نائب: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية يعكس التزامها بالمعايير    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    في ثالث أيام العيد.. إزالة 6 حالات تعدٍ على أملاك الدولة بالغربى بهجورة بمساحة 1775 مترًا    بزيادة 3% عن العام الماضي.. كم عدد أضاحي المصريين في المجازر الحكومية خلال العيد؟    الاحتلال يستهدف مراكز المساعدات وخيام النازحين بقطاع غزة    ترامب يتوعد ماسك بعواقب وخيمة.. هل انتهى شهر العسل بين «دونالد» و«إيلون»؟ (تقرير)    في اليمن.. العيد بين ألم الفُرقة وأمل الطريق المفتوح    موعد مباراة البنك الأهلي وإنبي والقنوات الناقلة    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    نادي سانتوس البرازيلي يعلن إصابة نيمار بفيروس كورونا    طقس غداً الإثنين شديد الحرارة نهارًا معتدل ليلًا على أغلب الأنحاء    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    خلال احتفالات العيد.. 3 جرائم قتل في مغاغة وملوي بالمنيا    «يعرض جزيرة إنترودوس وأحواض بناء السفن».. افتتاح مركز زوار قلعة قايتباي بالإسكندرية بعد تجهيزه (صور)    أسما شريف منير تكشف كواليس تعرفها على زوجها :«كان بيرقص رقص معاصر»    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء في غزة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بالمجان ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    متفوقا على "ريستارت".. "المشروع X" يتصدر إيرادات دور العرض السينمائي    التحفظ على 1670 كيلو لحوم ودجاج في الدقهلية.. تفاصيل    زيزو: "تمنيت اللعب مع أبو تريكة وأتذكر هدفه في كلوب أمريكا"    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    إخماد نيران حريق بشونة كتان ومصنع طوب مهجور بالغربية    متحف شرم الشيخ يطلق فعاليات نشاط المدرسة الصيفية ويستقبل السائحين في ثالث أيام عيد الأضحى    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    مراجعة نهائية متميزة في مادة التاريخ للثانوية العامة    لم تحسم.. حقيقة تعاقد الزمالك مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد (خاص)    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    صحة غزة: مستشفيات القطاع ستتحول إلى مقابر خلال 48 ساعة    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    تقديم الرعاية ل2096 مواطنًا بقريتي السرارية وجبل الطير البحرية في المنيا    وزارة العمل تعلن عن وظائف بمرتبات تصل إلى 13 ألف جنيه.. اعرف التفاصيل    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    عروض «بيت المسرح» ترفع لافتة «كامل العدد» في موسم عيد الأضحى| صور    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    انفجار في العين.. ننشر التقرير الطبي لمدير حماية الأراضي المعتدى عليه خلال حملة بسوهاج    في حديقة حيوان الزقازيق.. إعفاء الأيتام وذوى الهمم من رسوم الدخول    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى مواجهة محاولات حصار المشروع الوطنى المسئولية الوطنية للإعلام..وأدوار جديدة للدولة ..

لم يكن حوار الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي نشرته الأهرام علي مدي ثلاثة أيام في منتصف الأسبوع تقليديا في ملابساته وفي مضمونه، فقد تولدت قناعات لدي السلطة السياسية أن الإعلام العام المملوك للشعب هو الوسيلة المثلي لمخاطبة عموم المصريين عندما اشتدت وطأة الشائعات واختلت بوصلة الإعلام بشكل عام حتي بات يشكل عبئا لم يعد بالإمكان إنكاره ولم يعد السكوت عن حالته المتردية في صالح تماسك الدولة التي حان وقت ان تتدخل بالتنظيم الصارم.
