ومهرجانات الصيف الفنية فى اوروبا هى من اكبر التقاليد الثقافية فى العالم التى قد لا يعرفها غير مدمنى السفر. وربما يرجع اصرار كل بلد فى اوروبا على اقامة مهرجان للموسيقى والغناء نابع من التاريخ المتأصل لهذه القارة العجوز. فقد بدأت هذه الاحتفالات الفنية فى أثناء الالعاب الدلفية التى كانت تقام فى اليونان وكانت اشبه بالالعاب الاوليمبية الحديثة. وقد بدأت هذه الالعاب فى القرن السادس قبل الميلاد احتفالا بأبوللو الذى انتصر على بايتون وأنشأ مدينة دلفى الاسطورية التى وصفت بأنها مركز العالم. وقد تم تقليد الاحتفال فى عدة مدن ومناطق فى الشام والبحر المتوسط. وبفعل العنف البشرى فى الازمنة المتعاقبة تم تدمير اغلب المصادر المكتوبة عن الالعاب البيتونية تلك فيما عدا بعض كتابات عرجت عليها بشكل عام مثلما ذكرها ارسطو فى كتاباته وقال إنها كانت من 6 الى 8 ايام. وكانت الموسيقى والغناء والرقص جزءا من هذه الاحتفالات وكانت تنافسية بين الفنانين مثلها مثل الالعاب الرياضية والفائزون يتلقون قلادة ابوللو. وهناك من يعزى مهرجانات الصيف فى اوروبا الى الاحتفال بشهور الشمس اى شهور الصيف فى البلاد الباردة او هناك من يقول انها متأثرة بديونسيا او احتفالات الاله ديونيسوس فى اثينا القديمة. لكن المؤكد ان ديونيسيا كانت متخصصة فى العروض المسرحية بانواعها خاصة الكوميدية والتراجيدية. ومهرجانات الرقص الموسمية كانت مرتبطة كذلك بظاهرة الرقص الاحتفالى لجموع الشعب فى مختلف الحضارات ومنها الاحتفالات بتنصيب الملوك والاباطرة واحتفالات الحصاد والعودة للجيوش المنتصرة فى الحروب وغيرها. وترجع مهرجانات الرقص ايضا الى الرقص الطقوسى المتوغل فى كل الثقافات ويعتبر من تقاليده الاساسية وبعضها مرتبط بالاديان والمعتقدات. والمهرجانات الاوروبية مختلفة الاحجام والتوجهات والاشكال يقصدها مئات الالوف من البشر، فما هو أكثر من الموسيقى والرقص يجمع بين البشر فى جماعات. فمهرجان وودستوك قصده عام 1969 نصف مليون شخص، والنسخة البولندية منه قصدها عام 2011 سبعمائة الف انسان. ومهرجان روك سايد بالدنمارك يتردد عليه سنويا 150 الف متفرج. اما عن اقدم المهرجانات المستمرة بشكل منتظم فهى بينك بوب بهولندا ومهرجان الكورالات الثلاثة بالمملكة المتحدة الذى انطلقت اولى دوراته عام 1719. ومن اشهر تلك المهرجانات مهرجان فيوجان كولتوركوزموس بألمانيا الذى يركز على التعبير الحر ويقدم عروضه طوال العام بعد أن اشترى موقعه الذى اشتهر به منذ اوقات الحقبة السوفييتية. ومهرجان هايد اوت بكرواتيا الذى قدم عروضه للمرة السادسة بشاطئ زرشى فى حفلات صاخبة لاكثر من مائة فنان. وهناك مهرجان سينساشن بهولندا وهو مهرجان الرقص الاكبر الذى تم تقليده فى مدن عدة مثل نيويورك وابو ظبي، لكن تظل نسخة امستردام هى الاكثر ثراء. ومهرجان بالاتون ساوند بالمجر وشرفه هذا العام تايلور المبدع وكريس براون وهو يعزز مكانة بودابست كوجهة معاصرة للرقص فى العالم. ومهرجان اكزيت بصربيا الذى اختير أفضل مهرجان اوروبى للفنون عام 2014، وهو تجربة لا تنسى لأنه يقام بقلعة من القرن ال18 تطل على نهرت الدانوب.وهناك مهرجان دور ببلجيكا وهو أكبر مهرجان للغناء فى الجزء الفرنسى من بلاد بينيلوكس. ومهرجان ملت الموسيقى بألمانيا الذى يسمح لرواده بالمبيت فى خيمهم بجانب مسرح الذى تألق فيه هذا الصيف مورا ماسا وجيمى اكس.وهو يقام فى منجم فحم قديم.ومهرجان سيكريت جاردن بارتى بإنجلترا ويقام فى مزرعة غناء تحيطها الحدائق ومهرجان تومورو لاند ببلجيكا الذى يعد اكبر تجمع للدى جى بأوروبا. ومهرجان ان تولد بروكانيا الذى بدأ العام الماضى وبلغ نجاحا مدويا وسمى عاصمة العالم للفن والسحر ويركز على الموسيقى الالكترونية ويقدم عروضه بعشرة أماكن مختلفة بكلوج نابوكا..ومهرجان او دانس بفنلندا الذى يعرض مختلف صور الرقص المعاصر. ومهرجان فيداس ديجا بلاتفيا الذى يقيمه مركز ستارز ويل وبلدية روباتزى ومهرجان الرقص الارتجالى فلو بوارسو ببولندا وهدفه جعل المدينة مساحة للقاء والتبادل الانسانى والتناغم من خلال الرقص. ومهرجان زيورخ تتحرك بسويسرا للفنون المعاصرة ومهرجان الرقص الحر بابردين بإنجلترا الذى يمنح الفرصة لاكتشاف مصممى الرقصات الموهوبين الجدد ( كوريوجرافر). وقد نجحت تلك المهرجانات لأسباب متعددة كلها تؤكد أن صناعة مهرجانات جماهيرية ناجحة للفنون أصبحت الان علما ومشروعا استثماريا يدر الارباح، والسبب أنها تلبى حاجة الناس والرقص والغناء فى جماعات فى أماكن مفتوحة وفى طقس رائع. لمزيد من مقالات احمد عاطف