وزير البترول يبحث مع قيادات وكوادر جابكو جهود وتحديات زيادة الإنتاج من خليج السويس    شقق الإسكان الاجتماعي.. كل ما تحتاج إلى معرفته من الدعم حتى الشكوى الإلكترونية    محافظ القليوبية يتابع أعمال رصف شارع امتداد أحمد حلمي بحي غرب شبرا الخيمة    محافظ الجيزة يتابع نتائج لقاءات المواطنين في هذه الأحياء    مقرر أممي: هجمات إسرائيل وواشنطن على إيران انتهاك للقانون الدولي    الأهلي يصل القاهرة بعد انتهاء مشاركته في مونديال الأندية    تجديد حبس سارة خليفة وآخرين في قضية تجارة وتصنيع المخدرات    خلافات الجيرة وراء نشوب مشاجرة المقهى بمصر الجديدة    التأمين الصحي الشامل: نعمل على دمج مقدمي الخدمات الصحية رقميا عبر منظومة متقدمة للتعاقدات    البنك الدولي يوافق على منحة 146 مليون دولار لدعم كهرباء سوريا    تكريم 200 موظف بعد اجتياز برنامج تدريبي رقمي في بني سويف    البطريرك يونان يتفقّد كنيسة مار إلياس في دمشق بعد التفجير الإرهابي    أردوغان يلتقي رئيس الوزراء البريطاني على هامش قمة الناتو    مسنشار للطيران والإسكان والاقتصاد.. من هو أسامة شلبي رئيس مجلس الدولة الجديد؟    القوات المسلحة تحتفل بالعام الهجرى الجديد    بيان عاجل أمام «النواب» بسبب استمرار أزمة الرسوم القضائية    مصرع طفل غرقا أثناء الصيد بترعة في سمالوط.. والنيابة تصرح بالدفن لعدم وجود شبهة جنائية    قصور الثقافة تقدم "عرض حال" بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    في أسبوعين..تامر حسني يكسر حاجز ال 12 مليون مشاهدة ب حلال فيك    لمواليد برج العذراء.. ما تأثير الحالة الفلكية في الأسبوع الأخير من يونيو 2025 على حياتكم؟    في موكب صوفي مهيب.. الطرق الصوفية تحتفل بذكرى الهجرة النبوية الشريفة غداً (تفاصيل)    شبانة: جسلة منتظرة بين الخطيب وريبيرو لحسم موجة التعاقدات الثانية بالأهلي    «تمركزه خاطئ.. ويتحمل 3 أهداف».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على محمد الشناوي    ميسي يواجه باريس سان جيرمان بذكريات سيئة    شكوك بقدرة نتنياهو على استغلال تأييد الإسرائيليين الحرب على إيران    «العربية لحقوق الإنسان»: مراكز المساعدات لمؤسسة غزةتشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الإنساني    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    «صفعة للمؤسسة الديمقراطية».. شاب مسلم يقترب من منصب عمدة نيويورك    البورصة المصرية تربح 27.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    بيراميدز يعطي فيستون ماييلي الضوء الأخضر للرحيل.. ويوضح موقف مصطفى محمد من الانضمام للفريق    نانسي عجرم ومارسيل خليفة يشاركان في مهرجان صيدا الدولي أغسطس المقبل    عبلة كامل تتصدر التريند بعد أحدث ظهور لها    «حمى القراءة.. دوار الكتابة».. جديد الروائي الأردني جلال برجس    حماية التراث الثقافي الغارق في ورشة عمل بمكتبة الإسكندرية    التقويم الهجري: من الهجرة إلى الحساب القمري.. قصة زمنية من عهد عمر بن الخطاب حتى اليوم    محمد شريف: