ولا تزال استغاثات قطاع الصناعة تتواصل .. ويكشف عنها موقعنا على خريطة الاستيراد والتصدير وكذلك صورة حية على أرض الواقع قمنا برصدها فى نماذج من المصانع المتعثرةوكذلك فى الأسواق ومدى الإقبال على المنتج المحلى لا سيما فى قطاع الغزل والنسيج الذى يعانى مشاكل لا حصر لها مثل ارتفاع اسعار المواد الخام وارتفاع سعر الدولار مما يهدد بتسريح اعداد كبيرة من العاملين بهذا القطاع المهم. عدم الجودة وعقدة الخواجة أهم مشكلات المنتج المحلى كلمة السر فى الإقبال على المستورد تحقيق هبة جمال الدين «اشترى المصرى» شعار تبارت وسائل الإعلام منذ عامين فى بثه من خلال شاشات الفضائيات أو عبر الأثير ووسائل التواصل الاجتماعي لحث وتوعية المواطن وتشجيعه على الإقبال لشراء المنتج المصرى للنهوض باقتصاد البلد ولتوفير العملة الصعبة التى نستورد بها كل شئ من الخارج والتى أصابها الجنون فى الفترة الأخيرة ووقت اطلاق المبادرة تنافست المصانع والشركات كل فى مجاله لتقديم تخفيضات لعملائها وتقديم اجود الخامات و المنتجات للتشجيع على الشراء ولكن لم يكن الاقبال على شراء المنتج المصرى على المستوى المطلوب .. فالتجار والمستهلكون اجمعوا على ان الخامة المصرية تضاهى بعض الخامات المستوردة ولكن عدم الاهتمام بجودة «التقفيل» جعل معدلات الشراء فى مصلحة المستورد بالإضافة إلى تقارب الأسعار بشكل كبير بين هذا وذاك كما أن مغالاة بعض التجار والمصنعين فى رفع الأسعار للمنتج المصرى وتحميل ارتفاع سعر الدولار كل المسئولية جعل المستهلك يشعر بالاستفزاز متسائلا ما علاقة المنتج المصرى بارتفاع سعر الدولار. تحقيقات «الاهرام» تجولت فى الاسواق لمعرفة المعوقات التى تواجه المنتج المصري وما يحتاجه المستهلك للإقبال علي منتج بلده. فى البداية يقول محمود يكن صاحب محل ملابس رجالى بمنطقة وسط البلد: الاقبال على المستورد بالطبع اعلى من الاقبال على المنتج المصرى ففى محلي اعرض الصناعتين والزبون يطلب المستورد بالاسم ويضيف مبادرة اشترى المصرى لم تؤثر فى الناس على الإطلاق وجودة المنتج هى ما يجعل النتيجة لمصلحة المستورد و لا استطيع إجبار الزبون أو حتى اقناعه بشراء منتج عن الاخر لانه فى الاساس حضر لشراء المستورد خاصة ان الاسعار متقاربة ولا يفرق بينها سواء جنيهات معدودة فيفضل شراء المستورد الذى فى اعتقاده انه الافضل والاطول عمرا على شراء منتجات بلده وللخروج من هذا المأزق لابد من الاهتمام بجودة التصنيع وهو الشىء الوحيد الذى يجعل المستهلك يقبل على شراء المصري . تايسون صاحب محل لملابس الأطفال بالزيتون يقول: لا اعمل فى المنتج المصرى فملابس الاطفال خاصة عالية الثمن وهناك مصانع بالفعل جودة خاماتها وتقفيلها افضل من المستورد ولكن سعر الجملة مرتفع بالاضافة الى أن هامش الربح يجعل سعر القطعة غاليا جدا مما يجعل المستهلك يتجه إلى المستورد والذى يقارب السعر للمصرى والملابس التى تكون سعر جملتها اقل نجدها ملابس شعبية تقبل على شرائها شرائح معينة وهذا لا يناسب الزبون فى هذا المكان فاضطر الى الاستيراد فسعر الجملة اقل نسبيا الى جانب اختلاف الموديلات وتنوع الخامات بالاضافة الى ان بعض الاسر يفضلون شراء المستورد لأبنائهم بسبب عقدة الخواجة فالمسألة لها بُعد نفسى و المستهلك المصرى لديه اعتقاد أن المستورد أفضل كثيرا من المصرى وأن هناك غيابا فى الرقابة والمتابعة