ب«زفة روحية».. تطييب رفات القديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية ب«كاتدرائية الإسكندرية»    البابا تواضروس يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رعوية استمرت أسبوعين    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ بابا الفاتيكان الجديد: نصلي للرب أن يمنحه نعمة وحكمة    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    أمل عمار تشارك في اجتماع لجنة التضامن بمجلس النواب لمناقشة موازنة المجلس القومي للمرأة    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أسعار البنزين والسولار وأسطوانة البوتجاز اليوم الجمعة 9 مايو 2025    المرور يغلق كوبرى 26 يوليو 10 أيام بسبب أعمال تطوير أعلى شارع السودان بالجيزة    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    وزير الزراعة: نشهد زيادة 10% في إنتاجية فدان القمح.. وتوريد 1.6 مليون طن حتى اليوم    «الاتصالات» : 90 يوم صلاحية استخدام تطبيق محافظ المحمول على الهواتف    سفير باكستان لدى مصر: باكستان دولة مسلمة ولا تقبل العدوان    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي: ترامب قرر قطع الاتصال بنتنياهو    دول البلطيق ترفض مرور طائرة رئيس وزراء سلوفاكيا المتجهة إلى موسكو بأجوائها    متحدث الكنيسة الكاثوليكية: البابا الجديد للفاتيكان يسعى لبناء الجسور من أجل الحوار والسلام    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    بهدف قاتل أمام فيورنتينا، الزلزولي يقود ريال بيتيس لنهائي دوري المؤتمر الأوروبي    رياضة ½ الليل| انتصار أهلاوي بالأربعة.. الزمالك ينتقد رسميا.. صفقات وبرونزية بيضاء.. بيسيرو مخدش فلوسه.. وهدف عالمي لوسام    "الدوري سيكون في الجزيرة".. تعليق قوي من وسام أبو علي بعد فوز الأهلي على المصري برباعية    الأهلي يقترب من الإتفاق مع جوميز.. تفاصيل التعاقد وموعد الحسم    هل يضم الرمادي زيزو لقائمة الزمالك ضد سيراميكا؟.. إعلامي يجيب    ليفربول يطمع في التعاقد مع ألفاريز    وسام أبو علي: سنفعل كل شئ ممكن للفوز بالدوري    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    غرق شاب في ترعة شرق الإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    عميد علوم الزقازيق بعد بيان النيابة: انتظار نتائج التحقيقات «واجب وطني» في مثل هذه القضايا    وهم الثراء السريع.. ضبط 29 شخصًا قبل هجرة غير شرعية من ميناء بورسعيد    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «من غير خناق».. 6 حيل ذكية تمكنك من أخذ حقك من زوجك «البخيل» لتعيشي براحة    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    حدث في الفن- انهيار كارول سماحة ونصيحة محمود سعد بعد أزمة بوسي شلبي    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    منافسات قوية فى الدورى الممتاز للكاراتيه بمشاركة نجوم المنتخب    مصرع شخصين فى حادث تصادم سيارتين بسوهاج    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. انتخاب الكاردينال الأمريكى روبرت فرنسيس بريفوست بابا للفاتيكان.. إعلام عبرى: ترامب قرر قطع الاتصال مع نتنياهو.. وقيمة عملة "بتكوين" تقفز ل100 ألف دولار    من أول نظرة وما كملش 10 أيام، مايان السيد تروي قصة حب خاطفة مع شاب هندي (فيديو)    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    اكتشاف إنزيم هام من فطر الاسبرجليس لتقليل كمية الكوليستيرول فى الدم    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوفاء فى السير الشعبية
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 07 - 2016

«الوفاء أخو الصدق والعدل، والغدر أخو الكذب والجور، ذلك أن الوفاء صدق اللسان والفعل معا، والغدر كذب بهما، وفيه مع الكذب نقض العهد».
وقدس العرب فى جاهليتهم واسلامهم شيمة الوفاء، وكانت مصدرا من بطولتهم، تعذبها عاطفة الشرف والمروءة والإيثار وحماية الضعيف والمظلوم حماية لايمليها غرض ولا انتفاع.
وفى ألف ليلة وليلة طائفة من الحكايات التى تصور وفاء المحبين وشقاءهم بهذا الوفاء، من ذلك حكاية " خالد بن عبد الله القسرى مع الشاب السارق، والذى ارتضى أن يقام عليه حد السرقة، وأبى عليه وفاؤه لمحبوبته أن يكشف سرها».
