نكتب لمن؟ جملة من كلمتين سبق وكتبتها قبل عشر سنوات عندما وجدت نفسى كمن يؤذن فى مالطة لا سامع ولا مجيب لما أطرحه من قضايا تحمل مقترحات حلول لمشكلات قائمة بالفعل أو رصد أخطاء والاجتهاد فى التصحيح!. الذى وجدته من سنين أجده اليوم!. لا أحد مهتمًا أصلاً وإن اهتم لن يتورط فى الرد والتعقيب حتى لا يستدرج لإصلاح!. النظرية دع من يكتب.. يكتب لأن فى يوم سيتوقف زهقًا أو يأسًا!. أبدأ اليوم بقضيتين تناولتهما مرارًا وتكرارًا.. أظنهما وحضراتكم ستكونون معى فى ظني.. قضايا عامة لا شخصية.. هدفها مصلحة الوطن لا مصالح شخصية.. هى لوجه الله.. لا لسبوبة أو مصلحة خاصة!. القضية الأولي: عودة الرياضة إلى المدرسة المصرية. لأجل ألا تتوه الأمور منا لأنها «تايهة» بالفعل.. لابد أن نتفق على مفهوم كلمة رياضة أو تعريف الرياضة!. مهم جدًا ذلك لأن البعض يتصور وهذا ما هو واقع بالفعل.. أن الرياضة هى المنافسة أو البطولة.. وعليه!. الرياضة فى مدارس مصر (18 مليونًا) هى دورى المدارس فى «الكورة» واللعبات الأخري!. المدرسة لو قوتها 2000 طالب أو طالبة.. الذين يشاركون فى هذا الدورى 100 طالب أو 150 على أقصى تقدير وال 1850 لا علاقة لهم بالموضوع!. هذا الوضع الغريب سببه أن علاقة مصر بالرياضة منذ أن عرفت مصر الرياضة.. علاقة حكمها مفهوم أن الرياضة قطاع البطولة.. وعلى الجميع التصرف على هذا الأساس!. ارتضينا بهذا وإن شئنا الدقة اخترنا ذلك ونحن نعلم أن ما نفعله خطأ بل جريمة فى حق ملايين الأطفال والشباب!. اخترنا أو اخترعنا نظامًا هو عندنا نحن فقط!. نظامنا.. الرياضة هى البطولة «خبط لزق»!. النظام الذى لا يوجد غيره فى العالم.. الكل يمارس الرياضة لأجل لياقة وتوازن وصحة. الممارسة هى وحدها التى تكشف لنا عن المتميزين فى الرياضة الذين يصلحون لقطاع المنافسة أو البطولة لتمثيل المدرسة أو النادى أو أى هيئة!. الأصل.. أصل الرياضة.. أن يمارس الجميع الرياضة.. ليس مهماً أن تكون متميزاً أو موهوباً لأن الأهم ممارسة الرياضة لأنها لصالح وطن حقه أن يكون أبناؤه أجيالاً عفية متوازنة قادرة على الإنتاج وعلى التلاقى والتماسك والترابط؟. إذن لا منافسة بدون ممارسة!. المعنى أنه لو عندى مدرسة فيها 2000 طالب.. لابد أن ال 2000 طالب يمارسون الرياضة!. والرياضة ليست فقط الكورة أو السلة أو اليد أو أى لعبة.. إنما هى أى نشاط بدنى يقوم به الجسم!. إذا لعبت الكرة فأنت تمارس الرياضة إذا قمت بالمشى فأنت تمارس الرياضة والخلاصة أن الرياضة هى ممارسة أى نشاط بدني!. عندما يكون عندنا مدرسة فيها 2000 طالب إجبارًا وحتمًا لابد أن يمارس ال2000 طالب الرياضة والممارسة هنا لأجل وطن حقه أن تكون أجياله قوية عفية!. بعد ضمان أن ال2000 طالب يمارسون الرياضة بانتظام باعتبار الرياضة أعظم نشاط تربوى وأهم نشاط فى بناء اقتصاد أى وطن وجيش أى وطن وكل ما هو إيجابى لأى وطن!. عندما يمارس ال2000 الرياضة فهذا غاية المراد من رب العباد.. لأن المدرسة المصرية أى ال18 مليون فتاة وشاب يمارسون الرياضة وهذا أمر ينقل أى دولة إلى مقدمة العالم!. عندما يحدث ذلك نبدأ التفكير فى المنافسة أو البطولة وذلك باختيار المواهب التى كشفت عنها ممارسة ال2000 طالب للرياضة.. ستظهر المواهب التى بإمكانها تمثيل المدرسة فى لعبة ما!. ممارسة ال2000 طالب للرياضة ستظهر لنا من