على القائمين على الانتاج فى المصانع فمثلا صاحب المصنع يتعاقد مع عامل على إنتاج 1000 قطعة ولا يهتم بالإشراف على سلامة كل الكمية او ان هناك جزء منها قد تلف أثناء الخياطة مثلا .. ويتم عرض هذه الملابس فى المحال ببعض عيوب الصناعة فتترسخ لدى المستهلك فكرة ان المنتج المصرى ينقصه شىء . ويروى تايسون ان احد اصدقائه يملك مصنعا لتصنيع البنطلونات الجينز واحيانا يكتب على البنطلون صنع فى الصين ليضمن الاقبال على شرائه والغريب ان المستهلك بسبب هذه العقدة يتم خداعه فيؤكد انه فى احدى المرات كنت اقف اساعد احد اقاربى فى محل لبيع الملابس الرجالى ودخل شاب وطلب بنطالا مستوردا وحاولت اقناعه بان البنطلون الجينز المصرى افضل كثيرا من المستورد وارخص فرفض واحضرت له بنطالا مصريا على انه مستورد فرحب على الفور وظللت صامتا الى ان هم بالشراء فقلت له الحقيقة واطلعته على التيكت بانه صناعة مصرية فما كان منه الا أن تركه ورفض شراءه! اما عن فترة الاوكازيون وهل اذا كانت للمنتجات المصرية فقط فيقول ان هذا غير صحيح فنحن فى نهاية الموسم نقوم بتخفيض الاسعار حتى نشجع الناس على الشراء لنستطيع استقبال الموسم الجديد ففى الموسم الشتوى الماضى اضطررت وأصحاب المحال من أصدقائى إلى أن نخفض الأسعار الى اقل من سعر الجملة لان المعروض كثير ولا يوجد اقبال وكنا نحتاج سيولة لشراء الملابس الصيفى وهذا جعلنا نخسر خسارة فادحة لدرجة ان بعض التجار قاموا بتصفية تجارتهم و اغلاق محالهم وهم الان متعسرون وعليهم شيكات لا يستطيعون سدادها . سعيد السيد صاحب محل احذية يقول الشعب المصرى بطبيعته يرى ان المستورد افضل بكثير من المصرى وهذه مشكلة ثقافة وعدم ثقة فالناس تبحث عن الأرخص وخاصة محدودى الدخل أما الفئة الأعلى فيبحثون عن الأجود ويعتقدون أن طلبهم سيجدونه فى المستورد فقط . ياسين الشامى صاحب محل ادوات منزلية وكهربائية يقول: يوجد لدى بالمحل النوعان المستورد والمصرى والاقبال على المصرى ذى الاسم لمصانع وشركات معروفة اكثر من المستورد واحيانا المنتج المستورد يكون ارخص من المصرى كالصناعة الصينية ولها شريحة معينة من المستهلكين وهم محدودو الدخل الذين يقبلون على شراء هذا المنتج و خاصة فى الادوات الكهربائية الصينية فهى الارخص والأقل جودة مضيفا أن بعض الزبائن يتخوفون أحيانا من المنتج الصيني لاعتقادهم انه سريع التلف ويفضلون شراء المصري الذى يحمل اسم شركات معروفة لما تتمتع به من خاصية الضمان اما اذا كان المنتج مستوردا لدولة اخرى غير الصين فله زبونه على حسب اسم الماركة وبلد المنشأ سناء مصباح تقول: اقبل على شراء المنتج الأكثر جودة فليس لدى عقدة الخواجة فما أجده مناسب وخامته وتقفيله أفضل أقوم بشرائه ..
70% من مصانع المحلة توقفت تماما والباقى يعمل بنصف أو ربع طاقته أغسطس الجارى آخر موعد للمهلة المحددة التى أعطاها أصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى بعد مفاوضات دامت شهورا مع الشركة القابضة للغزل والنسيج فى محاولة منهم لتخفيض الأسعار التى أصابها السعار وارتفعت بشكل جنونى خاصة مع بداية العام الحالي.. حيث وصلت الزيادة الى 90% لبعض أنواع الغزل بالتوازى مع زيادة الكهرباء والضريبة المضافة وارتفاع أجور العمال وركود فى حركة البيع مما جعل 70% من مصانع المحلة تتوقف تماما والباقى يعمل بنصف وربع طاقته. من جانبنا تجولنا داخل