ينبغى الاعتراف بواقع يبدو صادماً وهو أن مسئولية كبيرة فى جريمة ختان الفتيات تقع على الأم، لأنه إذا كان الأب مُصرّاً على الختان، فإن الأم إذا أرادت تستطيع فى أحيان كثيرة، بعد أن تعجز عن إقناع الأب بالعدول، أن تتملص من المشارَكة فى اقتراف الجريمة، وأن تنقذ ابنتها، خاصة أن الأب غالباً لا يحضر ختان ابنته، بما يوفر الفرصة للأم بأن تكذب عليه إذا لم يكن هناك مخرج آخر، (نعم: تكذب!) على أن يظل الأمر سراً بين الأم وابنتها، وكم من الأسرار بين الأم وابنتها يجهلها الزوج الأب. وهو ما سوف يستنكره دعاة مكارم الأخلاق الذين يرون أن الزوجة يجب دائماً أن تطيع زوجها حتى إذا تعرضت ابنتها لمأساة كطفلة ثم لتعاسة كزوجة فى المستقبل. وفى المضمون، فإن هذا ليس تحريضاً على الكذب وإنما هو حث على حماية الطفولة، وضمان المستقبل، ضد عتاة متحجرى العقل غلاظ القلب! ما دام أنه ليس لدينا مؤسسات تدعم الأم فى هذه الحالة وتوفر لها سبل الحماية العملية، حتى من الجمعيات المتخصصة للدفاع عن المرأة. وللأسف، فإن الموضوع يكاد لا يخرج عن هَبَّات فكرية موسمية، تفتقر إلى التنسيق. تنطوى جريمة ختان الفتيات على تعقيدات متعددة، فكثير من الرجال المتشددين فى ختان بناتهم، يعانون أن زوجاتهم مختونات، وإذا أتيحت لهم الفرصة يسعون للزواج ثانية شرط ألا تكون العروس الجديدة مختونة! كما أن أمهات كثيرات ممن رُوِّعن بهذه الجريمة وهنّ فى سن الطفولة، ثم تعذبن مع أزواجهن بعد ذلك، يعملن على تكرار المأساة مع بناتهن! المادة 11 من الدستور تُلزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف. وهو غطاء يتيح المجال للمطالبة بتغليظ العقوبة على كل من يشارك فى الجريمة حتى الوالدين. كما يمكن تجريم الترويج للختان، لأنها لا تقل عن جرائم الاتجار بالبشر والدعوة للدعارة والمطالبة بالثأر..إلخ. مع الأخذ فى الاعتبار أن للموضوع جذوراً ثقافية غائرة ينبغى اجتثاثها. وهو الأمر الذى يتطلب التعاون المشترك من تخصصات متعددة حتى تدأب بطول البلاد وعرضها فى حملات مستمرة على نشر الوعى وفضح التخلف. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب