انتشرت في الآونة الأخيرة لافتات الغرام او اعتذار الحبيب لحبيبته على الملأ فى اعلانات الصحف ولافتات الشوارع العامة وقد أثارت هذه الظاهرة ردودا متباينة من المجتمع، وكان منها لافتات فى عيد الحب بين الأزواج..ولكن أكثرها تناولا لافتة علقها أحد الأزواج فى شارع جامعة الدول العربية أعرب خلالها عن حبه لزوجته ورغبته فى عودة العلاقة الزوجية بعد أن طلقها وعند شعوره بالندم ورغبته فى أن تسامحه لجأ للفكرة المستوحاة من بعض الأفلام.. الغريب هو أن الظاهرة الجديدة بدأت فى الانتشار ليس فقط فى المدن ولكنها ايضا وصلت الى بعض المحافظات فى مصر. والسؤال ما هى الأسباب وكيف يراها المجتمع وخبراء الإعلام والصحة النفسية؟. ..................................................... د. هويدا مصطفى أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة وعميدة المعهد الدولى العالى للإعلام بالشروق تقول إن هذا السلوك ظهر فى الآونة الأخيرة وهى ظاهرة جديدة على المجتمع أن تصبح المشاعر والجوانب الخاصة والحياة الشخصية التى كان يحتفظ بها متاحة ومشاعة ومتداولة للجميع، وأن يكون التعبير عنها عبر لافتات أو عن طريق شبكات التواصل، وهذا ناتج عن التأثير السلبى للتكنولوجيا الحديثة التى أصابت الشخصية والقيم الاجتماعية بتغيير كبير، والحقيقة أن وسائل التواصل الهدف منها إتاحة الفرصة للرأى العام وأن تكون مجالا للتعبير وتناول وتبادل الآراء حول الاهتمامات الجماعية، ولكن الشىء السلبى هو اختراق الخصوصية بشكل كبير والإعلان عن الأحاسيس والمشاعر الخاصة والصور الشخصية وأصبحت مجالا للحديث وللتداول بين الناس وإبداء الرأى والتعليقات بهدف الحصول على أكبر عدد من الإعجاب (اللايكات)- وللأسف تم استغلال التكنولوجيا بشكل خاطئ. د. نجلاء سلامة أستاذ الإعلام التربوى كلية التربية النوعية جامعة الزقازيق تقول إن هذه الظاهرة الغريبة التى انتشرت فى الاونة الأخيرة وصلت لكل المناطق على كل المستويات وهى كتابة لافتات للتعبيرعن الحب او الاعتذار فهى ظاهرة جديدة على مجتمعنا وتختلف ردود الأفعال من شخص لآخر وفقا لأسباب كثيرة منها السن والحالة الاجتماعية، ومن المؤكد أن هذه الأساليب لها تأثير قوى فى مرحلة المراهقة، وهى نوع من التقليد الأعمى لبعض الأفلام السينمائية وهى لا تتناسب مع قيمنا الاجتماعية وتحمل قدرا من التمثيل والتخلى عن الخصوصية فى العلاقة بين الرجل والمرأة. د. محمد رجائى استشارى الصحة النفسية يقول إنها ظاهرة تعبر عن مدى قوة وتأثير الفن والتواصل الاجتماعى على القيم والأفكار والسلوكيات ومشاعر الحب التى هى فى الأساس مفترض أن تكون مشاعر مخفية عن أعين ومسامع أقرب الناس، وكونها تحولت الى مشاعر معلنة للآخرين فهذا مؤشر بالغ الخطورة لأنه أخل بطبيعة العواطف الإنسانية وقيم المجتمع حيث غابت الخصوصية فى مشاعر المحبين التى تبتغيها الأنثى فى هذه العلاقة المقدسة.. ويحذر د. محمد رجائى من هذا السلوك قائلا إن الرغبة العدائية من الحبيب تجاه حبيبه تزداد فيما بعد حيث تتسبب إزالة قشرة وغطاء الخصوصية فى جرح كرامته وكبريائه، وعلى الأنثى ألا تفرح بهذا السلوك الغريب الذى يعكس ضعف الشخصية ورغبة اللاوعى من ناحيته فى مناشدة الآخرين والمجتمع لمساعدته ومساندته لتحقيق رغبته. السؤال وجهته لمجموعة من الشباب والبنات من مختلف الفئات والأعمار فكانت إجابة الذكور هى اعتراض أحدهم قائلا: الطريقة أصلا مبالغا فيها، فمن الأفضل أن أرسل هدية وأكتب عليها اعتذارا والتعبير عن مشاعرى بطرق أخرى، بينما أكد آخر أن الفكرة جيدة ولا مانع من استخدامها للتعبير عن الحب، وعبر شاب آخر قائلا: أنا مع الفكرة ولكن بشرط ألا يكون مبالغا فيها وأن يكون الغرض الحقيقى من ورائها إظهار الحب وليس للفت نظر الناس، وختم قوله فى النهاية أنه يفضل الذهاب لمكان محبب لهما او تقديم هدية تحبها يعبر بها عن مشاعره بدلا من لافتة فى الشارع. أما البنات فجاء ردهن مقاربا للشباب: فتقول إحداهن إن الفكرة حلوة واللافتات مقبولة فى حالة التعبير أو إثبات موقف أو مشاعر معينة ولكن الأهم أن يكون بشكل أكثر واقعية وليس «كلام لافتات وخلاص»، وألا يكون الأمر مبالغا فيه أو متكررا. وترى أخرى أنها طريقة مقبولة للاعتذار إن كانت فى مكان ووقت معين وألا يكون الغرض منها أن يراها الناس فقط، ومع ذلك هناك طرق أخرى للتعبير عن المشاعر والأهم أن يكون الحب ليس لافتات وأقوالا ولكن أفعال وتصرفات. كما لاقت الفكرة إعجاب إحداهن قائلة: إنها تعبر عن مدى الحب والحرص على الاعتذار أمام الناس فهو شىء يشعرنى بالسعادة ويجعلنى أشعر بأهميتى لدى هذا الشخص. بينما جاء اعتراض إحداهن قائلة: إن اللجوء الى الإشهار بالحب أو الخصام فى العلن يفقده الخصوصية وأنه لا يصح أن تكون الحياة العاطفية والزوجية مباحة يحكم عليها الناس.. أنا أرى أن معظم هذه اللافتات تكون مجرد لافتات للفت الانظار والشهرة ولا تعبر عن صدق المشاعر الحقيقية ومع ذلك فإنها تلقى إعجاب العديد من الفتيات!.