ما قاله الرئيس عن المسئولية الوطنية للإعلام المصري في الجزء الأخير من حواره الذي امتد سبع ساعات يطرح علي السطح أسئلة كثيرة ومتشعبة عما وصلنا إليه علينا أن نناقشها بكل صراحة ومنها: أي إعلام له سياسة أو إستراتيجية.. فهل إعلامنا يعكس الحالة الحقيقية لما نحن فيه؟ هل يملك الإعلام أدوات شرح الأوضاع الاقتصادية، علي سبيل المثال؟ وهل يمكن لقادة الرأي العام أن يقولوا كل شيء يرتبط بالصالح العام دون خشية جماعات المصالح؟ أو مايسمي بالنشطاء السياسيين وهل الأجندات الإعلامية الحالية تعكس مطالب واحتياجات السواد الأعظم من المصريين؟
تحدث الرئيس في اللقاء معه مطولاً عن المسئولية الوطنية لكل فئات المجتمع واختص الصحافة السلطة الرابعة والإعلام عموما بقدر أكبر وأهم من تحمل المسئولية وضرب مثالاً بما يستمده الإعلام الخارجي، ممثلاً في المراسلين الأجانب علي أرض مصر، من معلومات من بعض الإعلام الخاص ومواقع التواصل الاحتماعي ومن خبراء أو مواطنين يلتقونهم سواء ما يتداول من أحاديث عن الفساد والأداء الحكومي باعتباره مصدرا رئيسيا للتقارير عن بلادنا وكثير مما ينشر يحمل مغالطات وعرض أقل للحقائق فضلا عن الأقاويل المبتورة والمغرضة.. نعم هناك ضغوط حياتية وأسعار ترتفع لكن الإعلام للأسف لا يقول للناس بأمانة إن تلك أوضاع لا تحمل السلطة الحالية مسئولية كاملة عنها والواقع المرير لم يصنعه الرئيس أو يشارك في صناعته وإلا لماذا قامت ثورة 25 يناير أصلا.. لا يقول الإعلام إن حجم الدين الداخلي 2.3 تريليون جنيه وإن الموازنة العامة 850 مليار جنيه من الإيرادات والباقي 300 مليار جنيه علينا تدبيره!... لم يقل الإعلام الذي يملأ الحياة المصرية صخباً ليل نهار إن القروض سواء الداخلية والخارجية هي جزء من التدابير المطلوبة.. ولن يمكننا أن نسدد ما نقترضه دون أن نعمل وأن ننتج وأن نصدر ما نصنعه بأيدينا من أجل أن تتوازن الكفة.
للأسف، بعض الإعلام يعكس ما يحدث وما يقال وما يشاع دون آراء موضوعية أو خبرة أو معلومات حتى أصبح ما يفعله هذا النوع من الإعلام هو التحدث دون علم ودون توعية الناس... فى حديث الرئيس مع رؤساء تحرير الصحف القومية مصارحة بحال إعلامنا، فهو لا ينظر إلى الإعلام الخارجى على أنه متآمر. صحيح هناك مراسلون يعملون بنفس طريقة الإعلام المحلى لكن أغلب المراسلين الأجانب يعتمدون على ما ينشر فى الاعلام المصري.
الحديث عن الإعلام كان أمراً لابد منه فى مقدمة حديثى لأنه شريك أصيل فى التغيير والتحديث المطلوب، ولو غابت الأجندات المسئولة - الوطنية لما حققنا الكثير على أصعدة أخري.. فالإعلام هو مرآة الأمة التى نرى فيها الإيجابيات والسلبيات دون رتوش والمعلومات الدقيقة وآراء أهل الخبرة والاختصاص.
فى تشخيص الوضع الاقتصادى والسياسى هناك الكثير مما يجب أن نقوله بصراحة لأننا جميعا مع الرئيس شركاء فى المسئولية..... فالوضع الذى أدى إلى ثورة 25 يناير ثم إلى ثورة 30 يونيو هو نتيجة طبيعية لوصولنا إلى مرحلة من الإنحدار والانهيار وهو أمر طبيعى يؤدى إلى الثورات والإنتفاضات الشعبية. فالثورات لا تحدث فى أوج تقدم الأمم ولكن العكس هو الصحيح. فالناس فى الحالة المصرية خرجوا من أجل تغيير الأوضاع التى تسبب فيها نظام مبارك ونظام الجماعة الإرهابية. وتغيير الأوضاع إلى الأفضل، بعد انحدار عمره 40 عاماً، يحتاج إلى وقت وفترة زمنية طويلة مهما كانت الجهود المبذولة لتعديل الأوضاع. وبصراحة مطلقة حتى نصل إلى حالة من الرضا العام بأن الأمور تتحسن وتتغير فإن الأمر سيستغرق وقتا طويلا.
ليس من المعقول أن نرهن التقدم بما تحقق فى عامين فقط برغم حجم ماتحقق من العمل الجاد، ونقول ما سبق من أجل ألا نظلم أنفسنا (كمواطنين) ولا نظلم الدولة. نحن فى تلك الحالة نحمل أنفسنا ما لا نطيقه, ونتصور أن عملنا ليس على قدر الأهداف الموضوعة، ونصيب أنفسنا بالإحباط على غير الحقيقة. هناك فارق كبير بين عمل الفرد وبين عمل دولة مسئولة عن مصير 90 مليون نسمة (يزيد عددهم بمقدار 2.5 مليون نسمة سنوياً ومطلوب توفير مليون فرصة عمل سنويا أيضا) وحجم مشكلات متراكمة على مدى أربعين عاما. إذا سألنا أنفسنا: لو كان من الممكن حل مشكلاتنا فى عامين، فلماذا خرجت الجموع فى 25 يناير؟! ثم فى 30 يونيو ؟!! فالسقوط بدأ منذ سنوات طويلة، وثورة يناير كانت إعلان السقوط وليس السقوط نفسه. وكما كشفت 25 يناير ثم 30 يونيو عن انحدار نظامى حكم بمصر فقد كشفت أيضا حجم هشاشة البنيان الإعلامى فى مصر.
