وزير التعليم العالي: مسار الجامعات الأهلية حظي بدعم كبير من القيادة السياسية    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    بسام راضي: تدشين خطوط جديدة لرحلات لمصر للطيران إلى إيطاليا    الإحصاء: مصر تسجل نصف مليون نسمة زيادة في عدد السكان خلال 126 يومًا    الرئيس السيسي: مصر حرصت عبر عقود على تحقيق الاستفادة العادلة من الموارد المائية    غزة.. ارتفاع حصيلة ضحايا خروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار إلى 401 شهيد و1108 مصابين    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    تشكيل تشيلسي أمام نيوكاسل يونايتد في البريميرليج    4000 فرصة عمل.. وزير الرياضة يفتتح ملتقى التوظيف الخامس بنادي الواي بأبوقرقاص    حكايات منتخب مصر مع أمم أفريقيا| 2006.. انطلاق العصر الذهبي للفراعنة    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    الركراكي: حكيمي ضحى بنفسه من أجل المغرب    السيسي يستقبل المشاركين في أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة "روسيا – أفريقيا"    خلص على أولاده ال4.. تأييد حكم الإعدام على «سفاح قليوب»    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بطريق الفيوم القاهرة الصحراوي    رسالة مؤثرة من شريهان بعد وفاة الفنانة سمية الألفي    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    يبدأ التسجيل إلكترونيا اليوم.. مجلس الدولة يفتح باب التقديم لوظيفة مندوب مساعد    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وتوتنهام والقناة الناقلة وصلاح الغائب الحاضر    ظهر عاريا فى التسريبات.. بيل كلينتون فى مرمى نيران جيفرى إبستين.. صور    أستاذ علوم سياسية: تحركات مصرية مكثفة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    إيهاب عبد العال: طفرة سياحية مقبلة تتطلب تيسيرات في النقل والضرائب    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    المخرج الفلسطيني يوسف صالحي: ترجمت الألم الداخلي إلى لغة سينمائية في فيلم «أعلم أنك تسمعني»    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    روبيو: تنفيذ اتفاق غزة سيستغرق "مدة طويلة"… وانتقادات حادة لحماس والأونروا    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    مدرب جزر القمر: مواجهة المغرب أشبه بتسلق جبل إيفرست    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    قفزة قياسية متوقعة لأسعار الذهب في 2026.. وتراجع محتمل للنفط    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقول لكلا المرشحين‏:‏ لا‏!‏.

أعرف أن المصريين الآن في موقف بالغ الصعوبة‏.. فهم مدعوون للتوجه بعد ثلاثة أيام ليختاروا لرئاسة بلادهم مرشحا من مرشحين اثنين لا ثالث لهما.. مرشح يتلخص برنامجه في إنقاذ النظام العسكري الذي ثرنا عليه وإبقائنا سجناء فيه إلي ما شاء الله.. وآخر تستكمل به جماعته الدينية بناء نظام آخر لن نكون فيه مجرد سجناء, بل سنكون أسري وسبايا. وأظن أنها المرة الأولي في التاريخ التي يطلب فيها من أمة من الأمم أن تختار مصيرا من هذين المصيرين التعيسين بكامل إرادتها في انتخابات حرة نزيهة!!..
ونحن هنا نتحدث عن نظامين ومصيرين اثنين.. والحقيقة التي يجب ألا تغيب عنا لحظة واحدة هي أنهما نظام واحد.. كانا نظاما واحدا من قبل, وسوف يبقيان نظاما واحدا من بعد.. فالنظام الذي يقوم بانقلاب عسكري يوقف العمل بالدستور, ويحل الأحزاب, ويشنق العمال, ويحرم النشاط الحر, ويراقب الصحف, ويفصل المخالفين من أعمالهم ويلقي بهم في غياهب المعتقلات, ويهيمن علي كل شيء في الدولة والمجتمع, كما فعل نظام يوليو طغيان سافر.. والنظام الذي يزعم أصحابه أن إقامته علي أيديهم فرض ديني وليست اختيارا حرا, فليس أمام المواطنين إلا السمع والطاعة, وإلا فالمعارضون كفار لوطيون, كما قال بعض شيوخهم فضت أفواههم! طغيان لا يستره حجاب أو نقاب.. وإذن فهما نظام واحد. ونحن نعرف أن ضباط يوليو استولوا علي السلطة عام2591 بالتحالف مع الإخوان المسلمين, وأن الرئيس المؤمن أحيا هذا التحالف بعد أن قتله عبدالناصر, أما في أيام مبارك فقد تحول الإخوان إلي دولة داخل الدولة.
