مصر السلام: تطالب المرشحين بالالتزام بسقف الإنفاق على الدعاية    جامعة المنوفية تتقدم في مؤشر التأثير العلمي بالتصنيف الهولندي    سعر الذهب يعود للارتفاع اليوم الخميس.. عيار 21 يعوض جزء من خسائره    عاجل- جهّز ساعتك.. طريقة ضبط الساعة مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي في الهواتف الذكية (Android / iPhone)    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    تأكيد مصرى إريترى على أهمية تعزيز التعاون لضمان أمن البحر الأحمر    ناصر ماهر وعبدالله السعيد يقودان التشكيل المتوقع للزمالك أمام البنك الأهلي    ضبط سائق تاكسى بدمياط بعد أفعال خادشة للحياء أثناء توصيل سيدة    مصرع مسجل خطر خلال ضبطه بتهمة قتل شقيقه وربة منزل بقنا    زينة تهرب من زفافها وتبدأ رحلة مليئة بالتقلبات في ورد وشوكولاته    جيل بعد جيل على كرسى رئيس التحرير    نتنياهو: السيطرة في غزة ستبقى بيد إسرائيل    ميرتس: علينا استغلال الإمكانات الكبيرة لعلاقاتنا مع تركيا بشكل أفضل    أسعار طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    بتروجت: رغبة اللاعب هى الأساس.. وهناك اتفاق مع الزمالك بشأن حمدان ولكن    شوبير يكشف تفاصيل مفاوضات الزمالك مع محمد السيد    شوبير يكشف آخر تطورات حالة إمام عاشور ومشاركته في السوبر المحلي    رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد يبدأ مهام عمله    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    إحالة سوزي الأردنية للمحاكمة في اتهامها بغسل 15 مليون جنيه حصيلة أرباحها من المحتوى الخادش    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    إقالة مديرة مدرسة في بنها بعد مشادة بين معلمين    محافظ شمال سيناء: الوفود الدولية ترى على أرض الواقع جهود مصر في تنفيذ اتفاقية السلام بدلاً من الاكتفاء بالمعلومات المكتوبة    قصف مدفعي إسرائيلي مكثف على شرق خانيونس    مابيحبوش لفت الأنظار.. نساء 4 أبراج خجولة بطبعها    جامعة بني سويف: تخصيص جزء من محاضرات الأسبوع المقبل للتوعية بأهمية المتحف المصري الكبير    بتكلفة 4 ملايين جنيه.. تشغيل وحدة الأورام الجديدة بمجمع الفيروز الطبي في طور سيناء    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    ضبط سلع غذائية فاسدة ودقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بأسيوط    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اصطدام قائد تروسيكل بأحد الأشخاص بكفر الشيخ    الهلال السعودي يزيح الستار عن الطائرة الخاصة بالنادي    «صحح مفاهيمك».. أوقاف البحيرة تنظّم ندوات حول خطورة التنمر بالمدارس    مصر تستضيف الاجتماع الثاني للجنة رؤساء سلطات المنافسة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    هالة صدقي تحتفل باقتراب افتتاح المتحف المصري: افرحوا يا مصريين بهذا الإنجاز العالمي (فيديو)    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    هل يتنافى تنظيم النسل أو تتعارض الدعوة إليه مع التوكل على الله وضمان الرزق للخلق؟    