اليوم.. كلنا مسئولون عن توجيه الإعلام لخدمة المصلحة الوطنية.
وأيضا الناس فى مطالبها ربما نجد لها عذرا، لكن النخب السياسية والإعلام لا عذر لها.
موضوعية الإعلام تقول إننا يجب ألا نقبل الحديث عن ضرورة توفير كل شيء دون مقابل، فهو حديث غير مقبول أو أمين فى بلد محدود فى موارده، وهو لا يحدث فى دول العالم الأخرى على الإطلاق. دور الإعلام أن ينقل الحقيقة كاملة عندما يكتب أو ينقل المطالب الفئوية، فهذا هو الإنصاف للدولة وتلك هى المسئولية الوطنية ودون ما سبق نكون مجافين للحقيقة. فعدم توعية الناس بالحقائق هو مساهمة عمدية من هذا النوع من الإعلام فى إسقاط مصر وتراجع عن مسئولية تاريخية.
التقدير الموضوعى من المواطنين والإعلام يقول أن نتحلى بالصبر والاستعداد للتضحية من منطلق ما قاله الرئيس عن الوعى بضرورة «المسئولية الجماعية» ونقولها بوضوح إن هناك من لا يدرك الأرقام جيدا ولا يستوعب العبء الحاصل. فالأرقام مفزعة عن حجم الدين الداخلى 2.3 تريليون جنيه وعجز الموازنة 300 مليار جنيه وهو ما يعنى حتما تأثر فى الخدمات التى تقدمها الدولة لمواطنيها، وحجم المصروفات الناجمة عن المعاشات والأجور وخلافه مع حجم خدمة الدين سيصل بعجز الموازنة، لو استمررنا على هذا الحال، إلى 500 مليار جنيه وليس 300 مليار جنيه كما هو الحال اليوم، ولو أخذنا مثالا لما هو جار اليوم من تداول مسألة أسعار تذكرة مترو الأنفاق، فحقيقة الأمر هى أن التشغيل الاستثمارى للمترو يرفع سعرها إلى 25 جنيها والتشغيل الاقتصادى يصل بها إلى 12 جنيها، ولأن الدولة تراعى أحوال الناس فإن على من يستغل معاناتهم أن يقول للدولة كيف يمكن تدبير 30 مليار جنيه هى تكلفة التشغيل والصيانة!
المسئولية الوطنية
نأتى إلى دور الدولة وأدوار المسئولين انطلاقا من المسئولية الوطنية، فقد جسدت الفترة الماضية قدرة الدولة على الموازنة بين ما يتطلبه الواقع المصرى من مشروعات فورية تصب فى مصلحة تحسين البنية التحتية، وبين النظر إلى المستقبل بعيون مفتوحة على التحديات المتزايدة. من الأمثلة على التطور الحاصل إقامة 7 آلاف كيلومتر فى شبكات الطرق التى ينتظر أن ينتهى العمل بها فى منتصف يونيو 2017 بتكلفة 100 مليار جنيه، وتشييد محطات للكهرباء تتكلف 400 مليار جنيه. ودون تلك المشروعات المهمة لكان الحال أسوأ كثيرا. ولا يمكن الحديث عن تلك الإنجازات دون ذكر دور القوات المسلحة المصرية التى وقفت بصلابة وراء الرئيس السيسى فى مشواره منذ عرض مسألة الترشح للرئاسة على المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى يناير 2014 الذى أيد ترشيحه للمنصب وقالوا للسيسى يومها: لا يوجد بديل غيرك والقوات المسلحة معك والشعب يستدعيك لتولى المسئولية، القوات المسلحة تقدم فى تصديها للبناء والدفاع عن البلاد نموذجا للتضحية والصبر، انطلاقا من أن بناء الدولة وبناء البلد هو مسئولية الجميع. القوات المسلحة هى عمود الخيمة والمؤسسة الوحيدة القادرة على حمل القسم الأكبر من المسئولية والغالبية العظمى من الشعب تعى هذه الحقيقة تماما.
