أكتب هذه السطور بصفتي مواطنة صالحة من شعب الصحافة القومية, تستمع للمناقشات الدائرة حول تقرير مجلس الشوري معايير وضوابط اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية لدورة جديدة, واستيضاح كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه المؤسسات بما يكفل استقلالها. ما دعاني للكتابة هي الغيوم الملبدة التي تحيط بالأجواء, فبدلا من أن تكون الرغبة في التغيير بمثابة أشعة من النور, تكشف واقعا به كثير من الممارسات المعيبة للتخلص منها, بدت الرغبة واضحة في كل جانب لتصيد الأخطاء واستنباط الدوافع الكامنة وراء الأفعال والأطروحات. سواء في المناقشة التي أجراها مجلس الشوري والتي شابتها أجواء من الشماتة لما آلت إليه الأوضاع في بعض هذه المؤسسات, ربما بناء علي مواقف سابقة لإدارات هذه المؤسسات تجاه قوي سياسية بعينها ينتمي إليها غالبية أعضاء مجلس الشوري حاليا أو في جانب الصحف القومية, حيث اعتبر البعض التقرير هجمة من مجلس الشوري يجب وقفها كما ذهب بعض الزملاء إخلاصا وحماسا, أو ربما تخوفا من التغيير الذي يضر بمصالح البعض. وبين الفريقين يقف غالبية شعب الصحف القومية يرقب ويتابع, بعد أن مضت عهود طويلة يتوق للتغيير. حتي الآن التقرير نفسه لم ينشر كاملا, فتحول الأمر إلي مشاحنات بين جانبين, الشوري في جانب والجماعة الصحفية في جانب آخر, بدلا من تحوله إلي مناقشات جادة ومثمرة حول تحديات الصحافة القومية, تؤدي لخلق آليات واضحة للتغيير. ومن هنا أقترح بعض الآليات التي ربما يكون بعضها يستحق الأخذ به في الإعتبار: 1 تجهيز ملفات كاملة عن أوضاع مؤسسات الصحافة القومية تقوم بها مجموعة عمل متطوعة من داخل هذه المؤسسات, تنسق عملها مع لجنة الثقافة والإعلام والسياحة, تعمل تطوعا دون مزايا أو مكافآت, وتوفر إدارات المؤسسات الدعم الإداري و الوجيستي اللازم, وتعقد هذه المجموعات حلقات نقاشية داخل جدران هذه المؤسسات, وليس في مجلس الشوري, لبحث بواطن العلل ومسارات الإصلاح المطروحة, في ضوء التحولات المتسارعة في الإعلام والتي لا تلاحقها الصحافة القومية كديناصورات مثقلة بمشكلات إدارية ومالية عميقة, وتكون النتيجة المرجوة من هذه المجموعات هي الإجابة علي أربعة أسئلة أساسية: ما هي بواطن القوة؟ ما هي بواطن الضعف؟ ما هي الفرص المتاحة, وما هي الأخطار المحدقة بهذه المؤسسات؟ تماما كمن فحص مريضا قبل أن يصف له العلاج. 2 تحديد جدول زمني صارم ومحدد للعمل, حتي لا يبدد التباطؤ فرص الإصلاح السانحة. 3 الاستعداد لتطبيق الحلول الصعبة, وإعداد فريق عمل من الخبراء من داخل ومن خارج المؤسسات ممن له علاقة بالإعلام والأعمال والتسويق للنظر في تجارب العالم حولنا, جنوب إفريقيا ودول أوروبا الشرقية مرت بتجارب إعادة هيكلة الإعلام الحكومي من قبل, فلنتعلم ونختار ما يصلح لنا ونضيف عليه أو ننقص. المهم: أن تعود الصحافة القومية للوطن, تعبر عن أحلامه وآماله ومشاكله ورؤاه, وإن لم نفعل سيبقي الإعلام الخاص بأمواله السخية مسيطرا, دون أن يعرف أحد مصادر هذه الأموال أو أهدافها, والتي غالبا لا تصب في صالح الوطن. المزيد من مقالات صباح حمامو