أتفاوض مع 3 أندية من بينها الزمالك وبيراميدز    عاجل- مدبولي يستعرض نتائج تعاون جامعة أكسفورد ومستشفى 500500 لتطوير العلاج الجيني للسرطان    البطريرك يوحنا العاشر يتلقى تعازي بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    القبض على صاحب فيديو سرقة سلسلة ذهبية من محل صاغة بالجيزة    بنك ناصر يدعم أطفال الشلل الدماغي بأحدث الأجهزة المستخدمة في تأهيل المرضى    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    أستاذ بالأزهر يحذر من انتشار المرض النفسي خاصة بين البنات والسيدات    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    رابط رسمي.. نتائج امتحانات نهاية العام في كليات جامعة أسيوط    المؤتمر الطبى الأفريقى .. عبدالغفار يشيد بجهود"الرعاية الصحية" في السياحة العلاجية والتحول الرقمي    توريد 3 أجهزة طبية لمعامل مستشفى الأطفال بأبو حمص بتكلفة 4 ملايين جنيه    الترجي ضد تشيلسي.. الجماهير التونسية تتألق برسائل فلسطين في مونديال الأندية    محافظ القاهرة يبحث مع وزير الثقافة تحويل حديقة الأندلس لمركز فنى وثقافى    وزير الرياضة: منتخب اليد يستحق جهازا فنيا على أعلى مستوى    تحرير 145 محضرًا للمحال المخالفة لقرارات ترشيد الكهرباء    «دعاء السنة الهجرية».. ماذا يقال في بداية العام الهجري؟    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات مع توفيق الحكيم
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 06 - 2016

تعود ذاكرتى للوراء أربعين عاما وأكثر، كنت عضوا بلجنة القصة بالمجلس الأعلى للفنون والآداب (أصبح المجلس الأعلى للثقافة)،
كان رئيس اللجنة توفيق الحكيم، ومن أعضائها نجيب محفوظ ويوسف إدريس وثروت أباظة ولطيفة الزيات ويوسف الشارونى وغيرهم. دار الحوار ذلك الصباح، حول رواية أولاد حارتنا، وكان نجيب محفوظ قد نشرها وأثارت جدلا مهما، كان يوما شتويا باردا ممطرا، فاختفى بعض الأعضاء والعضوات فى البيوت تحت البطاطين، إلا توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وكنت أحب الخروج فى البرد تحت المطر، وأعرف أن توفيق الحكيم لن يغيب عن الاجتماع، لأى سبب كان.
وبدأ توفيق الحكيم بسؤال مشاكس كعادته من نوع: ياترى الإله مع الاشتراكية أو الرأسمالية؟ ورحنا نخوض فى مياه السياسة العميقة الخطيرة والتاريخ والدين والطب والأدب والفلسفة، وكان نجيب محفوظ يستمع باهتمام شديد، ونوع من الوجل، والتردد بين الصمت والكلام.
وأنا أرد على توفيق الحكيم بنوع أسئلته فأقول: إذا كان الإله روحا بلا جسد فلماذا تخاطبه بصيغة المذكر؟ ويرد توفيق الحكيم: لأن اللغات ذكورية بما فيها لغتنا. ثم دار النقاش حول رواية أولاد حارتنا، بدأه توفيق الحكيم قائلا:
