الاسراف سلوك مذموم فى كل أمر، وفى جميع مناحى الحياة، فما بالك فى شهر الصوم والعبادات، وقد نهى عنه الخالق جل وعلا فى كتابه العزيز، حيث قال «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين» كما قال جل شأنه «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين». وعلى خلاف الحكمة التى فرض الله الصوم من أجلها يحلو للناس فى زماننا أن يحولوا الشهر الكريم من شهر العبادات والطاعات والتفكر والتدبر فى آيات الله وتلاوة القرآن وتدارسه إلى شهر للإسراف فى كل شىء، وفى المأكل والمشرب، والانغماس فى الملذات وكل ما يبعد الإنسان عن ربه. فقبل أن يهل الشهر الكريم بأيام وأسابيع يسارع الجميع إلى تخزين وتكديس مالذ وطاب من أنواع الطعام والشراب وشراء الياميش وأشياء أخرى كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان، وكان الصوم لا يصح إلا بها، وكأن الشهر الكريم لن يكون كذلك إلا بوجودها مكدسة على الموائد من كل نوع وصنف حسب اعتقادهم. ويسارع آخرون إلى إعداد جداول بمواعيد الأعمال الفنية التى تعرض عبر شاشات الفضائيات طوال ساعات الليل والنهار ليضع يوم الصائم بين مشاهدة الأفلام والمسلسلات واعداد أصناف الطعام، وتضيع الحكمة التى فرض الله الصوم على عبادة من أجلها، ألا وهى التقرب اليه بالذكر والاستغفار والإكثار من الطاعات والعبادات وتلاوة القرآن والأهم الاحساس بما يشعر به الفقير من جوع وعوز وحاجة. البعض يسرف فى التصرف بعصبية وانفلات بحجة أنه صائم، وينسى الحديث القدسى المروى عن رب العزة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ويسخب فان سابه أحد أو شاتمه أو قاتله فليقل: إنى امرئ صائم». الصيام ليس امتناعا عن الطعام والشراب، وإنما هو البعد عن كل ما يغضب الله عز وجل، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. لمزيد من مقالات عبد الناصرسلام