رهان الرئيس السيسى إذن على الإنسان المصرى ووعيه وقيام كل مواطن بدوره وتحمله المسئولية الوطنية، وهو حسب قوله «الإنسان المصرى ثروة» لأن كل المشاريع التى تم الانتهاء منها فى عامين والأخرى التى فى مراحل التنفيذ بسواعد المصريين وحدهم.
رهان الرئيس السيسى على دور المؤسسات فى إعادة بناء الدولة والخروج من حالة الانحدار والسقوط .. أليس وجود تلك المؤسسات فى حد ذاته مهما؟..ألم نعان مثلا من غياب الشرطة فى وقت ما؟ من يريد عدم وجودها وضربها؟
الحملات على الدولة ومؤسساتها من الخارج والداخل قائمة ومستمرة.. فهل المسئولية والضمير الوطنى هو أن نسهم فى الترويج لتلك الحملات لضرب المؤسسات؟ ألم تدفع الدولة والشعب ثمن غياب الشرطة فى وقت ما وسيدفع أكثر فى حالة تغييبها؟!
فهل نقوم بإصلاح المؤسسات- دون المساس بكبريائها الوظيفى - فى مدى زمنى مناسب أم نعمل على هدمها؟
وعلينا أن نسأل أنفسنا: كم حجم الأجهزة الأمنية فى بلد مثل الولايات المتحدة حتى نعرف ثقل المسئولية على الأجهزة الوطنية الموكل إليها حماية الجبهة الداخلية.

نصل إلى سؤال آخر ملح . أعتقد أنه علينا أهل الصحافة والاعلام أن نطرحه على أنفسنا وهو:
هل لدينا الوعى المسئول والبناء أم نواجه عملية تزييف للوعى أم أن هناك وعيا أحمق وطائشا؟
لو نظرنا إلى كثير مما يجرى اليوم فى بعض الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعى نجد أن لدينا حمقى وحماقات .. وعندما يكون لدينا تحديات جبارة .. هل أقول لا شأن لى بما يحدث؟ وهل نكون عندها أمناء على تلك الأمة؟ فمن لا يعرف عنده عذر.. لكن من يعرف ويفهم فلا عذر له!
هل بالحماقة نضيع بلدا؟!
فبالنسبة لفئات أخرى فى المجتمع ممن يريدون تحقيق مكاسب على حساب السواد الأعظم من الناس.. هل المطلوب أن نقف كإعلام مسئول صامتين والبعض يحاول أن يحصل على مايريد على حساب المواطنين دون أن نشرح ونفسر!
مؤسسات بناء الوعى
من محصلات مايجرى حولنا فى العالم والإقليم وفى الداخل أيضا هناك ضرورة الانتباه إلى وعى الناس وتوعيتهم من أجل بناء وعى الرأى العام وجعله مستعدا لتحمل المسئولية. فالتجربة المصرية فى حاجة إلى أن تنمو وتنهض، ولابد من الصبر على النتائج، ولعل من الملاحظات الثاقبة للرئيس أنه يرى وعى الناس أكثر نضجا من إعلاميين ونخب يفترض أن لديها قدرة أكبر على الفرز.. وبالنسبة لوسائل الاعلام هناك غياب لمؤسسات بناء الوعى فى مصر وهو وضع ربما لا نظير له فى العالم وغير مسبوق فى مصر أيضا.. فعلى مدى عامين لا توجد مؤسسات أو هيئات أو مجالس خاصة بتنظيم الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى رغم ما نراه من أجواء تحفل بحملات التشويه والإساءة وعدم المسئولية استغلالا لكتلة مصرية مضغوط عليها فى ظل ظروف اقتصادية صعبة. حجم الأكاذيب التى تروجها وسائل التواصل الاجتماعي وتنشرها بدورها وسائل الإعلام لا تتوقف وهى تحتاج إلى وقفة. فجزء من أزمة الدولار هو نتيجة شائعات متنوعة. وأيضا، يلعب الإعلام الخارجى دورا مدمرا ويحمل انعكاسات خطيرة على الداخل المصرى وعلى الثقافة الوطنية.
والحديث عن وسائل الاعلام لاينبغى أن يصرفنا عن مسئولية مؤسسات بناء الوعى المصرى الأخرى، فهل هذه المؤسسات أيضا (التعليم - دور العبادة - الأسرة) فى أحسن حالاتها؟!