وفي السودان, تحالف النميري مع الترابي, والنتيجة انفصال الجنوب عن الشمال, بعد أن أدي انقلاب يوليو إلي انفصال السودان عن مصر.والذي حدث في مصر والسودان حدث في سوريا والعراق, حافظ الأسد استثار النزعات الطائفية في سوريا ليبرر بها طغيانه وطائفيته.. وصدام حسين سلط السنة علي الشيعة, والعرب علي الأكراد, وأضاف إلي العلم العراقي لفظ الجلالة, ليصبح تحته أمير المؤمنين!والحقيقة أن في تاريخنا القديم, وفي تراثنا العربي الإسلامي ما يؤكد هذا الارتباط العضوي بين حكم العسكر وحكم رجال الدين, وصورة السيف الذي يحمل الشهادتين رمز واضح لهذا الارتباط.
وقد رزحنا نحن المصريين بالذات آلاف السنين تحت هذا الطغيان المزدوج.. الإسكندر الأكبر ادعي بعد أن دخل مصر غازيا أنه ابن الإله المصري آمون, الذي هبط علي السيدة الفاضلة والدته وهي نائمة في مقدونيا, ونفخ فيها من روحه.. ونحن نعرف أن الاسكندر توجه إلي واحة سيوة, حيث زار والده الروحي في معبده قبل أن يذهب إلي منف ليتوجه كهنتها ملكا علي المصريين!
وكما استخدم الإسكندر الدين في غزو مصر, استخدمه البيزنطيون والعرب والفاطميون والأيوبيون والمماليك والعثمانيون.
والذي نجده في تاريخنا نجده في تاريخ الأمم الأخري, فأباطرة روما في القرون التي سبقت المسيحية كانوا رجال حرب وكانوا آلهة في الوقت نفسه, وبعد أن أصبحت المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية وصار البابا سلطة إلي جانب سلطة الإمبراطور ظهرت نظرية السيفين: سيف الدولة, وسيف الدين.. والغزوة الصليبية كانت مشروعا مشتركا بين فرسان أوروبا وكنيسة روما التي كانت حاضرة في كل الغزوات الاستعمارية الحديثة.والتحالف بين العسكر ورجال الدين في النظم المستبدة تحالف منطقي مفهوم, لأن الطغاة يحتاجون للعنف ليضربوا النخبة المعارضة, ويحتاجون للدين ليحولوه إلي مهدئ أو مخدر يسكتون به الجماهير, وقد رأينا كيف تحولت الماركسية في بعض البلاد وعند بعض الأحزاب إلي تعصب لا يختلف عن التعصب الديني أو دروشة, كما كان يقول أحمد بهاء الدين, والذي حدث في الماركسية حدث بالطبع في النازية والفاشية, اللتين لعبتا بعواطف الألمان والإيطاليين إلي الحد الذي أصبحتا فيه ديانتين قوميتين.