المصانع للوقوف على مشكلات أصحابها ومطالبهم كى لا تتوقف صناعة من أهم الصناعات فى مصر. محمد النمورى يملك مصنع نسيج-إنتاج غزل الوبريات- يقول اعمل بهذا المجال منذ 50 عاما، حيث ورثت هذه المهنة عن والدى بعد أن تركت العمل بمجال الهندسة، حيث كانت هذه المهنة تدر دخلا كبيرا ومنذ عامين تقريبا بدأت الأسعار تزداد شيئا فشيئا ومستلزمات الإنتاج ترتفع ولكن كانت الأمور تسير على الرغم من كل شيء إلى أن ازداد سعر الدولار وبدأت أسعار كل شيء يصيبها الجنون وعلى اثر ذلك بدأت أصفى العمالة لدى وأصبحت اعمل بربع طاقتى لأننى لا استطيع الإيفاء بالتزاماتى وأصبحت انفق من رأس المال وبعد أن كانت لدى سيولة دائمة لشراء الغزل أصبحت على شيكات لا استطيع سدادها مما يعرضنى للمساءلة القانونية كما أن المستورد بدأ يضرنى لأنه يأتى عن طريق التهريب فلا يسدد الضرائب والجمارك والإنتاج المحلى عليه أعباء كثيرة أهمها الضرائب فأصبح المنتج المحلى تكلفته اعلى من المستورد وكل أسبوعين تقريبا تزداد الأسعار بشكل مبالغ فيه فالغزل السودانى من شهر فبراير الماضى إلى أغسطس الحالى زاد بمعدل67% والقطن 86 ارتفع بنسبة 90% إلى جانب أجور العمال والتأمينات والزيادة الجنونية التى حدثت فى فواتير الكهرباء والغاز والمياه والصباغة فكل ذلك يتم تحميل تكاليفه على المنتج، وأوضح «النمورى» أن الحكومة عاجزة عن حل هذه المشكلات ولا تقف بجانبنا والارتفاع غير المبرر للأسعار سيجعلنا نغلق مصانعنا بالكامل فلا احد مهما كانت قوته فى السوق يستطيع أن يفى بالتزاماته فى ظل هذا الغلاء إلى جانب انه يغلق الباب أمام اى مستثمر فالوضع غير مطمئن فمن سيغامر فى ظل هذه الظروف؟! حمدى السمسار صاحب مصنع نسيج يقول بانفعال: ابلغ من العمر 62عاما وهذه الظروف لم تمر على من قبل فكيلو الغزل كان سعره 25 جنيها عندما كان سعر الدولار 7.40 ثم أصبح 45 جنيها على الرغم من أن الدولار سعره رسميا 8.80 أى أن الزيادة فى الدولار نحو 1.40 جنيه فقط فلماذا يزداد سعر الغزل 20 جنيها ؟!، متسائلا عن السبب فى عدم عودة سعر الغزل لسابق عهده؟! وان حدثت زيادة تكون بسيطة وتتناسب مع الارتفاع الطفيف الحاصل للدولار فالمشكلة أننا علمنا أن الشركة القابضة تتعامل معنا بسعر الدولار فى السوق السوداء والذى يبلغ سعره 12 جنيها، مستنكرا تعامل الحكومة بسعر السوق السوداء!!، مؤكدا أننا نرضى بالزيادة المعتدلة بأن يزداد الكيلو اثنين أو ثلاثة جنيهات إنما 20 جنيها فهذا شيء من الجنون. وأكد «السمسار» أن ارتفاع أسعار الكهرباء والقيمة المضافة وتهريب المستورد هى مثلث الرعب الذى يضرب إنتاجنا فى مقتل إلى جانب ارتفاع أجور العمالة المصرية بشكل مبالغ فيه مقارنة بالأجنبية، وأضاف أن العراقيل ليست فقط فى زيادة الأسعار بل فى البيروقراطية فمثلا عندما فكرت في استخراج بطاقة تصديرية تسمح لي بالتصدير لم أتمكن على الرغم من امتلاكى مصنعا ولدى بطاقة ضريبية و سجل تجارى إلا أن على دفع 1500 جنيه ثمن البطاقة التصديرية إلى جانب حصولى على دورات فى القاهرة لمدة 5 أيام أتحمل تكلفتها، فلماذا كل هذا التعقيد؟. وأوضح »السمسار« انه تخلى عن نصف عمالته بمصنعه نتيجة ارتفاع الأسعار، مؤكدا أنه إذا لم تنخفض الأسعار سوف نغلق تماما وسوف نقوم بتسريح باقى العمالة ونحن فى انتظار انتهاء المهلة التى أعطيناها للحكومة كى تخرج بنا من هذه الأزمة.