث إننا في البرلمان انتهينا منه بالفعل ومن المفترض أن يطبق في اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية. أما د. عواطف سراج الدين, رئيسة جمعية المرأة للتنمية الإنسانية وصاحبة مشروع المرأة المعيلة, الذي أنشيء منذ ثماني سنوات وحتي الآن, وتستضاف فيه المرأة المعيلة عن طريق المحافظة والمجلس القومي للمرأة ويوفر لها العمل الذي تجني منه دخلا وسكنا إذا لم يكن لها مأوي, وكذلك محو أميتها, ويشمل المشروع أيضا مستشفي به16 عيادة لعلاجها وقيمة الكشف به جنيه واحد والعلاج مجانا, فتري أن هذا القانون يمثل جهدا ملموسا للبرلمان يجب أن نحييه جميعا عليه, وأنه شيء إيجابي يجب تفعيله بآليات تتناسب مع قيمته الكبري كالأخذ في الاعتبار سكن المرأة المعيلة والمستشفي الذي ستعالج من خلاله, حتي لا ترهق صحيا وماديا, وكذلك مراعاة سن المرأة المعيلة حيث تضعف صحة المرأة عندما تتقدم في السن, ولذا تقترح زيادة مبلغ المائتي جنيه تدريجيا بتقدم السن, وتناشد المستشفيات الخاصة التعاون مع الدولة لتفعيل هذا القانون ومراعاة البعد الاجتماعي الذي ننشده جميعا في الفترة المقبلة. وتؤكد سهام الجمل, النائبة بمجلس الشعب, أن هذا القانون سيحل الكثير من المشكلات الصحية التي تعاني منها المرأة المعيلة, والتي لها حق علي المجتمع وعلي الحكومة, وأن هذا القانون جاء في وقته تماما, وتمنت ألا يكون هناك أي معوقات أو روتين يحول دون علاج المرأة المعيلة بهذا القانون وأن تحصل علي علاجها بالكامل علي أكمل وجه.وتناشد إحسان محمد رشاد- الرائدة الريفية بالوحدة الصحية بوراق الحضر- المسئولين زيادة عدد الوحدات الصحية في كل المناطق,حيث إن تخصيص وحدة صحية واحدة في المنطقة كلها لا يكفي, وتكون دائما مزدحمة, وفي أحيان كثيرة لا تلحق هذه المرأة المعيلة والتي تحمل ابنها علي كتفها بميعاد الكشف والمخصص له وقت من الحادية عشرة صباحا حتي الثانية بعد الظهر, لذا تقترح أن يكون العلاج طوال اليوم مع عمل ورديات لفريق العلاج من الأطباء وهيئة التمريض والرائدات الريفيات, وأن يكون هناك حسن معاملة من هذا الفريق الطبي لهذه المرأة المطحونة وإحساسها بأن هذا حقها ولا يمن عليها أحد بعلاجها كما هو سائد حاليا ونراه بأنفسنا. وتشير د.هدي غنية النائبة بمجلس الشعب إلي أن جهد المجلس كان واضحا عندما حرص الأعضاء علي رفع المبلغ الذي كان محددا- لعلاج المرأة المعيلة- من قبل الحكومة وهو60 جنيها سنوياإلي200 جنيه سنويا, وتري أن هذا القانون إنصاف للمرأة التي تعول نفسها وغيرها, وهو بمثابة تطور نوعي وكيفي في منظومة التأمين الصحي, علي حد تعبيرها.وباختصار شديد تؤكد المحامية إبتسام حبيب( النائبة بمجلس الشعب سابقا) أن هذا القانون حقق طموح المرأة المعيلة, التي تقدر نسبتها بحوالي30% من سيدات مصر. ويشيد د. عمر كاظم بليغ, رئيس اقسام الكلي الصناعية بمستشفي المعادي سابقا, بالقانون بشدة ويقول: كم من المعاناة كنت ألمسها في أثناء عملي لهذه الفئة من السيدات من روتين وبيرقيراطية في سبيل علاجهن من الفشل الكلوي بالغسيل مرتين في الأسبوع وأحيانا ثلاث مرات, ويصف هذا المشروع بالممتاز.. ويقول إنه سيعين المرأة المعيلة علي عملها في البيت والعمل دون تحمل أعباء العلاج إذا تطلب الأمر. وعن وقع هذا القانون اجتماعيا علي المرأة المعيلة, يقول د. رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع ونائب رئيس جامعة حلوان إن هذا القرار جاء ملائما للمرأة المعيلة, لأن أصعب شيء علي المرأة حينما تكون كبيرة في السن ولا تجد من يرعاها صحيا, ولذا فهذا القانون الخاص بالمرأة المعيلة إيجابي لعدة أسباب, وهي أن المرأة المعيلة ليس لديها الدخل الكافي للإنفاق علي العلاج, وليس لديها الوعي الكافي بالعناية بصحتها, وجاء هذا القانون لكي يمد شبكة التأمين الصحي لأكثر من نصف مليون مرأة معيلة كبيرة في السن, ولحوالي ثلاثة ونصف مليون امرأة معيلة تستطيع أن تعالج وهي غير خائفة أو مترددة في دفع فاتورة العلاج, كما أن وجود هذا القانون سوف يفعل من الخدمات الصحية لهذا القطاع المهم, ومعني التفعيل هنا أن تكون الخدمة الطبية حقيقية بالفعل وليست كما يحدث مجرد حبر علي ورق, وكذلك سوف يسهم في رعاية الأسرة ككل حيث تستطيع الأم التفرغ لرعاية أبنائها أو من تعول, كما أن هذا القانون أيضا حق طبيعي حرمت المرأة المعيلة منه لسنوات طويلة, وليس منحة من الدولة, وحان الوقت أن تستفيد منه وليس خيالا, وهذه العوامل يجب أن تستتبع بعمل تقرير صحي يسجل شهريا أو نصف سنوي أوسنويا بمتابعة حالات المرأة المعيلة. ومن جانبنا نشيد بهذا الإنصاف للمرأة المصرية حتي لو كانت معيلة.. ولنتساءل: هل من مزيد؟