لديهم سرعة رد الفعل.. من يملكون التوافق العضلى والعصبي.. من لديهم موهبة فطرية فى اللعبات المختلفة!. كل من ظهرت موهبته وكل من يشعر بأنه جدير بتمثيل مدرسته.. كل هؤلاء يدخلون تصفيات وفق كل لعبة لاختيار الأفضل لمنتخبات المدرسة! نحن اختصرنا الحدوتة واخترنا المنافسة ودهسنا الممارسة.. وتصورنا أن الطلبة فى المدارس يمارسون الرياضة.. والحقيقة أن الموجود فى المدرسة منافسة أو بطولة قاصرة على بضع فرق لن يزيدوا على 150 طالبًا فى المدرسة التى قوتها 2000 طالب وهذا معناه أنه هناك 1850 طالبًا لا علاقة لهم بالرياضة!. نظرية المنافسة بدون ممارسة ثبت أنها الأسرع للشهرة والأقرب للمكسب والأسهل فى التنفيذ.. وليس مهمًا المستوى الفنى ارتفاعًا وثباتًا!. الأهم أن نشارك فى «كله» لأجل «المصلحة» تزيد!. «طول» ما شعارنا التمثيل المشرف سيبقى الوضع كما هو عليه!. الكارثة أن نظرية المنافسة بدون ممارسة.. انتقلت من المدرسة التى «المصلحة» فيها قليلة وشحيحة و»منظورة».. انتقلت إلى «المولد اللى صاحبه غايب» الشركات والمصانع ودورى الشركات الذى ينفق عليه ملايين الملايين والعائد المفترض حدوثه «صفر»!. آه والله صفر.. لأن الأصل فى رياضة الشركات أن يمارس كل عامل وموظف الرياضة.. خاصة التمرينات التعويضية.. التى لابد منها وفقا لطبيعة كل مصنع المنعكسة على العمال!. الرياضة فى الشركات كما فى المدارس منافسة!. كل شركة بقدر ما تملك تقوم بتعيين شكلى للاعبى الأندية لأجل أن يمثلوها وكله بالفلوس!. لاعبون يقبضون فلوس ومدربون يقبضون فلوس وإداريون يقبضون فلوس وأطقم ملابس بالفلوس ومواصلات بفلوس ومكافآت بفلوس.. وملايين تنفقها الشركة.. لأجل كأس أو عدة كؤوس!. لا أحد من العمال مارس الرياضة ولا أحد من العمال استفاد من ممارسة الرياضة التى ستنعكس على الإنتاج!. خلاصة القول أن مفهوم الرياضة عندنا هو المنافسة ونسينا أن الأصل هو أن يمارس الشعب الرياضة لأجل بنيان جسدى سليم لا تشوهات فيه للعمود الفقري.. لأجل لياقة بدنية تعين الإنسان على احتياجاته فى الحياة.. الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليتحرك بقدر مطلوب منه يوميًا إن لم يقم به تضربه الأمراض!. طيب والحل؟. الحل أن نعيد الرياضة للمدرسة الموجود بها 18 مليون طفل وطفلة وفتاة وشاب!. تعود الرياضة مادة أساسية فيها نجاح ورسوب!. بل مادة إجبارية أهم من كل المواد الدراسية.. لأجل أجيال قوية عفية هى حق وطن!. الرياضة الإجبارية التى أريدها هى مادة التمرينات البدنية.. عملى ونظري!. العملى برنامج علمى مقنن وعندنا من الخبراء القادرين على وضعه من سن السادسة (أولى ابتدائي) وحتى سن ال18 (ثانوية عامة أو ما يعادلها) كل مرحلة لها تمريناتها. تمرينات للذراعين والصدر والبطن والظهر والفخذين والعضلات الجميلة (سِمّانَة الرجل). كل مرحلة سنية لها العدد المطلوب تأديته فى الامتحان.. الأمر لن يتطلب ملاعب لأنه أصلا لا توجد ملاعب!. الطالب يحتاج مساحة تعادل طوله!. المدرس يؤدى نموذج التمرين فى الفصل أمام الطلبة فى المساحة الموجودة أمام السبورة.. ويمكن لكل طالب أثناء الحصة أداء التمرين والمدرس يصحح له إلى أن يعرف كل طالب الأداء الصحيح. المدرس وفقًا للبرنامج الموضوع يشرح للطلبة عدد مرات تأدية التمرين فى البيت.. لأن الأساس سيكون فى البيت.. والأمر لن