وقراء «ألف ليلة وليلة» يعرفون وفاء الصديق لصديقه فى حكاية «عبدالله البرى وعبدالله البحرى». فقد ظل الأول على وفائه لصديقه حتى بعد أن أصبح وزيرا للسلطان، يخرج كل صباح حاملا على رأسه «مشنٌة» ملأى بالفواكه، لأنه لا يملك أن يخلف ميعاده مع صديقه البحرى، أو يتعرض لاتهامه بأن «إقبال الدنيا عليه، قد ألهاه عنه»، كذلك فإنه يظل مخلصا للخباز الذى أحسن إليه فى عسره فيواصل قسمة جواهر البحر معه.
ومن الحكايات الشعبية التى تدور حول موضوع الوفاء، حكاية الفتاة التى تبحث عن إخواتها، وهى واحدة من أحسن الأمثلة للأخت المخلصة الوفية.
وموجز الحكاية أن مجموعة من الإخوة كانت لهم أخت صغرى، ثم يحدث ما يضطر اخواتها إلى الهرب من موطنهم، بسبب الخوف من الأب أو من زوجة الأب وفى بعض روايات الحكاية، أن هذه الأخت قطفت بعض الأزهار من حديقة مسحورة، مسخت الإخوة إلى غربان.
وتعرف الفتاة بموضوع المسخ الذى حل بإخوتها، فتأخذ على عاتقها مهمة البحث عنهم، وبعد رحلة طويلة تعثر عليهم فى النهاية فوق جبل زجاجى، كما حدث لسايكى فى بحثها عن كيوبيد، وفى بعض روايات الحكاية تنجح الفتاة فى إعادة إخواتها إلى صورهم البشرية، ولكن فى روايات آخرى، لا تنتهى محنتها عند هذا الحد، بل يتحتم عليها أن تبقى صامتة (خرساء) لا تتكلم عددا من السنين. وان تصنع بعض الملابس.
ويلتقى الملك بهذه الخرساء فيعجب بها ويتزوجها، ثم يحدث أن الفتاة كلما أنجبت طفلا يأتى من يسرق الطفل، فتتهم الفتاة بقتل أولادها، ويصدر الحكم بإعدامها.
وحين تساق الفتاة إلى مصيرها تكون مدة صمتها قد أوفت على تمامها، وفى هذه اللحظة يطير إخوتها (الغربان) ويحطون على الأرض، ويفك السحر عنهم، وتتضح الحقيقة.
ولهذه الحكاية تاريخ أدبى قديم يعود إلى القرن الثانى عشر, وقد ظهرت فى مجموعة « بازيل» . وفى غيرها من المجموعات الأدبية .
ومن الحكايات الشعبية الذائعة حكاية الفتاة التى تعيش فى أحد الأبراج وتبدأ الحكاية جزئية تستخدم كثيرا فى الحكايات الشعبية.
رجل يثير غضب إحدى الساحرات. وحتى يهدئ ثائرتها فإنه يعدها بأن يهب لها وليده ساعة أن يولد.
ويفى الرجل بعهده فيقدم للساحرة طفلته الوليدة. فتجلسها فى برج لا نوافذ له. وكانت الساحرة تستعين على دخول البرج باستخدام شعر الفتاة الطويل كَسُلَم.
ويحدث أن يلاحظ ابن الملك هذا الفعل. ويصل إلى البرج مستخدما نفس الوسيلة. غير أن الساحرة تكشف الخدعة فتعتمد إلى قص شعر الفتاة. ثم تنفيها إلى الصحراء.
وحتى ينقذ الأمير نفسه من الساحرة فإنه يقفز من البرج. ولكنه يفقد بصره. وتقوم الفتاة بالبحث عنه. وبعد عدد من المخاطرات تلتقى به . وتسقط دموعها على عيبه. فيعود إليه البصر. ويعيش الاثنان فى سعادة.
وتشكل هذه الحكاية جزءا من حكاية أخرى يعنينا أن نتحدث عنها وهى حكاية الأمير الذى يتحول الى طائر.
وهذه الحكاية فى أحسن أشكالها المعروفة فى أوروبا. تدور حول أمير يتخذ شكل طائر لكى يستطيع أن يصل إلى فتاة جميلة تعيش فى برج . ولكنه فى حضرتها يتحول إلى رجل .
وعندما تكشف امرأة الأب أو أخت الفتاة حقيقة العاشق الغامض. فإنها تصيبه بجرح سواء باستخدام سكين. أو وخزه بشوكة. أو نثر قطع من الزجاج على حافة النافذة التى يحط عليها حين يجئ فى هيئة طائر.
وترحل الفتاة بحثا عن حبيبها وعن دواء يشفى جروحه. وتسمع مصادفة – فى طريقها – حديث بعض الحيوانات ( وأحيانا بعض الساحرات ). فتتعلم منها طريقة علاج هذه الجروح. وتنجح فى مسعاها باتباع هذه النصائح.
