عدت أراجع المقدمة التي استغرقت ربع الساعة والتي ألقاها المستشار أحمد رفعت قبل أن ينتقل إلي النطق بالأحكام. كنت مثل كل الملايين وقت قراءة المستشار لها متلهفا إلي سماع منطوق الحكم. ولذلك كان تركيزي علي استشفاف ما سيحكم به مما يقول فلما وصف الماضي بأنه كابوس لم يدم لنصف ليل وفقا لنواميس الحياة لكنه لأغلب من 30 عاما أسود أسود أسود اسوداد ليل شتاء توقعت إحالة أوراق بعض المتهمين إلي المفتي. لم يحدث ما توقعت, وفيما عدا مبارك والعادلي تم تبرئة الآخرين فلماذا إذا كانت المقدمة عن أقسي أحكام سيصدرها والمنطوق الذي انتهي إليه؟ في رأيي أن المستشار قام بدور شخصيتين. شخصية المواطن الثائر الذي عبر عن الملايين التي خرجت صباح25 يناير صارخين انقذونا ارحمونا انتشلونا من الذل والهوان بعد أن تردي حال مصر اجتماعيا وثقافيا وتعليميا وأمنيا وانحدر بها الحال إلي اقل الدرجات من الأمم وهي التي كانت شامخة عالية من قبل. في ذلك كان المستشار يتحدث كقاض في محكمة ثورة تستمد قانونها واحكامها من الميدان ومشاعر الملايين وصرخات المظلومين ومعاناة الساهرين وآلام المطحونين, لكن المحكمة التي يرأسها لم تكن محكمة ثورة يصول ويجول فيها كما يريد بل كان مقيدا بالقانون الجنائي والإجراءات, ولهذا نلاحظ بعد ان ألقي هذه المقدمة واستعد للنطق بالأحكام وارجعوا للفيلم أنه قام بطريقة تلقائية بعدل الوشاح الأخضر الذي يرتديه وشاح القاضي الذي يحكم بالقانون والذي احتاج للحكم به أن يقرأ 70 ألف صفحة حرص علي أن يعرضها بجوار المنصة لنري المعاناة التي تحملتها هيئة المحكمة. لو كانت المحكمة محكمة ثورة لما احتاج لكل هذه الصفحات ولكانت حيثياته ما قاله في المقدمة وثورة الغضب من الأحكام سببها الخلاف بين منطق الثورة الذي يريده الميدان الغاضب, ومواد القانون التي تقيد الوشاح الأخضر! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر