جاء قرار المجلس المجلس الأعلى للجامعات يوم الإثنين الماضى باستمرار وقف قبول الطلاب نهائيا فى التعليم المفتوح على مستوى الجمهورية، ليفتح الباب أمام تصحيح تجربة التعليم المفتوح التى بدأت قبل 20 عاما. الترجيحات تشير إلى استبدال التعليم المفتوح ببرامج تعليم إلكتروني, أو تعليم عن بعد, أو برامج شهادات مهنية، بعد أن أثبتت التجربة أن التعليم المفتوح يعمل دون أهداف حقيقية تحترم التخصص. خبراء التعليم يرون أن التعليم المفتوح بنظامه الحالى يمثل إهداراً لمبدأ تكافؤ الفرص فهو يعطى شهادة رسمية من أكبر الجامعات فى مصر رغم أنه يعتمد على برامج وليس أقساما كما أن دراساته سطحية، وأصبح يقبل خريج الثانوية العامة لنفس العام وخريجى التعليم الفنى من مختلف التخصصات فى مجالات لا علاقة لها بتخصصهم، بما يعنى أنه نظام عشوائي. الدكتور حسنى السيد، أستاذ البحوث التربوية، يقول إن الاتجاه داخل المجلس الأعلى للجامعات هو تقديم خدمات تعليمية وتربوية مهنية لا تمنح درجات الليسانس أو البكالوريوس المعادلة للكليات، وتحويل برامج كليات التجارة والآداب والتربية إلى برامج مهنية أوتدريبية ، وإيجاد منظومة بديلة للتعليم عن بعد مثل جامعات التعليم الإلكتروني، أو تأسيس برامج تعليم عن بعد فى الجامعات. ويضيف أن قطاعات كليات الحقوق والإعلام والزراعة والتربية الرياضية رفضت استمرار النظام فى صورته الحالية وأوصت بوقف قبول الطلاب نهائيا به واستبداله ببرامج تدريب مهنية تتراوح بين 9 و12 شهرا ويحصل الملتحق بها على شهادة مهنية غير معادلة للدرجات الجامعية مع عدم استمرار منح شهادات أكاديمية من التعليم المفتوح . ويوضح أستاذ البحوث التربوية أن الدولة عندما اتجهت لهذا البرنامج بالجامعات، كان هدفه اتاحة الفرصة لمن فاتتهم هذه المرحلة والتحقوا بوظائف أو أعمال أخرى لاستكمال تعليمهم, وتحريك عقول الذين ابتعدوا عن فكرة التعلم, ولهذا كانت مصروفاته محدودة، كما أنه يمثل فى نفس الوقت مصدر دخل للجامعات لتنمية مواردها المادية وزيادة دخل الأساتذة بها، وقد بدأت برامج التعليم المفتوح فى 5 تخصصات واستمر تطبيق شرط مرور 5 سنوات على الحصول الثانوية الفنية وأزهرية وغيرها . ومنه انتشر هذا البرنامج وعلى مراحل إلى مختلف الجامعات . وأضاف أن بداية فكرة التعليم المفتوح هى أن يصبح بديلا لنظام الانتساب، ولكن ماوصل إليه حال هذا البرنامج أصبح يمثل إهداراً حقيقياً لأسس تكافؤ الفرص بين الطلاب، فنجد طالبا حاصلا على 50 % يتساوى مع طالب نجح معه فى نفس العام، لكنه حاصل على 96 % فكل منهما يلتحق مثلا بكلية الإعلام جامعة القاهرة حتى مع اختلاف المسميات، لكنهما سوف يحصلان على نفس المؤهل باسم جامعة القاهرة، ويتساويان فى كل الحقوق والمزايا، وهذا بالتأكيد أثر فى الالتحاق بالجامعات الخاصة، والمعاهد المتوسطة الخاصة، لأنه ليس منطقيا أن يتجه الطالب إليها بمصروفات عالية، فى حين أن هناك كلية متميزة موجودة تقبل مجموعه الضعيف وتعطيه شهادة من جامعة كبرى دون رسوم تذكر. من جانبه يقول الدكتور مغاورى شحاتة، رئيس جامعة المنوفية سابقا، إن هناك 5 أنواع من التعليم فى الجامعة الواحدة وفى نفس التخصصات, فهناك التعليم الرسمى النظامى والتعليم بالانتساب وله مصروفات, والتعليم المميز, إضافة للتعليم المفتوح , والتعليم الإلكترونى أو الجامعة الإلكترونية ومنها التعليم عن بعد، وهذا التوسع غير المنطقى يجعل الإنسان يحتار فى اختيار الأفضل، ففى النهاية معظم الخريجين ليسوا مؤهلين لسوق العمل، والعملية مجرد تخريج دفعات دون ارتباط بفكر السوق المحلية والعلمية، فهذه التعددية غير مبررة بل إن هناك تعارضا واضحا بين دراسات التخصص الواحد وكل منهم يعمل فى واد، وفى النهاية لا توجد دراسات جديدة تهدف إليها للتوسع فى التعليم المفتوح، لأنه ركز على دراسات أدبية فى تخصصات التجارة والآداب والزراعة والحقوق,وهى بكل الجامعات إضافة للإعلام .ومعظم خريجيها لا يجدون عملا .فهذا التعليم تنعدم به أسس العملية التعليمية مثل تفاعل العملية التعليمية بين الأستاذ الجامعى والطالب والتدريبات العملية والمعملية ، مما يجعل هذه الدراسة غير مجدية من حيث المستوى حيث لا يجد الطالب وسيلة لتنمية قدراته التعليمية أو حتى الشخصية, وتكون الدراسة من أجل الامتحانات النظرية ، أى أنه ليس تعليما متكاملا.وهو يماثل التعليم بالمراسلة، ويكون خريجه عادة مرفوضا فى سوق العمل، لأن تخصصاته غير مطلوبة ولأن دراسته سطحية, وكان الهدف منه هو زيادة إيرادات الجامعات، وعلى حساب مستوى وأداء التعليم المصري. وأضاف رئيس جامعة المنوفية ,الحقيقة هى أن التعليم المفتوح ابتعد عن أهداف الجودة فى التعليم, ولا يعطى الفرصة للمساواة وتكافؤ الفرص ليتساوى فيه الطالب المتفوق وزميله الذى نجح بالحد الأدنى وربما أخرجته درجات الرأفة ، فهذا التعليم أضر بالأداء الجامعى وسمعته فى مصر وخارجها, وذلك لأن الهدف الأساسى من التعليم المفتوح هو توسيع قاعدة التعليم على مستوى المحافظات لمن فاتتهم الفرصة وليس لمن هم فى سن التعليم الجامعى أو الحاصلين على الثانوية العامة فى نفس العام، فالخريجون مجرد عدد مكدس دون فائدة، مع غياب توافق المناهج والبرامج الخاصة به مع الأهداف القومية خاصة من حيث الجودة، وأصبح مجرد شهادة ، ومصدرا لجمع أموال كثيرة للجامعة، كما أن شرط مرور5 سنوات لالتحاق الطالب به كافية لنسيان المادة العلمية لدى الطالب وتجعله غير قادر على التحصيل, فهو يأتى للحصول على شهادة فقط دون استفادة حقيقية.