وظهرت حكاية العاشق الطائر مرات كثيرة فى أدب العصور الوسطى. وأشهرها رواية «مارى دى فرانس» لهذه الحكاية.
وتختلف التفصيلات – إلى حد ما – فى قصص العصور الوسطى عما نجده الآن فى هذه الحكاية الشعبية . ولكن يبدو أنها تعود جميعا إلى نفس التراث.
ولقد كان بحث الزوجة عن زوجها الغائب هو الموضوع الأثير فى الأدب الرومانسى فى العصور الوسطى. واستمر فى عصر النهضة.
فهذه الزوجة المخلصة الوفية رغم ما تلقاه من عسف وما تقاسيه من مشقات تظل تشد زوجها حتى تلتقى به. بعد أن تقوم بطائفة من المخاطرات.
وتكاد هذه القصص تكون متشابهة لا تختلف إلا فى طبيعة المعاناة الظالمة التى تتحملها هذه الزوجة الوفية. وكذلك فى الظروف التى يتم فيها العثور على هذا الزوج.
وهنا. لابد من وقفة للحديث عن التأثير العربى فى هذا اللون الذى عرف باسم قصص الحب والفروسية فى أوروبا. وذلك لأن هذا التأثير الذى ظهر فى هذا القصص إبان العصور الوسطى. وظل سائدا فى عصر النهضة كان تأثيره ذا قيمة أدبية كبيرة.
ومن المعروف أن عاطفة الحب العربية كانت منذ نشأتها وليدة خلق الفروسية العربية. التى سرت فى روح العربى بتقاليدها النبيلة ومنها: البطولة فى الحرب. والوفاء بالعهد. وحماية الجار. وطبعته على الشهامة والنجدة والاعتداد بالنفس. وهى من صفات الفروسية التى ظهرت آثارها فى عاطفته وحبه. ثم تأثرت هذه الصفات تأثرا عميقا بالدين الإسلامى.
الآثار الأدبية الإغريقية. إلى محاكاة ذلك اللون الجديد من الإنتاج الأدبي.
وقد ظلت المرأة الأوروبية فى العصور الوسطى فى المجتمع والأدب لا يؤبه بها حتى القرن الحادى عشر، وحينذاك أحد يظهر خلق الفروسية الذى يزاوج بين أخطار الحرب وأخطار الحب.
وفى النصف الثانى من القرن الثانى عشر ألف «أندريه لوشابلان» كتابا باللاتينية سماه «فن الحب العفّْ» يصور فيه إدراكا جديد للحب، عماده الطهر والحياء والصدق والوفاء والتضحية، حب يكشفه الحرمان، ويطيب فيه العذاب للمحب، ويشق عليه الظفر بما يؤمل من غاية، والذى تتشابه فيه قواعد الحب تشابها كبيرا لما تضمنته الكتب العربية القديمة التى درست الحياة العاطفية عند العرب، ومن أشهرها: كتاب «الزهرة» «لأبى بكر محمد بن بكر محمد بن داود الأصفهانى الظاهرى». وهذا الإدراك الجديد للحب فى القصة والشعر معا – الذى جاوز التقاليد السائدة وسبق رقى المرأة اجتماعيا فى ذلك العصر قد نشأ على أثر اتصال العرب بالشرق، إما فى الحروب الصليبية، وإما عن طريق العرب فى الأندلس.
ويبدو أن ظهور النزعة المثالية فى الحب على يد «بترراك» ومن تبعه من شعراء عصر النهضة كان مظهرا من مظاهر تأثير الفلسفة العربية المثالية فى الحب، والتى ترجع أساسا إلى الغزل العذرى، وربما كان للأفلاطونية الحديثة تأثير على صياغتها النظرية. أشهرها رواية «مارى دى فرانس».
ومن أشهر القصص الإسبانية التى اتخذت نموذجا لقصص الحب والفروسية طوال عصر النهضة وأثرت بهذا الطابع فى الآداب الأوروبية ، قصة «سجين الحب» ل «سان بدرو» وقد نشرها فى عام 1492، و«أماديس دى جولا» ل «جارثى أوردونييس» ونشرها عام 1508. وتدور القصة الأولى حول الحب الذى جمع بين: لوريانو, و«لوريولا» والمشاق التى حفت بهذا الحب. وانتهت بوفاة لوريانو. لأنه لم يستطع أن يحقق حلم سعادته فى الحب.
ويضفى المؤلف على القصة جوا رمزيا لتمثيل الحب والوفاء والألم. أما القصة الثانية فتحكى حب صادق بين أماديس و«أوربانا» بنت ملك انجلترا, ومغامرات أماديس. واعتزاله الناس لأن حبيبته جحدت وفاءه. ثم قيامه بمغامرات أخرى لنجدة «أوريانا». وأبيها , وانتصاره, ثم زواجه منها.