بالقطع الحالة العامة هى إفراز لما شهده البلد فى السنوات الأخيرة.. وهناك حيرة فى أمر التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى التى نسأل: هل كنا مستعدين للتعامل معها بشكل يجنبنا السلبيات؟! وفى حالة التعليم العام: هل مخرجات التعليم الفني، وهو الاكثر طلبا فى سوق العمل، بما يضمه من 60 % لا يعرفون القراءة والكتابة تصلح لجعلهم يسهمون فى تنمية حقيقية؟!
المسئولية الوطنية هنا تقول ان مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسات الوعي، فى حال تمكنها من التعامل مع التحديات بالكفاءة المناسبة كلما كانت الدولة قادرة على مواجهة المستقبل.. فقوة المؤسسات تصب فى صالح دولة قوية. وفى حالة ثورة يناير، نجد أن البعض حاول قطع رأس الدولة واسقاطها .. فلم يكن رأس الدولة هو حسنى مبارك .. بل كان الهدف ومازال هو اسقاط الدولة نفسها بدءا من مؤسسة الرئاسة .. وللأسف تم الاساءة لمؤسسة الرئاسة وليس المقصود هنا المعنى المادى بأن رئيسا قد رحل عن الحكم ولكن معنويا من خلال ضرب الهيبة والمكانة!... وقد وعى الشعب هذه المؤامرة لاسيما المرأة المصرية التى رأت مايحدث لأطفال سوريا وليبيا... وبحس فطرى ووعى وطنى كانت فى مقدمة الصفوف للتصدى لهذه المؤامرة.
هذه الاساءات للأسف تسببت فى احجام كفاءات عن العمل العام... فمن سلبيات 25 يناير أن المرء يسأل نفسه وسط تلك الظروف والأكاذيب والتشويه: لماذا التصدى لعمل عام؟ للأسف الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى تسببا فى عقدة خوف «فوبيا» لكثير من الكفاءات التى كان يمكنها أن تقدم الكثير للوطن! فمن يحكم على الأداء؟ هل نحكم بناء على حقائق ومعلومات وأرقام أم نحكم فى أغلب الأحيان بإنطباعات شخصية؟!
مثلا: عدد العاملين فى الجهاز الإدارى زاد بمقدار 900 ألف موظف بعد 25 يناير.. وهناك وزير لديه 170 ألف موظف فى وزارته.. فهل يستطيع الوزير أن يتابع عمل عشرات الآلاف من الموظفين وان يدفعهم إلى تحمل مسئولياتهم بكفاءة عالية؟!
تلك أمثلة حية لمن يريد أن يبنى أحكاما منصفة.

الأمة على المحك
أعتقد أن مسألة الشعبية ليست الشغل الشاغل للرئيس السيسى مثل سابقيه، فهو يؤمن بأن عمله من أجل البلد هو مصدر حب الناس وهو لا يؤمن بتسيير الأمور مثل الرؤساء فى الماضى القريب ويعنيه بناء الدولة والبلد، وشعاره السباق مع الزمن لتعويض ما فات ولعل هذا مايستفز بعض الدوائر فى الخارج والداخل. الرئيس يرى ضرورة ضبط العلاقة بين الدولة والمواطن حيث اعتاد المواطن أن تقوم الدولة نيابة عنه بكل الأعباء. كما يرى أن الفساد فى المجتمع ليس مظهره من يحصل على رشوة ولكنه يوسع من مفهوم الفساد ليشمل سوء الإدارة وسوء التقدير وعدم تحمل المسئولية، لذلك فإن مواجهة كل اشكال الفساد تحتاج إلى جهد مخلص وأفكار مبدعة لمحاصرته. ويحمل الرئيس القوى السياسية مسئولية توعية الناس بأن هناك فصيلا يعمل على تحقيق اهدافه على حساب تماسك وصلابة الدولة والوصول إلى فرصة ثانية.
يقدم السيسى رؤية سياسية متماسكة، يقدمها رئيس يؤمن بأن ذخيرة المقاتل هى الشرف والعزة والكرامة والكبرياء وأن المقاتل الحقيقى لا يقبل أن تنزع ذخيرته ولا يتنازل عن ذخيرته فى التعامل مع أى موقف أو قضية.
التحدى فى سنوات حكم السيسى هو أن الإنجازات التى يقوم بها اليوم تتم فى حقبة تشهد انفلاتا أخلاقياً وتزييفا للوعى وفسادا مستشرياً وطغاة صغارا فاسدين فى مؤسسات بالدولة لا يبرحون أماكنهم .. لكن الرجل من حواره الأخير لديه ثقة كبيرة فى شعبه وثقة فى إدراك الجماهير وهى الثقة التى ينطلق منها من أجل أن يصيغ أدوارا جديدة للدولة.
لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة