وزير الزراعة ومحافظ سوهاج يزوران مسؤل حماية الأراضي المعتدى عليه    ناشطة تركية: هجوم إسرائيل على سفينة مساعدات غزة سيكون جريمة حرب    إسبانيا يتقدم على البرتغال في الشوط الأول من نهائي دوري الأمم    إصابة 3 أشخاص باختناق في حريق شقة سكنية بكفر الشيخ    مهرجان موازين يؤكد حرصه على احترام الحقوق الفنية فى إطار الحفل التكريمى للعندليب    الثقافة تنظم احتفالية فنية بمعهد الأورام بسوهاج ضمن احتفالات عيد الأضحى    الصحة الفلسطينية: مستشفيات غزة تواجه خطر التوقف خلال يومين بسبب نفاد الوقود    مؤسسة أبو هشيمة عضو التحالف الوطني توزع لحوم الأضاحي بمحافظة بني سويف.. صور    الرئيس السيسى يصدق على تعديلات قوانين مجلسى النواب والشيوخ وتقسيم الدوائر الانتخابية    إيران: العقوبات الأمريكية الجديدة غير شرعية وتنتهك القانون الدولي    الوفد النقابي في جنيف: مصر نموذج للدفاع عن كرامة العمال    قوافل علاجية ومبادرات صحية تجوب المنوفية في ثالث أيام عيد الأضحى    نصائح لتجنب الإمساك خلال فترة العيد    العودة لباريس أو البقاء مع يوفنتوس.. كولو مواني يكشف عن فريقه في كأس العالم للأندية    تقرير: بايرن ميونخ يضغط على ميلان لضم لياو    أخبار مصر اليوم.. السيسي يصدق على تعديل قانوني مجلس النواب والشيوخ    المجلس الوطني الفلسطيني: إسرائيل حوّلت غزة إلى مقبرة جماعية    إعلام عبري: جثة السنوار في قبضة إسرائيل    أكلات عيد الأضحى.. طرق تحضير الكوارع وأشهى الأطعمة    في ثالث أيام العيد.. مدير معهد بحوث أمراض النباتات يتفقد محطة سدس    إحياء سبع آلاف سنة    فضيلة الإمام الأكبر    عمرو أدهم: كأس مصر شهدت منافسة شريفة وطبيعية.. وأحداث تافهة أخذتنا عن تقدير عبد الشافي    إلهام شاهين من الساحل الشمالي.. «الله على جمالك يا مصر» | صور    براتب 10 آلاف جنيه.. الإعلان عن 90 وظيفة في مجال الوجبات السريعة    لدغة عقرب تُنهي حياة "سيف"| المئات يشيعون جثمانه.. والصحة ترد ببيان رسمي    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    مى عز الدين تتألق في جلسة تصوير جديدة وتعلن عودتها للتفاعل مع جمهورها    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    بنسب إشغال تصل إلى 100% جولات مستمرة من الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الإسكندرية    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    "سكاكين العيد".. حرب شوارع تنتهي بمقتل شاب في المحلة    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    خلال أقل من 48 ساعة .. فيديو تقديم زيزو لاعباً فى الأهلى يتجاوز ال29 مليون مشاهدة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    ضبط شخصين لاتهامهما بغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات    4 أبراج جريئة في التعاملات المالية.. عقلانيون يحبون المغامرة وخطواتهم مدروسة    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    الشرطة الكولومبية تعتقل فتى بتهمة محاولة اغتيال المرشح الرئاسي ميجيل أوريبي    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    أمين المجلس الأعلى للآثار يتفقد أعمال الحفائر بالأقصر    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدروس المنسية للأزمة الآسيوية
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 08 - 2016

يكاد برنامج الحكومة للاصلاح الاقتصادى، مقصورا على مجابهة مخاطر انفلات عجز الموازنة العامة للدولة، وتضاعف أعباء خدمة الدين العام، وتفاقم عجز ميزان المدفوعات، وتدهور قيمة الجنيه. لكنه ليس بمقدور هذا البرنامج اقتلاع جذور الأزمة المالية والنقدية، لأن مضاعفة المديونية تكرس البقاء فى أسرها، ولأن عدم التناسب بين الاستثمار الانتاجى والاستثمار فى البنية الأساسية لا يعد بتعظيم الموارد. ولا يضيف بيع القطاع العام أصولا انتاجية أو فرص عمل، ولا يزيد الصادرات ولا يخفض الواردات؛ بل يحمل آثارا معاكسة. وأما خفض عجز الموازنة بتقليص الدعم- بدلا من مضاعفة الضرائب من استثمارات متنامية فيدفع ثمنه الفادح الفقراء ومحدودو الدخل وصغار ومتوسطو المستثمرين. وأكتفى هنا بايجاز الدروس المنسية للأزمة الآسيوية كما لخصها خطاب نقد ذاتى لرئيس البنك الدولى فى 6 أكتوبر 1998 تحت عنوان الأزمة الأخرى. وأسجل أولا، قوله انه كان مفروضا أن أقدم تقريرا عن انجازات البنك، غير أنه من غير اللائق أن أتحدث عن تنظيم البيت بينما القرية كلها تحترق!! والواقع أننا ننتبه الى أننا لا نملك كل الحلول، وكانت منطقة شرق آسيا تتهاوى لكن أحدا لم يتنبأ بدرجة هذا التردى، ثم حل عام من الاضطراب؛ فسقط 17 مليون اندونيسى فى وهدة الفقر مرة أخرى، وفى مختلف أنحاء المنطقة لن يعود مليون طفل الى مدارسهم مرة أخرى. واليوم تحيط بنا المعاناة الانسانية فى كل مكان, حيث يعيش 1.3 مليار انسان فى مختلف أنحاء العالم على أقل من دولار واحد يوميا، ولا يحصل 1.3 مليار انسان على مياه نظيفة، ولا يحصل 3 مليارات انسان على خدمات الصرف الصحى، ولا يحصل 2 مليار انسان على الكهرباء.