وفى القصتين يتفق الجانب العاطفى مع روح الفروسية . فالوفاء لدى المحب غاية فى ذاته وعليه أن يبرهن على صدق حبه بالخضوع التام لأمر حبيبته . ولو كان فى هذا الخضوع هلاكه.
وقد أثرت القصتان السابقتان فى جميع الآداب الأوروبية فى عصر النهضة. وقد أستمرت شهرة قصة «أماديس» فى عصر النهضة وفى عصر الباروك الذى تلاه.
انتشر موضوع الزوجة الوفية التى تبحث عن زوجها الغائب يظهر أيضا فى عصر النهضة كما أشرنا من قبل ليس فقط فى أدب الرومانسى. بل وفى القصة الومانتيكية وأخيرا فى الدراما.
وقد طوعت هذه القصص الأدبية لكى تلائم فى النهاية أغراض رواة الحكايات الشفهية. ولو أنها لم تصبح شعبية. وليس من الممكن اعتبارها من نتاج التراث الشعبى.
وقد تناول الكاتب المسرحى الإسبانى «لوب دى فيجا» ( 1562 – 1635 ) فى مسرحياته كثيرا من القصص الخيالية, واقتبس بعض الحكايات العربية. واستطاع بتصويره القوى أن يبعث الحياة فى المادة الرومانسية. وعالج قصة «روميو وجولييت». وفيها يتزوج «روزيلو» «جوليا» زواجا سريا . وينفى «روزيلو» بعد أن قتل ابن عم جوليا. وتظل على وفائها. له حتى تلتقى به. وتجاهد حتى تظفر بموافقة أبيها على زواجها من روزيلو.
وفى مسرحية «زواج الراحة» تهرب الزوجة التى أسئ اختيار زوجها. لتلتقى بالرجل الذى لم تفارق صورته عقلها، ولكن موضوع الزوجة الوفية التى تحتمل المشقات وتقع ضحية لسوء الفهم . ومع ذلك تجد فى البحث عن زوجها حتى تعثر عليه قد أثار اهتمام الدارسين لأن «شكسبير» قد تناوله فى مسرحيتين من مسرحياته. هما سمبلين ( 1609 ) وتاجر البندقية ( 1596 ).
وفى طائفة من الحكايات التى تدور حول الوفاء يتعرض البطل أو البطلة لمخاطر يتحتم عليه أن يتحملها، ففى بعض الأحيان ترغم البطلة على أن تطوف حزينة فى رحلة قاسية للبحث عن زوجها وهى تنتعل حذاء من حديد. أو تصعد مدارج جبل من الزجاج. أو تعمل خادمة لساحرة تكفلها بمهام عسيرة التحقق أو شديدة الخطر, أو تقوم بخداع خطابها الذين يسببون لها الضجر, كما فعلت «بنيلوبي». أو يتحتم عليها أن تصمت عددا من السنين. كما رأينا فى حكاية «الأخت الوفية».
وكذلك الأمر بالنسبة للبطل. الذى يكلف أحيانا ببعض المهام الشاقة كأن يحصل على بعض الأدوات السحرية كشرط للحصول على الزوجة المفقودة. أو يحرم عليه النوم أو الطعام والشراب خلال رحلته إلى وطنه. أو يتحتم عليه الوفاء بعهد سبق له أن قطعه على نفسه لصديقه الذى مات. على نحو ما نرى فى حكاية «أصدقاء فى الحياة والموت» وهذه القصة معروفة ف الأدب من خلال أسطورة «دون جوان».
وكثيرا ما تبدأ القصة بعهد بين صديقين ألا يفترقا. وعندما يموت أحدهما. فإن الصديق الحى يدعوه لزيارته فى عيد الميلاد. ثم يذهب معه عند عودته إلى العالم الآخر. وخلال الرحلة يرى أشياء عجيبة. وعندما يرجع إلى الحياة مرة أخرى يجد أن قرونا كثيرة قد انقضت وأن كل شىء قد تغير.
ولأن قيمة الوفاء قيمة إنسانية فقد ترددت كثيرا خلال الحكايات الشعبية فى الشرق والغرب وأخذت اشكالاً ومسارات مختلفة بعضها واقعية وبعضها الأخر خرافية أو أسطورية لكنها فى النهاية تبرز هذه القيمة وتجعلها أحد عناصر إنسانية كالإنسان اين وجد ومتى عاش، وقد لعب الخيال الشعبى دورا خلاقاً فى تجسيد هذه القيمة من خلال المخاطر والصعوبات التى يواجهه الإنسان بحثا عن صديق أو حبيب يدفعه فى ذلك عاطفه صادقة وأسرار على الوصول إلى الهدف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.