6- بعيدا عن مزاعم إسرائيل فى أن الهاجس الأمنى هو الذى دفع بناء ما يسمى "الجدار الواقى " يكمن الدافع الأساسى الذى يختفى وراء هذه الجريمة وهو استكمال عزل وتهويد مدينة القدس حتى يمكن إخراجها نهائيا من ملف مفاوضات الوضع النهائى بعد أن أدرك الإسرائيليون أن كل محاولاتهم لتصفية - القضية الفلسطينية - قد تحطمت على صخرة الاستمساك الفلسطينى بالقدس ومن ثم تفتق ذهن إسرائيل عن ضرورة فرض واقع جديد يدعم وجهة نظرها ببقاء القدس بشطريها عاصمة موحدة وأبدية للدولة العبرية. وربما يساعد على فهم ما أقول به أن نستعرض منهج التعامل الإسرائيلى مع القدس منذ عام 1948 وحتى الآن.. لقد احتل اليهود القدسالغربية فى حرب 1948 (وهى تساوى نحو 84.1% من المساحة الكلية للقدس) وقاموا بتهويد هذ المنطقة التى تعود 85% من ملكيتها للعرب وبناء أحياء سكنية يهودية فوق أراضيها وأراضى القرى العربية المصادرة حولها مثل قرية "لفتا" التى بنى عليها "الكنيست" وعدد من الوزارات وقرى عين كارم ودير ياسين والمالحة وغيرها. وفى عام 1967 أكملت إسرائيل احتلالها للقدس الشرقية التى تعد جزءا من الضفة الغربية والتى يقع فيها المسجد الأقصى ومنذ ذلك الوقت بدأت حملة تهويد محمومة لشرقى القدس فأعلن توحيد شطرى القدس تحت الإدارة الإسرائيلية فى 27 يونيو 1967 ثم أعلن رسميا فى 30 يوليو 1980 أن القدس عاصمة أبدية موحدة للكيان "الإسرائيلي". وقد كان التركيز على القدس مسألة مركزية فى الفكر اليهودى الصهيونى لما تمثله من أبعاد دينية وتاريخية وقبل أن ينشأ الكيان الإسرائيلى بنحو خمسين عاما قال هرتزل مؤسس المنظمة الصهيونية العالمية: "إذا حصلنا على مدينة القدس وكنت لا أزال حيا وقادرا على القيام بأى عمل فسوف أزيل كل شيء ليس مقدسا لدى اليهود فيها وسوف أحرق جميع الآثار التى مرت عليها قبل قيام إسرائيل". وكان المؤسس الفعلى للكيان الإسرائيلى وأول رئيس وزراء له ديفيد بن جريون يقول دائما: "إنه لا معنى لإسرائيل دون القدس ولا معنى للقدس دون الهيكل". وغدا نواصل القراءة [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله