كل يوم تقدم لنا التكنولوجيا جديدا في مختلف المجالات, حتي وصلت إلي الوضوء, وابتكرت مؤخرا إحدي الشركات العربية جهازا حديثا لمساعدة المتوضئ علي أداء شعائر الوضوء بكل سهولة ويسر, ولا تستغرق عملية الوضوء الإلكتروني أكثر من دقيقة ونصف الدقيقة باستخدام لتر واحد فقط من الماء. يستطيع الجهاز حسب تصميمه تقليص كمية المياه المستخدمة من 10 لترات للوضوء التقليدي الي لتر واحد في الوضوء الإلكتروني, ومن مميزات الجهاز إمكانية إعادة تدوير المياه المستخدمة في الوضوء, حيث تتم تنقيتها بواسطة مرشحات خاصة تخلص المياه من الشوائب وتنظفها وتعقمها وتطهرها, ومن ثم تعيد ضخها صالحة للاستعمال الآدمي مرة أخري, ولا تزيد نسبة الفاقد من المياه أثناء عملية التدوير علي 5%, وبعد الانتهاء من الوضوء, يقوم الجهاز بتجفيف المياه, مما يوفر درجة عالية من النظافة والصحة. ويقوم المتوضئ بوضع يديه ورجليه في أماكن مخصصة ليتم غسلهم ثلاث مرات حسب متطلبات الوضوء, ومن ثم تجفيفها آليا, ويقوم الجهاز في البداية بإرسال الماء إلي اليدين مع الدلك ليتخلل أصابع اليد ثلاث مرات ثم يتم التجفيف, بعد ذلك تتم عملية المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات متتالية من خلال وضع وجه المتوضئ في مكان خاص, وجهاز الوضوء الإلكتروني آمن علي المتوضئ, لأنه يستخدم كهرباء 24 فولت لا تسبب الأذي للمتوضئ, مضيفا أن الجهاز يقلل من الازدحام, حيث يمكن استخدامه في المساجد والأماكن العامة, ويعمل جهاز الوضوء الإلكتروني من خلال مجسات تتيح إمكانية التحكم بكل وظائفه بما يتناسب مع الشرائح التي تستعمله بمن فيهم كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة والأطفال. وعن الرأي الشرعي في هذا الاختراع يقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية- أن الوضوء لكي يؤدي علي النحو الشرعي السليم ينبغي أن تتوافر فيه فرائض وسنن ومندوبات أو مستحبات, وينبغي علي المتوضئ أن يأتي بالفرائض كلها التي وردت في قوله تعالي في سورة المائدة: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلي الكعبين), وأما السنن فإنها كما وردت عن الرسول عليه الصلاة والسلام بالسنة الفعلية وكذا القولية فإنه يسن للمسلم أن يأتي بها ليكون وضوؤه علي هيئة وضوء الرسول صلي الله عليه وسلم, وقد كان الرسول يؤدي هذه الفرائض والسنن مصحوبا بأدعية عند ممارسة الفرض والسنة, ويضيف الجندي أنه بربط تحقيق ذلك من الناحية الشرعية فإن عملية الوضوء قد تستغرق بعض الوقت, لكي تستوفي فرائضها وسننها ومستحباتها, وبتطبيق ذلك علي الجهاز الالكتروني الذي تم ابتكاره حديثا فإنه يمكن القول إن الفترة الوجيزة التي يتعين علي المتوضئ أن ينهي وضوءه خلالها وهي وفقا لما نشر دقيقة ونصف الدقيقة فقط, وهذا التوقيت المطلوب لإتمام عملية الوضوء لا يكفي لاستيفاء الفرائض والسنن والأدعية المطلوبة في الوضوء, وما يحتاجه ذلك من وجود شيء من الخشوع والسكينة لإسباغ عملية الوضوء, ومن ناحية توفير الجهاز للمياه ولو انها تحقق مطلبا شرعيا وهو عدم الاسراف في الماء علي نحو ما ورد في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم (لا تسرف في الماء ولو كنت علي نهر جار) هي ميزة يحققها هذا الاختراع, لكن الترجيح في هذه المسألة يتم بشرط ألا يكون علي حساب اختزال أو انتقاص شيء من متطلبات الوضوء علي النحو الشرعي, وإذا كان هذا الجهاز لا يوفر للمتوضئ شروط السكينة والخشوع المطلوبين عند الوضوء حيث سيحول عملية الوضوء إلي عملية آلية محضة بجانب انه يتعذر معه الاتيان بالأدعية التي وردت عن الرسول صلي الله عليه وسلم عند الوضوء, بالإضافة إلي انه قد ينتقص من بعض السنن لضيق الوقت, الأمر الذي يجعل من الاعتماد علي الوضوء بالطريقة اليدوية أرجح وأولي بالاتباع عملا واقتداء بالسنة النبوية مع تنبيه المتوضئ بأن يحرص علي توفير استهلاك المياه عند الوضوء. أما الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة فيقول لا مانع من أي جهاز علمي يحقق للمسلم فائدة وبخاصة استهلاك المياه, والرسول صلي الله عليه وسلم حذر من الاسراف في استخدم المياه في الوضوء, لأن الاسراف في الاسلام في كل شيء محرم, ومن هنا نجد أن مفهوم الوسطية والاعتدال يعتبر القاسم المشترك في كل سلوك للإنسان المسلم قولا أو فعلا, ومن ثم فإن هذا الجهاز الإلكتروني لا بأس به ما دام يكفل للاسنان وضوءا كاملا مع عدم الاسراف في الماء.