وثانيا، أنه لن يتحقق أى استقرار سياسى اذا لم نحقق قدرا أكبر من الانصاف والعدالة الاجتماعية، وبدون الاستقرار السياسى لن يحقق أى مبلغ من المال، يتم جمعه برامج الاستقرار المالى المنشود لمواجهة الأزمة الراهنة. وقد تعلمنا أننا عندما نطلب من الحكومات اتخاذ الخطوات المؤلمة اللازمة لتنظيم أوضاع اقتصاداتها، فاننا نوجد قدرا هائلا من التوتر. إن الناس هم الذين يشعرون بالألم وليست الحكومات, ويجب أن ندرك- حين نصحح اختلالات الموازنة- أن البرامج التى تبقى الأطفال فى المدارس قد تضيع، وأن البرامج التى تضمن الرعاية الصحية لأشد الناس فقرا قد تضيع، وأن مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، التى تحقق دخلا لأصحابها وفرص عمل للكثيرين، قد تفقد الائتمان وتنهار. وتعلمنا أنه يجب أن نراعى الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية معا، وألا تهيمن الحسابات الرياضية على مصير البشر، وأن نوازن بين ضرورة الاصلاح الجذرى وحماية مصالح الفقراء، وبهذا فقط يمكن التوصل الى اصلاح اقتصادى قابل للاستمرار، ويلقى دعما من المواطنين.
وثالثا، أنه فى بلدان اتبعت سياسات صارمة للاصلاح الاقتصادى على امتداد سنوات عديدة، يتعرض فيه عمالها للطرد من وظائفهم، ويتوقف فيه أطفالهم عن متابعة التعليم، وتتحطم فيه آمالهم وأحلامهم. إننا لا يمكن أن نغلق عيوننا عن حقيقة، أن الأزمة كشفت مواطن ضعف وعيوبا يجب علينا معالجتها بجسارة، وبواقعية. ولكن لا يسعنا أن نجتاز من جديد تجربة عقد ضائع كذلك الذى فقدته أمريكا اللاتينية عقب أزمة ديونها فى أوائل الثمانينيات؛ لأن أرواح العديد من البشر معرضة للخطر. وإن المشاكل بالغة الضخامة وعواقبها بالغة الأهمية، بحيث لا يمكن أن نسترشد بالحلول السريعة التى طبقت فى الماضى، أو الأيديولوجيات السائدة اليوم. واقترح نهجا يرتكز الى, أولا، الوقاية، بفهم أسباب الأزمة وانشاء بنى اقتصادية تقلل تكرارها وتخفض حدتها. وثانيا، التصدى، بوسائل تتسم بالكفاءة والانصاف، ولا تنزل هذا القدر من الألم بالعمال وأصحاب مؤسسات الأعمال الصغيرة .
وثالثا، الأمان، بتوفير الحماية لمن سيتعرضون للبطالة المتزايدة خلال الفترة الطويلة، حتى يتم وضع وسائل التصدى. وفى لحظة الأزمة هذه ينبغى تقديم المساعدة للبلدان التى تعانى من الأزمة لدعم الاصلاح، ومساعدة البلدان التى تفتقر الى الموارد حتى لا تصبح بلدانا تعانى من الأزمة. وفى هذه اللحظة بالذات تعانى الأسواق العالمية من نقص الأموال؛ حيث تنسحب أموال القطاع الخاص من الأسواق الناشئة، وتقدم الدول الأكثر ثراء مساندة مباشرة ضئيلة. ويمكن أن تتحرك الدول نحو اقامة اقتصاد السوق، وتنفذ عمليات الخصخصة، وتخفض الدعم الحكومى؛ كما يمكن للدول أن تجتذب رأس المال الخاص وأن تحقق النمو.. الخ. ورغم هذا، فان التنمية يمكن أن تكون معرضة للخطر ولا تدوم، إذا لم تحارب الدولة الفساد، ولم تطبق نظاما جيدا للحكم وممارسة سلطة الادارة، ولم تحقق الاتفاق الاجتماعى والسياسى على الاصلاح.
ورابعا، إن فكرة أن التنمية تتطلب برنامجا اقتصاديا واجتماعيا متوازنا ليست فكرة ثورية, ومع ذلك فانها لم تكن النهج الذى نسير عليه فى المجتمع الدولى. وكثيرا ما ركزنا أكثر من اللازم على الجوانب الاقتصادية بدون فهم كاف للأوضاع الاجتماعية والسياسية والبيئية والثقافية فى المجتمع. ولم نفكر بدرجة كافية فى تمكين بلد معين من النمو بطريقة متكاملة فى اطار نوع الاقتصاد، الذى يختاره شعبه وقيادته. ولم نفكر بدرجة كافية فى مواطن الضعف؛ أى أجزاء الاقتصاد التى يمكن أن تتسبب فى انهيار مكوناته، كما لم نفكر فى الاستمرارية، أى ماذا يلزم لجعل عملية التحول الاجتماعى والاقتصادى تدوم وتستمر. وقد تعلمنا من خبرتنا أنه يجب أن يستشار الناس ويجب ألا نفرض التنمية بأمر يصدر من أعلى أو من الخارج. إن أزمة إنسانية صامتة تلوح فى الأفق، ولو خصصنا مواردنا وفقا لذلك فبوسعنا أن نمنح أطفالنا عالما أكثر سلاما وانصافا، وينخفض فيه مستوى الفقر.
لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.