يتطلب مساحة ومن ثم بإمكان الجميع التدريب فى المنزل وفقًا للتعليمات. أولياء الأمور ليس بإمكانهم الشكوي.. لأن البناء العضلى يكتسب بالتمرين وليس موهبة منحها الله للبعض ولم يعطيها للآخر!. وأعتقد بل على يقين أنه إذا جعلنا الرياضة وفق هذا المفهوم مادة أساسية أول من يسعد أولياء الأمور الذين سيشاهدون ويلحظون ويلمسون أجساد أبنائهم وهى متناسقة فيها عضلات بدون ظهر منحن أو كتف ساقط أو «كِرش» فى السن المبكرة!. الجزء النظرى لمادة الرياضة.. تعريف الطالب من طفولته على النعمة التى أعطاها الله له فى جسده!. وفقًا للمرحلة السنية يبدأ شرح وتوضيح هذا الإعجاز الربانى الذى هو الإنسان. برنامج طبى يضعه أساتذة الطب فى التخصصات المختلفة.. على شكل معلومات بسيطة فى المراحل الأولى إلى أن تصبح مبادئ الفسيولوجى والتشريح فى القانون.. مهم جدًا أن يعرف الطفل النعمة التى هو فيها.. وعندما تظهر له عضلات وعندما يشعر بتناسق جسمه مستحيل أن يُفَرِط فى صحته وتلك أهم وقاية من أهم أمراض العصر.. الإدمان والاكتئاب والتطرف!. هذه القضية طرحتها مرة واثنتين وعشرًا.. ولا أدرى لمن أكتب؟. سيدى وزير التعليم.. شكرا!.ً ................................................. القضية الثانية تدريب الشباب على مهن أو حرف جديدة. عندنا مشكلة صنعتها سنوات طويلة مضت وهى الآن تؤرق حياتنا!. سوق التعليم لا علاقة له بسوق العمل والمحصلة طابور بطالة طويل!. أعلم أن الدولة معنية بإصلاح التعليم الذى تركناه سنين طويلة إلى أن أصبحت تراكمات مشاكلها أكبر مما يتصور أى إنسان!. علينا أن نتفق أن تراكمات سنين لن يتم حلها بين يوم وليلة والمعنى أن الحلول الجذرية تحتاج إلى وقت طويل لنرى نتائجها على الأرض والمهم أن نبدأ والأهم أن نبحث عن انفراجة نواجه بها البطالة.. وهذه اجتهادات أطرحها للبحث ربما نجد فيها حلاً أو أكثر للمشكلة البالغة التعقيد!. 1 الغالبية الكبيرة من الشباب الهدف الذى لا ترى غيره الوظيفة الحكومية!. ثقافة تراكمت على مدى سنين طويلة مضت يُعبر عنها مثل شعبى شائع من قبل الزمن بزمن «إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه»!. المعنى أن الوظيفة إن لم تكن فى الحكومة لا تلزم!. وظيفة مضمونة والحضور على الكيف «والدنيا زايطة» والترقيات بالدور والمعاش مضمون!. 2 ثقافة تأصلت وتمكنت خاصة أن الحكومة من سنوات طويلة ولأسباب أطول فتحت بوابة التعيين فى الحكومة على البحري.. الأولوية لأبناء العاملين بصرف النظر عن الكفاءة والتخصص والخبرة.. ولأن المسألة خواطر موظفو الحكومة الآن أكثر من 7 ملايين.. العدد أكثر بكثير جدًا مما تحتاجه الوظائف!. الخلاصة.. عدد من لا يعملون ويقبضون رواتبهم أضعاف من يعملون!. 3 صعب جدًا بل مستحيل فى قطاعات حكومية كثيرة قبول موظفين جدد.. وتلك الحقيقة تم إغفالها وغض البصر عنها فى سنوات طويلة مضت.. أحد لم يواجه الكارثة وتركوها تتراكم وتكبر وتتضخم وفق نظرية «اللى بعدنا يشيل».. وهذا هو الوضع الذى نحن فيه!. 4 أيضًا فى السنوات التى مضت.. التعليم فى طريق وسوق العمل فى آخر متوازٍ ومستحيل أن يتلاقيا!. لا التعليم كَلَّف خاطره وسأل: ما هى احتياجات العمل ولا قطاع الأعمال طلب من التعليم صرف النظر عن التخصصات غير المطلوبة والتركيز على التخصصات التى سوق العمل فى حاجة إليها.. والمحصلة خريجون كل سنة أغلبهم لا احتياج للشهادة التى يحملونها!. 