فجأة أصبح أحمد داوود أوغلو شخصا غير مرغوب فى ديمقراطية الحاكم الأوحد رجب طيب أردوغان الذى يسعى إلى تغيير نظام الحكم فى تركيا من النظام البرلمانى إلى النظام الرئاسى لتصبح كل صلاحيات الدولة ملك يديه وحده. ولأن الديمقراطية فى نظر أردوغان مجرد نوتة موسيقية يمكن تغيير ألحانها كلما اقتضت الضرورة ذلك فقد أوعز أردوغان لأنصاره ومنافقيه أن يتطاولوا على أوغلو رئيس الحزب ورئيس الحكومة وأن يتهموه بالتآمر ضد أردوغان. لم يشفع لأوغلو أنه عمل لعدة سنوات مستشارا لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ووزيرا للخارجية وأنه كان أهلا للثقة لكى يرتقى إلى رئاسة الحزب ورئاسة الحكومة وفوجيء الجميع بانقلاب ناعم يقوده أنصار أردوغان وهو ما اضطر داوود أوغلو إلى إعلان تنحيه والدعوة لاجتماع طارئ لحزب العدالة والتنمية لاختيار رئيس جديد بديلا له.. وكل شيء بالديمقراطية وتحت راياتها التى تسبح بحمد الحاكم الأوحد. ديمقراطية الحاكم الأوحد فى تركيا التى تغلق الصحف وتحبس الصحفيين تجرى منذ أسابيع عملية غسيل دماغ للرأى العام التركى بأنه لا توجد خلافات أو صراعات داخل حزب العدالة والتنمية وإنما الأمر يتعلق بترتيبات واستحقاقات سياسية ودستورية تنهى ازدواجية السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء! ديمقراطية الحاكم الأوحد فى تركيا هى التى أزاحت من أمام أردوغان كل وجه سياسى بازغ يوحى باحتمال تنامى وتزايد شعبيته فى الرأى العام التركى... ويعزز من صحة هذا التحليل مراجعة قائمة طويلة ممن جرت إزاحتهم فى السنوات الأخيرة رغم أنهم كانوا من المقربين جدا لأردوغان وفى مقدمتهم عبد الله جول وبول إرنيش وعلى بابا جان وأخيرا أحمد داوود أوغلو. ديمقراطية الحاكم الأوحد فى تركيا لا تسمح لأحد أن يسائلها حول الأسباب الحقيقية لإزاحة الكوادر السياسية تباعا... وتلك علامات بداية النهاية ليس لأردوغان وإنما هى بداية النهاية لحزب العدالة والتنمية المرشح لمزيد من انخفاض شعبيته والتى ظهرت مؤشراتها فى الانتخابات الأخيرة عندما لم يحصل فى الجولة الأولى سوى على 40% من الأصوات واضطر للدعوة لانتخابات جديدة حصد خلالها 49% من الأصوات.. وياللمفارقة أن يكون داوود أوغلو هو اللاعب الأبرز فى هذه الانتخابات وصاحب الفضل فى إعطاء حزبه قبلة الحياة الأخيرة. خير الكلام: ليس للنمرود وعود وليس للطاغية قيود ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله