من أخلاق الإسلام العالية, وقيمه الفاضلة, فضيلة الإحسان, التى هى من صفات المؤمنين الصادقين، فيها تكون سريرة الإنسان أحسن علانية, وقد جاء الأمر الإلهى بالإحسان بعد العدل فى قول الله تعالي: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون». ومن أنواع الإحسان: الإحسان إلى الوالدين, وذلك بالبر بهما وحسن طاعتهما, والعمل على ما فيه رضاؤهما, كما قال الله تعالي: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ومن أنواع الإحسان كذلك: الإحسان إلى النفس بحفظها من المعاصى ووقايتها من التهلكة, والإحسان إلى الجار, والإحسان إلى الناس جميعا, وفى كل عمل من الأعمال, وفى كل حال من الأحوال, وقد جاء الأمر به عاما «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين». فجزاء أهل الإحسان, محبة الله لهم, وتوفيقه فى كل أعمالهم, إنهم يحظون بمعية الله ورعايته, ماداموا متقين ومحسنين «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» ويقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: إن الله كتب الإحسان على كل شيء, فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة, وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته رواه مسلم. ويذكر الأصفهانى أن الإحسان يقال على وجهين أحدهما: الإنعام على الغير. والثاني: الإحسان فى العمل, بأن يعلم علما حسنا ويعمل عملا حسنا, والإحسان أعم من الإنعام, فالإحسان فوق العدل, لأن العدل هو أن يعطى الإنسان ما عليه, ويأخذ ما له, والإحسان أن يعطى أكثر مما عليه, ويأخذ أقل مما له. أما بالنسبة للمعنى الأول للإحسان وهو إنعام على الغير, فإن الناس فى أشد الحاجة إلى تحرى الصواب بالنسبة لهم ومعرفة أهل الحاجة لمد يد العون إليهم حتى لا يخطئوا فيهم, فيعطوا من لا يستحق, أو أن يهملوا من يستحق, عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذى يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان, والتمرة والتمرتان. ولكن المسكين الذى لا يجد غنى يغنيه, ولا يفطن له فيتصدق عليه, ولا يقوم فيسأل الناس وأما المعنى الثانى للإحسان, وهو ما يكون فى الفعل فإن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه, فإتقان العمل وجودته هى معنى الإحسان بهذا الوجه. وقد حرص الإسلام على إحسان العمل, والإخلاص لله تعالى فيه, ولا يتأتى الإحسان فى العمل, إلا إذا كان قائما على أساس علمي, وتخطيط مدروس, يبذل فيه أفراد المجتمع غاية ما فى وسعهم نهوضا بالأمة, وتقدما بالمجتمع. لمزيد من مقالات د.احمد عمر هاشم