هذه رواية رمزية تكشف الحجاب عن الصراع حول الأرض والسلطة منذ بداية التاريخ بين الإله الحاكم الدكتاتور وأبنائه وأحفاده، البطل الرئيسى الجبلاوى، يرمز للرب الجبار أو الأب الطاغى، يصدر أوامره الظالمة دون نقاش، مثل الأمر بتعيين ابنه أدهم (يرمز الى آدم) خليفة له، ويطيعه كل أبنائه إلا أكبرهم إدريس (يرمز الى إبليس) الذى يرفض الظلم ويصارع حتى يتم طرد أخيه آدهم من الحديقة (أو الجنة)، ودأب الأب الطاغى على إشعال الحرب بين أبنائه وأحفاده، على غرار فرق تسد، حتى أقدم قابيل (قدرى فى الرواية) على قتل أخيه هابيل (أو همام فى الرواية) وينتشر الظلم والقتل بسبب دكتاتورية الجبلاوى وتآمره، والذى لا يجرؤ أحد على اتهامه بالظلم أو التآمر، ويخضع له الجميع صاغرين باعتباره معصوما من الخطأ، وحين تغرق الأرض بالدماء يرسل الجبلاوى بعض رجاله للتوفيق بين الناس وهدايتهم الى السلام والخير، وعدم وقوعهم تحت غواية إدريس (إبليس)، الذى أصبح يتحمل وحده مسئولية الشر «آلا يحدث ذلك عندنا، نحن عبيد الحاكم الإله الدكتاتور، وليس عندنا إبليس واحد، بل كثير من الأبالسة؟
يتساءل توفيق الحكيم ضاحكا بشقاوة الأطفال ومرحهم، تنتقل العدوى للجميع، يضحك يوسف إدريس مقهقها، ولطيفة الزيات تطلق ضحكتها، لكن نجيب محفوظ يبتسم بشئ من التحفظ، ويقول بصوت منخفض: نعم يا توفيق بيه، الأبالسة كثيرون وليس عندنا أحزاب معارضة كما كان الحال أيام الملكية والليبرالية، لم يكن الأدباء والأديبات، أعضاء لجنة القصة، من الحالمين بعودة الملكية، أو ليبرالية الطبقة العليا، التى كانت تشكل 2% من الشعب، خاصة اليساريين منهم، مثل يوسف إدريس ولطيفة الزيات، ولم يكن أحد يشعر أيضا بالحنين للحكم الملكى السابق، أو يؤيد دكتاتورية الحكم العسكرى بعد ثورة يوليو، وتفرع النقاش الى مأزق الاشتراكية فى علاقتها بالديمقراطية، ثم عاد الى الجبلاوى الجبار فى رواية أولاد حارتنا، وجاء دورى فسألت نجيب محفوظ: لماذا جعلت جميع أبناء الجبلاوى من الذكور وجميع من أرسلهم الجبلاوى لهداية الناس من الذكور أيضا، هل أردت لخيالك الروائى أن يظل داخل إطار قصة الخلق فى الكتاب المقدس، أم أنك تأثرت بنظرية سيجموند فرويد عن مقتل الأب بيد ابنه، كرمز للتحرر من السلطة الأبوية المطلقة أو الاستقلال عن الأب، أى الخروج من الطفولة البشرية إلى النضوج الإنسانى؟
يرد توفيق الحكيم ضاحكا: نحن الرجال، خيالنا الروائى ذكورى مائة فى المائة، ويقول نجيب محفوظ: لم يكن بين الأنبياء امرأة واحدة، هذه حقيقة، أليس كذلك يا دكتورة نوال؟
قلت: لا يا أستاذ نجيب، يوجد إلهات نساء، مثل إزيس (وليس فقط نبيات) فى تاريخ مصر القديمة وبابل وفلسطين واليونان، لم يكن منصب الإلوهة أو النبوة يخص الجنس الذكورى فقط، أليس كذلك؟
وقال توفيق الحكيم فرحا: غلبتك امرأة يا رجل كما غلبت عمر بن الخطاب، وضحك الحاضرون وتحول الأمر الى فكاهات ومرح، لم أشاركهم فيه وقلت: نساء كثيرات تغلبن على الرجال فكريا فى الماضى والحاضر فالمسألة لا تتعلق بنوع الجنس بل بالمخ والعقل، ثم لماذا يحول الرجال النقاش الجاد عن عقل المرأة الى نكتة أو فكاهة؟
وقال توفيق الحكيم: إنه خيال الرجل لم يتطور بعد ليدرك أن المرأة مساوية له عقلا وحكمة هذه العبارة نطقها توفيق الحكيم منذ نصف قرن، ولم يكن رأس المرأة عورة أو عقلها ناقص كما نسمع اليوم.
لمزيد من مقالات د.نوال السعداوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.