وجود مشروعات تدعمها تقنيات حديثة للتغلب على السلبيات التى تتسبب فيها التغيرات التى تطرأ على الأراضى الزراعية المصرية، وتهددها بالتصحر والتدمير، كظاهرة تملح التربة.. أصبح ضرورة ملحة، ومن هنا وضع مركز «بحوث الصحراء»، ضمن أولويات مشروعه مطاردة التصحر، وتملح التربة بمصر. لاشك أن النتائج تصبح أفضل حتماً عندما تعتمد تلك المشروعات على جهود علمية للمراكز البحثية المصرية المتخصصة، لا سيما مركز «بحوث الصحراء»، وستعظم فوائدها، وتحديداً بالمناطق الأكثر تضرراً، والأراضى الجديدة الواعدة، التى تعلق عليها مصر أملاً كبيرا فى زيادة أراضيها الزراعية. ويقول مراقبون بيئيون إن اختيار أراضى الوادى الجديد لتنفيذ مثل تلك البرامج من جانب المركز اختيار موفق، إذ تعد تلك الأراضى منطقة نموذجية لتلك التغيرات والمستجدات، خاصة فيما يتعلق بتملح التربة، وما أثمرت عنه من نتائج، مؤكدين أنها يجب أن تعمم فى المناطق المتشابهة كافة بمصر؛ لأنها مهمة اقتصادياً. وعن أهمية المشروع يقول الدكتور محمد طارق عبد الفتاح، الأستاذ بمركز بحوث الصحراء: هدف البحث منع المزيد من تدهور النظم الإيكولوجية الزراعية المتضررة بالعوامل المناخية الحالية ، والحفاظ على مصدر معيشة المزارعين الذين يعيشون فى ظروف هامشية فى مناطق عدة بمصر. ومن هنا أولى المركز تلك القضية أهمية كبرى، وأخذ يبذل، للحد من سلبياتها، جهوداً مكثفة، وذلك بالتعاون مع المركز الدولى للزراعة الملحية بدبى، ومشاركة المزارعين المحليين، لتطوير نظم الإنتاج الزراعى، والإدارة الزراعية المتكاملة، كبديل ملائم للظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بهذه المناطق الهامشية. بالوادى الجديد عن التطبيق الذى تم فى الوادى الجديد يقول الدكتور حسن الشاعر، الأستاذ بمركز بحوث الصحراء والباحث الرئيسى للمشروع: «هناك عدد محدود من بذور المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن والقمح، يتم إنتاجها بواسطة الجهات الحكومية المتخصصة، ولكن يتم إنتاج معظم أنواع البذور الأخرى بواسطة المزارعين أنفسهم أو بعض الشركات التجارية، التى لا يمكن أن تصل إلى الأنماط الجينية المحسنة المتحملة للملوحة». وأضاف أن البذور المتحملة للملوحة والمتأقلمة مع ظروف البيئات الهامشية غير متاحة تجارياً، لذلك فهناك حاجة ماسة لتحسين الطرق التى تعمل على توفير البذور، واعتماد أصناف وراثية جديدة أكثر تحملاً لظروف البيئات الهامشية، التى تساعد فى تحقيق الأمن الغذائى، وفق وصفه. وعن آليات التطبيق، قال الشاعر إنه «تم استثمار نجاح المشروعات المشتركة التى ينفذها مركز بحوث الصحراء، بالتعاون مع المركز الدولى للزراعات الملحية بدبي، فى مجال إدخال وتطوير نظم الزراعة الملحية إلى الأراضى الهامشية بمصر، بعد أن تم توقيع اتفاقية مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى مارس 2015، لتمويل وتنفيذ مشروع لمدة ثلاث سنوات، يهدف إلى إنتاج بذور المحاصيل المتحملة للملوحة، والمتأقلمة مع الظروف المناخية الزراعية بالوادى الجديد». وتابع أن هذا المشروع يهدف إلى توسيع نطاق إنتاج التقاوى، التى تم تحديدها من أنماط جينية متحملة للملوحة، كما يهدف إلى مساعدة المزارعين فى المناطق الهامشية بمصر، ومنها الوادى الجديد، على تحسين الإنتاج الزراعى، والحفاظ على إنتاج أراضيهم وحيواناتهم، وبالتالى رفع مستوى معيشتهم. مشاركة.. ودورة وعن كيفية مشاركة المزارعين فى تنفيذ المشروع يجيب مدير المشروع بالقول إن فلسفته قائمة على مشاركة فعلية للمزارعين منذ البداية لإكسابهم المهارات اللازمة، وإنه عقدت اجتماعات معهم بمقار الجمعيات الزراعية مثل ناحية المنيرة بالخارجة، وأيضاً بمحطة البحوث التابعة لمركز بحوث الصحراء بالوادى الجديد، حيث تم تعريفهم بأهداف المشروع، والشروط الواجب توافرها فى المزارعين الراغبين بالمشاركة. وقد تم اختيار 20 موقعاً لموسم الزراعة الخريفى فى أغسطس، ومثلها فى أكتوبر، لموسم الزراعة الشتوى، حيث وزعت عليهم التقاوى اللازمة. واستطرد أنه تم تنفيذ دورة تدريبية للمزارعين بواسطة المهندسين والمرشدين الزراعيين، بهدف تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية لزيادة إنتاجية الأراضى الهامشية بالوادى الجديد. ولترشيد استخدام المياه تم تركيب شبكات الرى الحديثة (تنقيط - أمبوب)، وتدريبهم على كيفية استخدامها، حسبما قال. ولتطبيق نظم الزراعة العضوية تم إمداد المزارعين بالكميات اللازمة من السماد العضوى، والإشراف عليهم فى مراحل الزراعة والخدمة، وتوعيتهم بطرق الزراعة الملائمة، لكل محصول من المحاصيل المنزرعة، بالإضافة إلى إمدادهم بالآلات والماكينات الحديثة كالدراسات ومحطة الغربلة، وجار إنشاء وحدة تخزين التقاوى وغيرها من الخدمات الأخرى، وفق تعبيره. وعن النتائج التى تحققت، قال «الشاعر»: «النتائج مبشرة، ففى الموسم الصيفى 2015، وكبداية مع المزارعين، تم إنتاج 660 كجم من تقاوى عباد الشمس، كما تم إنتاج محاصيل مختلفة مثل الترتيكال والشعير والكنوا. وفى الموسم الشتوى 2016 تم إنتاج 54 طنا من القمح، و12 طن شعير، و9 أطنان فول بلدى، و80 طنا من الدخن، ولا يزال الحصاد مستمراً»، بحسب قوله.