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    بينيا يقارن بين سارابيا وفليك: أكثر صرامة في بناء الهجمة    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    محافظ سوهاج يوقف معدية غير مرخصة بالبلينا بعد تداول فيديو لطلاب يستخدمونها    رئيس وزراء الكويت: نقدر دور مصر المحورى فى ترسيخ دعائم أمن واستقرار المنطقة    رئيس وزراء الكويت يشيد بدور الجالية المصرية وإسهاماتها فى بلاده    «الصحة» تعلن إنجازات تنفيذ التوصية التنمية البشرية قبيل انطلاق مؤتمر«PHDC'25»    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    «الصحة»: خطة طبية متكاملة لتأمين احتفالية المتحف المصري الكبير    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    الزمالك في اختبار مهم أمام البنك الأهلي لاستعادة التوازن في الدوري المصري    طريقة عمل طاجن البطاطس بالدجاج| وصفة شهية تجمع الدفء والنكهة الشرقية    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    الصحة النفسية والجسدية: علاقة لا يمكن فصلها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    ماس كهرباء وراء اندلاع حريق بمحل مفروشات في النزهة    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصور الظلام في الإسلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 04 - 2010

لقارئ لتاريخ نهضة أوروبا يلحظ مقاربات مهمة بين ما نعيشه الآن وبين طريق تطور الفكر الغربي فيما عرف بعصر النهضة والتنوير بعد عصور الظلام في القرون الوسطي‏,‏ أسوق هذا الكلام لأستخلص منه مقارنات مهمة وحساسة توضح جانبا من أبعاد الأزمة التي تعيشها أمتنا الآن والتي يمكن أن نسميها عصور الإسلام وباختصار أود أن أقول إنه برغم الوضع الحالي الذي تعيشه الامة الآن فان هناك مؤشرات إلي أننا وبشكل ما نسير علي طريق مشابه لذلك الذي سارت فيه أوروبا‏,‏ لكننا برغم ذلك أمام اتجاهين‏,‏ فإما ارتداد إلي أسوأ عصور الظلام بحروبها ودمارها وإنما تقدم نحو قدر من النضوج يشبه ما حدث في أوروبا وإن لم يؤد بالضرورة إلي نهضة مماثلة‏,‏ وأبرز علامات هذا الطريق هو الجدل الدائر الآن بين القوي الفكرية المختلفة ممثلة في تيارين رئيسين يمكن تسميتهما تيار التجديد وتيار التقليد‏.‏
كيف ذلك؟ نحن نعيش عصورا من الظلام الفكري الدخيل علي الاسلام هي نتاج مراحل تاريخية متلاحقة من الغرق في مستنقعات الجهل والتخلف والخرافات التي ظن الكثير من الناس ولايزالون أنها الدين الصحيح كان من آثار ذلك أن اهتم الناس بالقشور والتفاهات وأهملوا الأصول والبديهيات‏,‏ وأصبح الكثير من المجتمعات الاسلامية بالنتيجة مصابا بالفصام وهو يري أن ما يقوم به ظانا أنه الدين السليم لايحقق له السعادة الدنيوية أو الدينية فلا هو حقق التقدم ولا الرخاء ولا ارتقي في سلم الاخلاق والانسانيات‏,‏ وأحسب أن أسباب غرق المسلمين في التخلف كثيرة‏,‏ لكن أهمها ثلاثة‏:‏ الأول معاملة المرأة علي أنها أقل شأنا حتي ولو كان في اللاوعي‏,‏ والثاني إساءة فهم وتطبيق فكرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حتي صار الكل سجانين ومسجونين‏,‏ وسرت بن الناس كراهية عجيبة متبادلة‏,‏ والثالث جمود الفكر وتوقف التجديد تحت زعم أن كل بدعة ضلالة حتي صار الفرد في المجتمع المسلم يخشي التفكير ويئد ابداعاته الخلاقة في ذهنه قبل أن تولد فيما يشبه رقابة ذاتية مماثلة للتي مارسها الصحفيون علي أنفسهم في عصور مختلفة‏,‏ يحدث ذلك في مجتمعات باتت تقدس الشكليات والمظاهر حتي عين الكثيرون انفسهم أربابا من دون الله يمنحون البركة أو النقمة ويقررون من الصالح ومن الطالح فيما يشبه قصة صكوك الغفران‏,‏ وأصبح المجتمع رهين تقييم الافراد لبعضهم البعض‏,‏ فمن اتفق معي ولو في الشكل صار ملاكا ومن اختلف صار هو الشيطان بعينه حتي وقعنا فيما ارتكبه الآخرون من تمييز علي الشكل وعلي الهوية‏,‏ ولكن ضد بعضنا البعض وبشكل يومي‏.‏
