لم يمنحه الله البصر، لكن منحه البصيرة النافذة التى جعلته يتفوق على نفسه وعلى أقرانه من المبصرين، أصر على الاستمرار فى الحياة معتمداً على حواسه الأخرى التى لا تخطئ، ولإيمانه بأن الإنسان القوى لا يتراجع أبدا عن تحقيق هدفه، فالحياة كتاب كفاح، ودائرة اختبار، فإما أن يفرض الشخص نفسه على المجتمع فرضا بعمله وعرقه، وإلا سيبتلعه تيار الزمن الذى لا يرحم .. إنه محمد كرم عبد المنعم. يقول محمد " 28 عاماً"، ولدت كفيف البصر، ولكن لم أشعر يوما بأننى لا أرى، فوالدتى كانت عينى التى أرى بها، ساعدتنى كثيراً فى مشوار حياتى، ولم تبخل على بأى شئ فى أثناء فترة دراستى الابتدائية والإعدادية، حتى حصلت على دبلوم فوق متوسط، وتأثير والدتى فى حياتى كان حافزا لى للتفوق على نفسى والتغلب على متاعب الحياة. ويضيف: " منذ 8 سنوات توفت والداتي، ومن يومها وأنا أفتقد الحب والأمان، منذ ذلك الوقت أعيش فى وحده وتوتر وألم لانها كانت سببا رئيسيا فى تعليمى وتربيتي، وكانت تشاركنى أحلامى وطموحى فى دخولى أكاديمية الفنون، حيث قدمت أوراقى للالتحاق بالأكاديمية، واستطعت أن اجتاز امتحان القدرات بتفوق، ولكن نظرة المجتمع للكفيف حالت أن تكمل فرحة والدتي، حيث تم رفضى بحجة إننى "كفيف" لا اعرف قراءة النوتة الموسيقية. ويكمل: " هذا الرفض حفر بداخلى ألما شديدا بسبب حزنى والدتى التى صرخت فى وجه الموظف المختص وقالت: "عمار الشريعى كان بيقرأ النوتة أزاى يا جماعة" فرد الموظف: " ايه اللى جاب ابنك لعمار الشريعي" ومنذ ذلك التوقيت وأنا عندى إصرار لتحقيق حلم والداتى واستطعت بفضل تشجيع أهلى أن أتفوق على نفسى وأتعلم العزف بمهارة بالإضافة إلى التمثيل والغناء. وعن قصة زواجه يقول: "زوجتى "كفيفة مثلى"، حاصلة على ليسانس دراسات إنسانية جامعة الأزهر، وهى سند لى ودائما تشجعنى على مواصلة تحقيق حلمى، أتمنى إن ينظر المجتمع لنا نظرة مختلفة، فمن حقنا أن نعمل، ومن حقنا أن توفر لنا الدولة حياة كريمة وتعيننا على مواجهه ظروف الحياة. وحول التحاقه بفرقة أحلامنا يقول: " أشتركت فى أعمال مسرحية كثيرة، لثقل موهبتى فى التمثيل، بالإضافة إلى الغناء، وشاركت فى أكثر من حفلة للأيتام والمعاقين وتم تكريمى من عميد كلية فنون جميلة وحصولى على شهادة تقدير من وزارة الشباب والرياضة، ويرجع ذلك إلى "فرقة أحلامنا" بقيادة مدير الفرقة نجلاء فوزى التى كان لها دورا هاما فى حياتى من خلال تشجيعها المستمر لى ولجميع زملائى فى الفرقة. ويضيف" " كان لى دورا بارزا فى مسرحية «ورد وياسمين» يتلخص فى توصيل رسالة للمجتمع تحكى أوجاع ذوى الإعاقة وخاصة المكفوفين، ونبذ المجتمع لهم، بالإضافة إلى تناول مواد الدستور التى نصت على احترام حق المعاق وتوفير فرص عمل له ومعاملته معاملة مماثلة مثله مثل السليم. عن البروفات والإعداد للمسرحية أوضح: " كل أعضاء الفرقة متعاونين مع بعضهم البعض، والجميع يتمنى إن ينظر المجتمع لهم نظرة عادلة وأن يتم تفعيل مواد الدستور الخاصة بالوظائف والتعليم وكل أموار الحياة. وفى كلمته الأخيرة قال: " الإعاقة ليست نهاية المشوار، ولكن بداية النجاح، شريطة أن يجد الشخص فرصة عمل تساعده على الحياة، واهدى تفوقى إلى روح والدتى التى كانت نبراسا يضئ لى طريقي.