في محاضرة مارس فيها حضوره الثقافي والسياسي والشخصي الفريد تحدث الدكتور مصطفي الفقي الخميس الفائت في دار السفير السعودي بالقاهرة أحمد قطان ضمن فعاليات الصالون الثقافي (رياض النيل)، والذي سار ذائع الصيت، وتجمعا تنويريا بارزا يشار له بالبنان، ويلتئم فيه عدد كبير من نجوم ورموز الساحة العامة في مصر حول موضوعات رصينة مختارة بعناية.. ولفتني مؤخرا اتساع دائرة المشاركين في ذلك الصالون مرة وراء اخري، وانضمام أسماء جديدة لامعة له من مختلف الأطياف الفكرية والتخصصات المهنية علي نحو زاده ثراء وأسهم في تدعيم سمعته وزيادة وزن تأثيره وأرجحيته، وانتقل به من مربع (العمل الدعائي الموقوت) إلي مربع (العصف الفكري الراقي والدائم). وعلي الرغم من من عنوان محاضرة د. مصطفي الفقي، ومن ثم المناقشة حوله كان علي العلاقة المصرية - السعودية، وعلي الرغم - كذلك - من أن المتحدث أشار بفطنة إلي أن الضرورة تفترض توخي كياسة الحديث في الموضوع علي أرض سعودية هي دار السفير، فإن حبال المناقشة امتدت لتشمل عددا من النقاط الحرجة والدقيقة مثل موضوع مدي مسئولية السعودية عن اتجاهات التطرف السلفي إقليميا ودوليا،، والمنافسة علي زعامة العالم الإسلامي بين مصر والأزهر من جهة والسعودية ورابطة العالم الإسلامي من جهة أخري، ثم - بالطبع - موضوع الجزيرتين، وكذلك موقف كل من القاهرة والرياض من الجمهورية الإسلامية الإيرانية واختلاف بواعث وحوافز إقبال كل منهما عليها، فضلا عن الملف السوري بما يتضمنه من تباين واضح في وجهتي نظر البلدين، ورؤية تحول السعودية إلي مجتمع إنتاجي وتعثر عمليات الإصلاح في العالم العربي والكيفية التي استقبلت بها كل من الدولتين عمليات التغيير المعروفة باسم (الربيع العربي)، وارتباط الدور المصري الثقافي بمستوي المنتج (بفتح التاء) الإبداعي الذي نقدمه وليس بتصوراتنا عن ذواتنا. أسهم عدد من المثقفين المصريين في ذلك اللقاء بمداخلات لافتة ومنهم عبدالمنعم سعيد وفاروق جويدة وأحمد الجمال وعباس الطرابيلي وأسامة الغزالي وأحمد الطاهري، ورأيت تعرضهم لتلك النقاط الحرجة بوصفه دليلا علي نضج العلاقات المصرية - السعودية، إذ كلما زادت الموضوعية وقلت المجاملات زاد أي نقاش قيمة وتأثيرا. في كل ظهور عام لمصطفي الفقي - الذي وصفه عبدالمنعم سعيد بأنه عميد خريجي السياسة والاقتصاد - أشعر أنه الشخص الذي نحتاجه في المنصات المصرية للعمل الإسلامي أو التحرك الدبلوماسي أو الحشد الشعبي والحزبي، وربما لذلك السبب تحديدا لا نضعه في أي منها! لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع