مما لاشك فيه أن الهدف من اجراءات معينة ليس بالضرورة أن يكون موازيا لإنجاز مؤكد بل علي العكس قد يكون بعد الهدف دافعا لاختبار آليات لاتؤدي الي الوصول اليه وهذا بالضبط ما يمكن ان نراه في المحاولات الجادة لدفع عجلة التميز الجامع. اذ أصبحت هذه الاجراءات تؤثر سلبا علي امكانية الوصول بالجامعة الي الاجادة المطلوبة. ولعلنا نقول ان كثرة الأوراق والاستبيانات في نمط نظام الجودة المطروح حاليا بالجامعة قد يكون في حد ذاته مثبطا لعملية الجودة بل ومؤثرا في عدم احداثها وقد يكون هذا هو السبب في عزوف البعض عن المشاركة فيها مما أوجد شعورا سلبيا قاتلا فأصبح ان من لاينضوون تحت لواء منظومة الجودة بالجامعة لاتثريب عليهم ان لم يحضروا بتاتا بأماكن عملهم الجامعي اذ انهم لم يوقعوا ضمن الراغبين في الانتظام داخل قوانين الجودة والتي ضاعت منها رؤية الأوضاع الجامعية فنتج عن ذلك فريقان بالجامعة أحدهما فريق الجودة والآخر قد تحرر من ذلك لدرجة عدم الالتزام بالحد الأدني بالعمل الجامعي. لقد قلنا مرارا ان الالتزام الشخصي أساس العمل الجامعي في كافة بلاد العالم ولايتطلب هذا توقيعا علي أوراق محددة كما أنه ضرورة للدخول ضمن منظومة التدريس الجامعي بدون تفاصيل مملة تتعلق بالتواجد أو عدمه فان عضو هيئة التدريس عليه التزام علمي بالبحث والتدريس بما يتطلبه ذلك من تواجد بالجامعة قد يتخطي عدة مرات الحدود التي نصت عليها منظومة الجودة وكان الأجدي ان تتم مراجعة الانتاج والانجاز العلمي لعضو هيئة التدريس بدلا من الالزام بالتواجد في مواعيد محددة قد تتعارض مع طبيعة العمل الجامعي البحثي اذ ان الباحث ليس مقيدا بنمط زمني محدد خلال تجاربه أو دراساته فهو مطلوب منه التواجد, حيث يجري تجاربه في الحقل أو المعمل أو بالمكتبات ناهيك عن الساعات التي يمضيها الباحث المجيد أمام الشبكة العنكبوتية كل هذا مفروض أنه مطلوب من الجميع ان يقوموا به سواء وقعوا استمارات الجودة أو تنحوا عن توقيعها ولعل من أخذوا بنظام الجودة يلاحظون ان مثل هذا النظام متواجد في دول الخليج ولكنه يغيب تماما عن أي منظومة جامعية أوروبية أو أمريكية فتلك المنظومات تحاسب عضو هيئة التدريس بمخرجات العملية البحثية التعليمية والمحاسبة قد تكون مجرد بيان اداري من عضو هيئة التدريس للجامعة التي يعمل فيها يوضح فيها انجازه بالنسبة لما هو منوط اليه القيام به من خطط بحثية قدمها للجامعة أو برامج منهجية تعليمية يقوم بها. ولاغرو إذن أن نلحظ نمط الجودة, كما نراه الآن يتعثر بصورة فاجعة لكل من كان له أمل فيه عند بدء الإعلان عنه اذ أصبح معوقا لكل محاولات التميز التي يرجوها الشعب من جامعاته وأصبحت اعادة النظر في هذا النظام الجامعي ضرورة لاصلاح المنظومة الجامعية بعد عثرتها الأخيرة وحتي تتمكن من انجاز يصبو اليه المجتمع في هذا العالم مع مطلع الألفية الثانية من القرن الحادي والعشرين, حيث التميز ضرورة حياة للمنظومة الجامعية من أجل اعداد كوادر تستطيع ان تعمل في مواقع الانتاج وقد تسلحت بخبرات علمية حديثة وأصبحت فاعلة في قاطرة التنمية التي ينشدها المجتمع من منظومته الجامعية.