هكذا يستطيع الطغاة الغوغائيون أن يحولوا الطغيان إلي دين, كما يستطيع المتاجرون بالدين أن يحولوا الدين إلي طغيان.. والنظام العسكري إذن والنظام الديني نظام واحد يقوم علي الطغيان والانفراد بالسلطة, وخداع الجماهير وقهرها, ولا فرق بين النظامين إلا في الزي.. الأول طغيان بالبدلة الكاكي والكاسكيت, خصوصا في بداياته التي يحتاج فيها للتكشير عن الأنياب وإرهاب المعارضين وتخويفهم, ثم يخلع الكاكي ليتخفي وراء الملابس المدنية.. والآخر بالعباءة والطاقية أو بتلفيق يجمع بين بدلة الأفندية وعمامة الشيوخ التي أصبحت في هذه الأيام عمامة مقدرة, كما كان يقول بعض ظرفاء الأجيال السابقة وهم يمازحون أصدقاءهم الذين تخرجوا في الأزهر لكنهم غيروا زيهم التقليدي مسايرة لأصدقائهم الذين تخرجوا في مدارس الحكومة, واكتفوا بذلك, فلم يكتسبوا ثقافة جديدة تساعدهم علي فهم الواقع الجديد وظلوا يفكرون بالطربوش كما كانوا يفكرون بالعمامة, فلا يملك من يسمعهم إلا أن يحس بالمفارقة ويري أنهم لايزالون معممين, وإن كانت العمامة مختفية تحت الطربوش كما تختفي العلامة النحوية كالضمة أو الفتحة من بعض الكلمات لتعذر النطق بها فتصبح عندئذ ضمة مستترة أو مقدرة. ونحن نستطيع بالمثل أن نري علي الرءوس العارية لبعض المرشحين للرئاسة أغطية الرأس العسكرية والدينية التي كانت تغطي هذه الرءوس ثم رفعها أصحابها ليخدعونا بزيهم المدني المستعار, لكننا نستمع لهم فنجد أقوالهم تناقض أفعالهم ويتناقض بعضها مع بعض, وعندئذ تظهر المفارقة ونري علي الرأس العاري الكاسكيت المقدرة أو العمامة المقدرة, كما حدث لنا مع الإخوان الذين لم يصدق من وعودهم وعد واحد, والذين يتحدثون عن الدولة المدنية, والديمقراطية, والنهضة, فيتناقض الكلام مع الكلام.
الدولة بالنسبة للإخوان يمكن أن تكون مدنية برغم أن مرجعيتها دينية!.. والديمقراطية لا تتعارض عندهم مع الانفراد بالسلطة!.. والنهضة تتحقق بإحياء الخلافة التي انتهي عهدها منذ قرون. وكل هذا تزييف وتضليل وشعارات كاذبة يغطي بها الإخوان طغيانهم المقبل.. دولتهم, وديمقراطيتهم, ونهضتهم طغيان مقدر, يخفون حقيقته بهذه الشعارات التي يرفعها الآن الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان.. وهذا هو أحد الخيارين التعيسين اللذين نواجههما الآن.. فماذا عن الخيار الآخر؟
الخيار الآخر هو الفريق أحمد شفيق.. وهو ينتمي للمؤسسة العسكرية التي ينتمي لها نظام يوليو الذي أنجب عبدالناصر, والسادات, ومبارك, وفرض علينا طغيانه وهزائمه وديونه, وانتهي بالثورة المجيدة التي لم تفلح حتي الآن في تقويضه, وإن أسقطت رأسه, فباستطاعتنا أن نقول إن الفريق شفيق يواصل عمله لإنقاذه, هذا العمل الذي بدأه برئاسه الحكومة في أيام مبارك الأخيرة, ثم رشح نفسه لرئاسة الدولة, لنجد أنفسنا إزاءه في الموقف نفسه الذي نقفه إزاء مرشح الإخوان.
كلا المرشحين يسعي لإنقاذ النظام المتهالك الذي ثرنا عليه.. الأول بسيف الدين, والآخر بسيف الدولة, اللذين يلتقيان ويتقاطعان في كل النظم المستبدة التي تخلط بين السياسة والدين.
وأنا أقول لا لكلا المرشحين وأدعو المصريين ليقولوا لا!, فقد رزحنا قرونا وقرونا تحت هذا الطغيان المزدوج.. وقد آن أن نخرج منه!
المزيد من مقالات أحمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.