يستحب لزائر المدينةالمنورة أن ينوي زيارة قبر المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم- والسلام عليه والتقرب إلى الله تعالى بالصلاة في مسجده الشريف؛ لعظم ثواب ذلك كله عند الله تعالى، لان زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هي من أعظم القربات وأفضل الطاعات وأكثرها قبولا عند رب الأرض والسماوات. ولكن ليعلم كل من أراد ان يزور المدينةالمنورة قاصدا زيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم والروضة الشريفة، ان تلك الزيارة ليست من مناسك الحج او العمرة، ولكنها زيارة مشروعة، محل إجماع بين علماء الأمة، وذلك لما في الزيارة من الثواب العظيم والفضل الجزيل من الله تعالى لعباده فى هذه الأماكن الطاهرة، والدليل على مشروعية الزيارة النبوية-بما فى ذلك السفر اليها- قول الله تعالى «وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا »، فهذه الآية عامة تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة، وتشمل كذلك السفر وعدمه، وتخصيصها بحالة دون غيرها تخصيص بلا مخصص، فلا يقبل، كما قال بذلك العلماء. ويوضح الشيخ عطية صقر- رحمه الله- من كبار علماء الأزهر، فى حديثه إلى إذاعة القرآن الكريم حول مناسك الحج والعمرة، أن الذهاب إلى المدينة قد يكون قبل الحج أو بعده، وزيارة المدينة سنة للصلاة فى المسجد النبوى، حيث يضاعف ثواب الصلاة فيه إلى ألف صلاة إلا المسجد الحرام فإنها بمائة ألف صلاة، ولزيارة قبر النبى (صلى الله عليه وسلم)التى قال بعض المالكية بوجوبها، وقال الحنفية إنها قريبة من الواجب، وعند دخولها يستحب الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم التطهر ودخول المسجد، ويقصد الروضة الشريفة لتحية المسجد بركعتين، ثم يزور القبر الشريف ويسلم على النبى، صلى الله عليه وسلم، بأدب ويبلغ سلام من أمنه ذلك، وعلى صاحبيه أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، وينبغى زيارة الأماكن المعروفة بالمدينة للعبرة والتذكر والقربى، مثل مسجد قباء ويصلى ركعتين كما كان يفعل النبى فى كل يوم سبت حيث إنها تعدل عمرة، كما جاء فى الحديث الصحيح، وتسن زيارة البقيع، وشهداء أحد، ومسجد الغمامة الذى كان يصلى فيه النبى عليه الصلاة والسلام صلاة العيد، ومسجد الفتح حيث موقعة الأحزاب التى انتصر فيها المسلمون على الأحزاب، مع المحافظة على أداء الصلوات المفروضة فى المسجد النبوى، وقبل مغادرة المدينة يستحب توديع المسجد النبوى بصلاة ركعتين فيه، والسلام على النبى وصاحبيه والدعاء بألا يجعل هذه الزيارة آخر العهد به. وعدد العلماء جملة من الآداب التى ينبغى على المسلم التحلى بها عند زيارة المدينةالمنورة منها، أن يُكثر في طريقه إلى المدينةالمنورة من الصلاة على الحبيب -صلى الله عليه وآله وسلم - ولا سيما إذا بدت له معالم المدينة وأشجارها وأبنيتها، وأن يسأل الله تعالى أن ينفعه بزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويتقبلها منه، ويستحب للمسلم قبل أن يدخل مسجده الشريف للسلام عليه ومناجاته -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يغتسل ويلبس أحسن ثيابه ويتطيَّب، وعلى المرء وهو في المدينةالمنورة أن يستشعر في قلبه أنه في أشرف بقاع الأرض بعد مكةالمكرمة؛ حيث جعلها الله مُهاجَر حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم ومثواه، وأن البقعة التي تضم جسده الشريف -صلى الله عليه وآله وسلم- هي أفضل بقعة في الكون.