والمفارقة أن مخاض النهضة في أوروبا بقدر ما كان عنيفا ومدمرا في أكثر الاحيان ودارت رحاه بين قوي متباينة كل التباين أراد كل منها إزاحة الآخر والتخلص منه تماما‏,‏ أي أنه كان صراع وجود فإنه استغرق نحو ثلاثة قرون فقط أما عصور الظلام في الاسلام‏,‏ فقد طالت أكثر من المعقول‏,‏ حيث يرجع البعض بداية انتشار الخرافات الدينية الي العصر الفاطمي وهو تاريخ يحتاج إلي بحث مفصل مستقل‏,‏ بينما لا يعرف أحد متي تنتهي‏.‏ الغريب أن الصراع عندنا يدور داخل الاسلام وليس خارجه من أجل تنقيته لا من اجل محوه وهدمه أي أن الحل في حالتنا أسهل لكنها سهولة تبدو بعيدة المنال‏,‏ ومن يتتبع حركة الفكر في المجتمع الاسلامي يلحظ صراعا بين قوي تمثل الظلام بكل ما ينطوي عليه من اتباع المفاهيم المغلوطة مستقوية في حالات بالتاريخ والإرث الثقافي وفي حالات أخري بالسلطة التي قد تري مصلحتها في بقاء الوضع علي ماهو عليه هذا الصراع الذي يبدو هادئا نسبيا إلي الآن قد يحمل في طياته بذور عنف لا يعلم أحد مداه‏.‏
وبنظرة أقرب إلي الأمور سنجد أنه في الحالة الغربية كان الصراع مفتوحا لإلغاء تدخل الدين في حياة الناس‏,‏ أما في حالتنا فالصراع قائم علي أساس تصحيح هذا التدخل وتحديد مداه‏,‏ ولعل قضية وضع المرأة في المجتمع الاسلام شاهد واضح علي ذلك‏,‏ فكلا الطرفين يعطي المرأة وضعا يعتبره محترما بحيث أصبحت المشكلة مشكلة تعريف وهي مشكلة فلسفية عبثية لاتزال تعاني منها الفلسفة الغربية ليومنا هذا مع الاختلاف‏,‏ فريق يعتبر ان حبس المرأة في بيتها وعدم قيادتها للسيارة هو التكريم بعينه‏,‏ وآخر يري ذلك الظلم المبين‏,‏ وربما يجب هنا القول أن مجرد الحديث عما إذا كانت المرأة مخلوقا مساويا للرجل هو أكبر مثال علي أننا نعيش عصور ظلام ستضحك منها الأجيال القادمة‏,‏ وفي المشهد الكبير يبدو المطالبون بتغيير النظرة القديمة المغلوطة كانهم ثوار عصر النهضة الاسلامية وان كانوا يطرحون أفكارهم بخوف‏,‏ أو علي استحياء شديد فتطيش سهامهم ولا يصيبون كبد الحقيقة‏,‏ بينما يجب طرح الأمور بوضوح حتي ولو اعتقد البعض انها بديهية إذ ليس كل بديهي يلحظه الجميع‏.‏
ان الأمر الذي نحن بصدده أسهل بكثير من كل الجدل الدائر حوله ويختتلف لمصلحتنا عن مشكلة الغرب في عصور ظلامه‏,‏ فلا نحن مختلفون حول دوران الشمس أو ثباتها‏,‏ ولا نحن منقسمون حول ماهية الرب أو وحدانيت‏,‏ وإنما نحن فقط بصدد تنقية الشوائب والخرافات‏,‏ لقد استغرق الغرب ثلاثة قرون ليبلور مستقبله الثقافي الذي أدي إلي ما يعرف بالتسامح الديني وحرية الفكر والاعتقاد‏,‏ وهي أهم أسباب النهضة‏,‏ فهل سنستغرق نحن الوقت نفسه أو اكثر‏,‏ فقط لاعادة اكتشاف ماهو محسوم لدينا بالفعل؟ أحسب أننا إن لم نسرع فلن يمهلنا القدر‏.‏‏[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.