5 الأغلبية محكومة بنظرية «الوظيفة الميري» ومنتظرين!. القليل من التخصصات المطلوبة لم ينتظر.. قدم نفسه للقطاع الخاص من الشركات الكبيرة الدولية إلى شركات صغيرة!. حصلوا على وظائف وأثبتوا نجاحات رائعة.. سواء فى الشركات الكبيرة أو الصغيرة!. والقليل ممن اكتشفوا أنهم أهدروا سنوات من عمرهم فى تعليم شهاداته لا احتياج لها!. هؤلاء امتلكوا شجاعة مواجهة الواقع وبدلاً من الجلوس فى البيت.. راحوا يبحثون عن أى عمل ربما لا علاقة لهم من بعيد أو قريب بشهادته!. قناعته أن العمل ليس عيبًا لكن العيب أن أجلس بدون عمل!. أعمل إلى أن أجد ما يناسبنى فى سوق العمل!. 6 هذا الاختيار لا أظنه حلاً مُرضيًا للشباب وأيضًا للوطن!. طيب ما هو الحل الذى يفيد الطرفين؟. عندنا شباب كثير ممن تسرب من التعليم وآخر ممن يحمل الإعدادية أو الدبلوم.. هذا الشباب تركناه يذهب إلى مهن تروقه فى عمره الصغير لكنها لن تفتح بيتًا فيما بعد!. مثلاً أصبحت قيادة التوك توك مجالاً جذب الكثير جدًا من الشباب على كل أرض مصرية!. أماكن انتظار السيارات أصبحت جاذبًا آخر للشباب!. العمل فى بيع أى منتجات فى الشارع!. على الطريق الزراعى مثلاً مئات الشباب الذى يبيع أى حاجة وكل حاجة!. هذا الشباب ممكن أن تكون مشكلته من وجهة نظره محلولة الآن!. لكن هل تلك مهن تفتح بيوتًا وتكون أسرًا!. 7 يحدث ذلك ومصر تعانى مثلاً فى «دولاب المعمار» أى مهن المعمار من نقص بالغ وأظنه سيكون هائلاً مع المشروعات الكبيرة التى بدأت الدولة فى تنفيذها وأولها العاصمة الجديدة!. من سيبنى هذه العاصمة؟. أجتهد باقتراح للبحث. فى عالم المعمار مهن منها على سبيل المثال النجار والنجار المسلح والحداد والحداد المسلح والكهربائى والسباك والبنا والمبيض والمحار والمبلط والسيراميك والنقاش. فورًا ننشئ مراكز تدريب لتعليم هذه الحرف. عندنا الهيئة العربية للتصنيع ومصانعها عندنا وزارة الإنتاج الحربى ومصانعها. عندنا هيئة قناة السويس. عندنا المقاولون العرب. عندنا وزارة الشباب.. عندنا قبل كل هؤلاء القوات المسلحة. 8 فى تقديرى وزارة الشباب والرياضة ووزيرها المهندس خالد عبدالعزيز.. بإمكانها الإعلان عن مشروع «اتعلم مهنة جديدة». مشروع لكل شباب مصر من معه شهادة عليا ومن لا يملك شهادات!. الفكرة أن المشروع هدفه أن تكون منتجًا لأن مصر لن تتقدم إلا بالعمل والإنتاج فى كل مجال!. المشروع يحدد المهن المطلوبة فى سوق العمل المصرى والأوروبى والعربى والإفريقي!. عندما يبدأ المشروع بدراسة الاحتياجات داخل وخارج مصر.. سيتكشف أنه مطلوب آلاف المهن المتخصصة التى تستوعب من معه شهادة عليا وحتى من لا يملك شهادة!. 9 لماذا نذهب بعيدًا وعندنا تجربة مهمة جدًا وعظيمة جدًا وغير مسبوقة وأقصد «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة». حل عاجل لأزمة مستحكمة!. عندنا بالفعل أزمة قيادات فى كل المجالات.. وفكرة البرنامج الرئاسى عبقرية وبإذن الله سنرى نتائجها على الأرض بعد فترة ليست بعيدة!. السيد وزير الشباب والرياضة ليس بعيدًا عن تجربة البرنامج الرئاسي.. وأظنه قادرًا على تقديم برنامج لتأهيل الشباب للعمل فى المهن التى مصر ومن حولها فى حاجة لها!. سيدى وزير الشباب.. الشباب ينتظر مشروعك! لمزيد من مقالات ابراهيم حجازى